العدد 5227 - الأربعاء 28 ديسمبر 2016م الموافق 28 ربيع الاول 1438هـ

صوتك.. وسيلتك للتواصل!

في ظل حياتنا ذات النغم المتسارع، والأحداث المتلاحقة وغمرة خوضنا في مضمار الحياة قد نغفل عن أمور كثيرة تخص الصحة والسلامة ولا ننتبه لعواقب الأمور إلا بعد حدوث مشكلة ما.

فنحن نستخدم صوتنا بشكل يومي ومتواصل، للتعبير عن حاجاتنا، رغباتنا، اعتراضنا وانتقاداتنا.

فماذا لو تعرض صوتك لوعكة صحية أعاقت عمله المعتاد؟

وماذا لو تغيرت هوية ذلك الصوت ليصبح صوتاً جديداً لا يمت لك بصلة؟

ماذا لو صار صوتك يعرقل تواصلك مع الآخرين؟

هل تعلم أن هناك أخصائي يُعنى بشكل خاص ومؤهل علمياً وعمليا للتعامل مع إضطرابات الصوت على وجه التحديد؟!! نعم، يمكنك تفادي تناول كم هائل من الأدوية في سبيل استرجاع صوتك وذلك عند رجوعك لأخصائي اضطرابات ومشاكل الصوت.

وقبل أن نتطرق بشكل موسع إلى مشاكل الصوت ومتى تحدث وغيرها من الأسئلة، سنتحدث عن كيفية إنتاج هذا الصوت الذي نستخدمه بصورة يومية من غير أن ننتبه لهذه العملية المعقدة والمركبة.

يمر الصوت بمراحل عدّة قبل أن يُنتج وأولها مرحلة الشهيق. ويتم ذلك بأخذ الهواء من الأنف ليمر بالتجويف الأنفي ثم البلعومي مرورا بالقصبة الهوائية إلى الرئتين. الآن صار لدينا المصدر الأول لتكوين الصوت و هو الهواء. يلي الشهيق عملية الزفير و هو خروج الهواء من الرئتين مرة أخرى ليمر بالقصبة الهوائية ويصل إلى الحنجرة أو الــ Voice box.

تعتبر الحنجرة المصدر الرئيسي لتكوين الصوت حيث تحتوي الحنجرة على الحبلين الصوتين الذين يمر الهواء من خلالها فيتذبذبان محدثان ترددات أساسية. هذه الترددات هي البصمة التي تميز صوتي عن صوتك وصوت أختك عن والدتك.

يتراوح معدل الذبذبات عند النساء ما بين 150-250 هرتز وعند الرجال ما بين 180-100 هرتز. بعد ذلك يمر الصوت عبر تجاويف متعددة مثل تجويف البلعوم وتجويف الفم والأنف. هذه التجاويف مسؤولة عن تثبيط أو تعزيز الترددات الأساسية حيث نحصل على خاصية أخرى للصوت وهي خاصية الرنين. هذه الخاصية تضيف للصوت ميزة أخرى تجعل فيها صوت المنشد أ مميز عن المنشد ب. بعد هذه الجولة يكون الناتج صوت صافٍ، وحتى يتحول هذا الصوت للكلام الذي نستخدمه للتواصل في حياتنا اليومية، يجب أن يمر بأعضاء النطق المختلفة منها الثابتة أو المتحركة كاللسان، الشفتين، الأسنان، الفكين، سقف الحلق اللين والصلب.

كيف تحدث مشاكل الصوت؟

مشاكل الصوت متنوعة ومتعددة ويمكن تقسيمها إلى الأقسام التالية:

مشاكل الصوت الناتجة عن سوء الإستخدام والفئة الأكبر المعرضة لهذا النوع من مشاكل الصوت هم مستخدمي الصوت مثل المدرسين، المنشدين، الرواديد، المعلقين، وغيرهم.

مشاكل الصوت التي تنشأ بسبب الخضوع لعمليات جراحية مثل عمليات الغدّه الدرقية.

مشاكل الصوت ذات المنشأ النفسي.

مشاكل الصوت ذات المنشأ العصبي والتي تصاحب الأمراض مثل مرض باركنسون والتصلب اللويحي وغيرها من الأمراض العصبية.

مشاكل الصوت التي تكون منذ الولادة مثل التكيس الحنجري الرغامي.

ومن المهم قبل معالجة مشكلة الصوت معرفة السبب الناتج منها. ففي بعض الحالات يكون التدخل الجراحي أو الدوائي ضرورة قبل اللجوء إلى جلسات علاج الصوت. أما النوع الأول من مشاكل الصوت فيكون العلاج برّمته لدى أخصائي الصوت وقد لا يحتاج الموضوع لتدخل جراحي أو دوائي إذا أمكن السيطرة عليه.

كيف يتم تقييم الصوت وما الأدوات والأجهزة المستخدمة لذلك؟

قبل عملية التقييم، المريض هو أول من يلاحظ التغير الذي يطرأ على صوته ومنها بحة الصوت، خشونة الصوت، نعومة الصوت عند الرجال، صوتا أجش أو مخنوق. وعادة يكون أخصائي الأذن والأنف والحنجرة هو وجهة المريض الأولى الذي يقوم بتنظير الأحبال الصوتية بالتعاون مع أخصائي الصوت لتحديد الخلل العضوي الذي طرأ على الحنجرة والحبلين الصوتيين. وتتم عملية التنظير باستخدام المنظار المرن عبر الأنف أو المنظار الصلب عبر الفم بناء على استجابة المريض.

ومن خلال عملية التنظير يمكننا تحديد المشكلة العضوية كما أشرنا، فقد تكون عبارة عن نتوءات صغيرة تظهر على الحبليين الصوتيين، أو تورمات. ويتبين لنا إن كان شللاً في الحبل الصوتي أو نزيف، نمو ورم حميد، استخدام الأحبال الصوتية الكاذبة وغيرها من المشاكل الأخرى.

المرحلة الثانية من التقييم تتم عبر التحليل الصوتي ويتم ذلك بأخذ عينة صوتية للمريض عبر المايك وتحليلها عبر برامج مخصصة لتحليل الصوت .(Acoustic analysis)

هذه البرامج توفر لنا قراءات دقيقة ومقاييس محددة للصوت تساعدنا على متابعة تطور المريض من جلسة لأخرى، حيث تعطينا قراءات للترددات الأساسية نسبة الصوت النقي الواضح إلى النشاز، تماثل تكرار الموجات الصوتية أو عدم تماثلها من خلال نسبة مئوية دالّة، تماثل علو الموجات الصوتية أو عدم تماثلها، معدل علو الصوت وغيرها من المقاييس.

أشرنا أعلاه إلى أن المصدر الأول للصوت هو عبارة عن الهواء الزفيري الناتج من الرئة، إذا من المهم أن يتم تقييم الديناميكا الهوائية المتعلقة بعملية التنفس والتي ترتبط بإنتاج الصوت (Aerodynamic assessment). ويتم ذلك من خلال أجهزة متخصصة يتم من خلالها قياس ضغط الهواء الذي يتكون تحت الحبليين الصوتيين اللازم لإنتاج الصوت، حجم الهواء المار بين الحبليين، سرعة مرور الهواء بينهما، أقصى مدة تصويت، مقاومة الحبليين الصوتيين للهواء الناشئ أسفلهما وغيرها. كل هذه المقاييس ترشدنا إلى مكان الخلل تحديداً وبالتالي وضع الخطة العلاجية المناسبة ومتابعة التحسّن من جلسة إلى أخرى.

لماذا تظهر مشاكل الصوت عند مستخدمي الصوت أكثر من غيرهم؟

نتيجة الإستخدام الخاطئ للصوت نرى أن أغلب المدرسين، المنشدين، الرواديد، المدربين، المعلقين وغيرهم يعانون من مشاكل متكررة في الصوت، الأمر الذي يهدد مستقبلهم الوظيفي وأدائهم بشكل عام. يجب التنويه إلى المقولة التي تقول: “درهم وقاية خيرا من قنطار علاج”. فعليهم حضور ورش العمل التي تهدف إلى زيادة وعيهم بكيفية المحافظة على أصواتهم عن طريق:

- استخدام تقنيات الكلام والتنفس الصحيحة.

- شرب كميات مناسبة من الماء لا تقل عن لترين يوميا.

- التقليل قدر المستطاع من المشروبات المحتوية على الكافيين.

- تجنب النحنحة كوسيلة لتصفية الصوت.

- تجنب التنفس عبر الفم .

- إحماء الصوت قبل الإستخدام.

- تجديد النفس أثناء الكلام المتواصل.

- عدم الشد على الحنجرة كوسيلة لزيادة علو الصوت.

- عدم الصراخ المفاجئ والعشوائي.

- التأكد من عدم وجود ارتجاع مريئي للأحماض وأخذ العلاج والإرشاد المناسب في حال إصابة الشخص بالإرتجاع.

كثير من الأشخاص يطرحون السؤال التالي، أنا مدرّس من 15 سنة و لم تظهر المشكلة إلا خلال الشهرين الماضيين!

لا تنسى بأن صوتك جزء منك، وكما يتعرض جسدك لتغيرات متعددة مع التقدم في العمر، كذلك صوتك كلما تقدمت في العمر تطرأ عليه عدد من التغيرات نتيجة التحولات التشريحية للأحبال الصوتية، حيث يتغير تركيب الأنسجة والأغشية التي تغطيهما لتصبح أكثر جفافا، كما تقل نسبة الكولاجين والألياف العضلية وتقل مرونتهما. لذا صوتك يتغير بصورة تلقائية مع التقدم في العمر. لا تقلق فهذه عملية طبيعية. فقط اتبع الإرشادات المُوصى بها وراجع أخصائي الصوت لمزيداً من التدريبات التي تساعدك على المحافظة على صوتك. فصوتك في هذه المرحلة أكثر عرضة للإصابة بطبيعة التغيرات التي ذكرناها.

حاولتُ في هذا العرض المختصر ذكر أهم النقاط الرئيسية التي تهم أغلب شرائح المجتمع بما يخص صحة وسلامة الصوت. أودّ أن أختم حديثي بتذكير الجميع بأهمية أصواتنا كوسيلة فعّالة وهويّة شخصية لكل فرد فينا.

حافظوا على أصواتكم.

العدد 5227 - الأربعاء 28 ديسمبر 2016م الموافق 28 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً