جوزيف بلاتر وميشيل بلاتيني وفولفانج نيرسباخ، ثلاثة من القيادات ذات العيار الثقيل في كرة القدم العالمية أطيح بهم من مناصبهم في 2015 في فترات زمنية متقاربة لا تتخطى الأسابيع، بسبب فضائح فساد ضربت اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
وعوقب الثلاثي بالإيقاف بعد ذلك، ليبدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا)، واتحاد الكرة الألماني اختيار رؤساء جدد وهم: جيان إنفانتينو وألكسندر سيفرين ورينارد جريندل على الترتيب.
وإذا كانت التغييرات على مستوى القيادات من المفترض أن تجلب معها إصلاحات في الفيفا واليويفا والاتحاد الألماني، فإن هذه الإصلاحات لا مردود لها حتى الآن.
وفيما يلي نعرض المواقف المتباينة لكل اتحاد من هذه الاتحادات والظروف المحيطة بكل منهم: - الفيفا: إرهاصات الرحيل: ضربت العديد من الفضائح الاتحاد الدولي لكرة القدم، وسقط العديد من قياداته، أبرزهم بلاتر، الذي دفع مبلغا ماليا وصل إلى ملايين الدولارات لنائبه، الفرنسي، ميشيل بلاتيني، الذي كان يعد وريثه الشرعي في منصبه.
وكادت تلك الأزمات، التي أطاحت ببلاتر، أن تدمر الاتحاد بشكل كامل، ثم جاءت التحقيقات القضائية، التي أجريت مع قياداته في الولايات المتحدة، لتثير الكثير من التساؤلات حول مستقبله.
تغيير السلطة: حتى يوم الانتخابات، التي عقدت خلال اجتماع الجمعية العمومية للفيفا (كونجرس الفيفا) في 26 شباط/فبراير الماضي بمدينة زيوريخ السويسرية، كان الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة هو أقرب المرشحين للفوز بالمنصب، ولكن إنفانتينو ألقى خطابا مثيرا في ذلك اليوم، وعد خلاله بزيادة التدفقات المالية للاتحادات الوطنية.
وبالفعل تمكن المسؤول السويسري، الأمين العام السابق لليويفا، من الفوز بالمنصب وخلافة مواطنه بلاتر على عرش الفيفا.
التطلعات: ارتكب إنفانتينو العديد من الأخطاء في البداية كسفره إلى روسيا على متن طائرة خاصة، وهو ما أثار انتقادات واسعة ضده، لكونه يتعارض مع وعوده بترشيد النفقات، كما تسبب في استقالة دومينيكو سكالا، رئيس لجنة التدقيق والامتثال في الفيفا.
ويتعين على إنفانتينو، الساعد الأيمن لبلاتيني في الماضي، الاجتهاد كثيرا من أجل ترسيخ صورته كأحد المجددين، فهو يهدف بالفعل إلى تطوير الفيفا من خلال خريطة طريق تحمل أفكارا مبتكرة.
ولكن ورغم ذلك، لا تزال فكرته المثيرة للجدل بزيادة عدد المنتخبات المشاركة في بطولة كأس العالم هي مشروعه الأكبر والأهم. - اليويفا: إرهاصات الرحيل: بدا خلال فترة طويلة من الزمن أن الأوروبيين في طريقهم للقضاء على أزمات القيادة في كرة القدم، ولكن أثناء قيامهم بهذه المهمة أصابوا الرئيس بلاتيني في مقتل.
وفي الوقت الذي صعد فيه إنفانتينو إلى سدة الحكم في الفيفا بقي اليويفا بدون قيادة.
ورغم ذلك ظهرت القوة المؤثرة للجانب الإداري والتنظيمي وهو ما انعكس إيجابيا على تنظيم بطولة كأس أمم أوروبا الأخيرة "يورو 2016"، الذي جاء رائعا في ظل هذا الظرف الدقيق للاتحاد الأوروبي.
تغيير السلطة: كان الهولندي مايكل فان براج هو المرشح الجاد الوحيد لمنصب رئيس اليويفا، ولكن سيفيرين ظهر بقوة في المشهد الانتخابي مدعوما من الاتحاد الكروية للدول الإسكندنافية، أو ربما كان لموسكو دور في هذا الأمر عن طريق الرجل القوي فيتالي موتكو، وزير الرياضة في الحكومة الروسية، أو بسبب انحياز الاتحاد الألماني لكرة القدم، أكبر اتحادات الكرة في العالم، للمسؤول السلوفيني، لتحسم هوية رئيس الفيفا بشكل قاطع في 14 أيلول/سبتمبر الماضي بالعاصمة اليونانية أثينا.
التطلعات: لا يزال سيفيرين بحاجة إلى أن يبرهن على ما يمكن أن يقوم به وعلى أنه ليس رجلا هشا، فهو لا يتمتع بسمعة القيادي الإصلاحي بعد.
وتبقى المشكلة الأدق للرئيس الجديد لليويفا تدور في فلك الصراع بين الاتحادات الصغيرة والدوريات الكبرى في القارة العجوز حول طريقة توزيع المبالغ الممنوحة للفرق المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا، الأمر، الذي يشكل صداعا مؤرقا للاتحاد الأوروبي.
- الاتحاد الألماني لكرة القدم: إرهاصات الرحيل: تحطمت سمعة فولفانج نيرسباخ على صخرة الفضيحة الأخلاقية، التي أثارها فوز ألمانيا المثير للشبهات بتنظيم مونديال 2006 .
ولم يكن الألمان بعيدين عن الاضطرابات، التي ضربت مواقع القيادة والسلطة في الكرة العالمية، حيث جاءت فضيحة الفوز بتنظيم مونديال 2006 لوضع نهاية للقصة الخرافية للرجال الشرفاء أصحاب المجهود الرفيع في ترتيب أوراق ملف الترشح.
تغيير السلطة: وقفت اتحادات الهواة في ألمانيا وراء جريندل كمرشح لهم، في ظل غضب عارم اجتاح الكرة الألمانية، التي لم يبق لها خيار سوى هذا الرجل، في ظل هذه الأزمة الطاحنة، التي نأى الجميع عن إقحام نفسه فيها، ومن ثم آثروا عدم الترشح.
وتم التصويت لصالح جريندل بأغلبية ساحقة في 15 نيسان/أبريل الماضي، قبل أن يتم اختياره بالإجماع مرة أخرى لولاية كاملة في تشرين ثان/نوفمبر 2016 .
التطلعات: يحاول جريندل بشكل جدي تغيير صورة الكرة الألمانية، التي تضررت كثيرا، ولكن الأدلة المتجددة ضد الأيقونة فرانز بيكينباور وعلاقته بجرائم فساد وقعت خلال سعي ألمانيا إلى الفوز بمونديال 2006، تحول بينه وبين طي صفحة الماضي.