السينما في لبنان باتت موضة أخيراً، وهذا يعني أن شبابها مهتمون جداً بإنجاز مشاريع عديدة، ليست أمورها ميسرة دائماً، لكن ميزانية الـ 300 ألف دولار، تستطيع إنجاز فيلم تجاري باسمين معروفين وشلة من الكومبارس مع نص أشبه بالحكايات التي تروى للصغار قبل النوم.
المشكلة التي تواجهها الأفلام بعد عرضها في بيروت، هي في السوق العربية الضيقة لأن العديد من الدول الشقيقة ليس عندها صالات سينما كالسعودية مثلاً، لذا يجري التركيز على الإمارات العربية المتحدة وصالاتها الحديثة وانعكاس تأثير مهرجان دبي السينمائي الدولي على مزاج حب السينما منذ سنوات، بعدما ظل الكاسيت ثم السي دي مهيمنين كل الوقت على تعاطي الخليجيين عموماً مع الأفلام أياً كانت المغريات المتوافرة.
وتبين أن عدد الصالات من الدرجة الأولى يقارب الـ 140 في لبنان، والوعد بـ40 أخرى في القريب المنظور رغم كثرة الكلام عن أزمات اقتصادية هنا وهناك، وبالتالي فإن الاندفاعة صوب تصوير أفلام جديدة في حالة جيدة، وتبين أن أفلاماً عديدة ذات شأن وجادة نسمع عنها حتى نحن المهتمين بالفن السابع ولا نراها، ومنها ما صوره هادي زكاك، وإليان الراهب، وغيرهما من المخرجين، وما زلنا على أحر من الجمر للاطلاع عليها، لكننا شاهدنا جديد روي ديب الأخير «بيت الشاطئ»، والذي يتحدث عن الشذوذ عند الرجال، وهو صدم جمهوراً عريضاً واكب شاذيْن من مجتمعه على الشاشة.
لأسد فولادكار مشروعان للشاشتين وفيلم ما زال يعرض ويتبارى في أكثر من منطقة في العالم. «بالحلال» أنتجه صادق الصباح، في طرح كوميدي مبسط لزواج المتعة، وتم التعاون مع ميرنا مكرزل، علي السموري، دارين حمزة، رودريغ سليمان، زينب هند خضرا، حسين مقدم، وفاديا أبي شاهين. بالمقابل كانت اللبنانية المقيمة والعاملة في باريس دانييل عربيد تحكي سيرتها الشخصية منذ وطأت أرض فرنسا، راصدة كل الأجواء السلبية التي واجهتها طوال سنوات قبل أن تستقر مخرجة وكاتبة سيناريو، ولم تكن محرجة أبداً في عرض علاقاتها العاطفية المتعددة، ووقوعها في إفلاسات مختلفة، كل هذا في شريط بعنوان«باريسية» أسندت دانييل شخصيتها فيه إلى الشابة منال عيسى، التي اختارتها من بين 600 فتاة، ولعبت الدور أمام ديما ودارينا الجندي، وليد زعيتر، فنسنت لاكوست، داميان شابال، بول هامي، ودومينيك بلان، والشريط مشغول على الطريقة الغربية في التقطيع وتتابع الأحداث، وإدارة الممثلين خصوصاً منال عيسى الخامة التمثيلية المطواعة في الأداء.
وشهدت الأسابيع الأخيرة من العام 2016 تجربة تجارية جيدة أطلقتها الكاتبة والمنتجة نبال عرقجي، مع فيلم «يللا عقبالكن شباب» إخراج شادي حنا، الذي أدار فريقاً متناغماً خدم القضايا والمشاكل التي طرحت في سياق الأحداث، مع بديع أبو شقرا، ندى أبو فرحات، دارين حمزة، جوليا قصار، مروى خليل، طلال الجردي، فؤاد يمين، دوري السمراني. كوميدراما جاذبة حقيقية عفوية وصادقة وهو مناخ قلما تعودناه في أفلامنا، ويمكن اعتباره نموذجاً مثالياً حين الكلام عن الفيلم الناجح تجارياً ونقدياً، وفق تقرير لصحيفة "الراي" الكويتية أمس الاربعاء (28 ديسمبر/ كانون الأول 2016).
ومع حالة مناقضة لما سبق، طُرح شريط «ماكس وعنتر» نص وإخراج عماد جندلي الرفاعي، إنتاج صبحي سنان، حيث «الجنازة حامية والميّت كلب» مع الموهوب إيلي متري، سانتيا خليفة، علي منيمنة، مجدي مشموشي، سعد حمدان، دومينيك حوراني، إضافة إلى كلب ضخم لفت الانتباه في حفل الافتتاح أكثر من أبطال الفيلم، وعرف عشرات الصور التذكارية من جمهور المعجبين، وهو لم يصمد كثيراً في دور العرض.
وقدّم المنتج نفسه صبحي سنان شريطاً تجارياً آخر كان أشفى حالاً من «ماكس وعنتر»، عنوانه «welcome to Lebanon» للمخرج السوري سيف الشيخ نجيب، عن نص لمحمد السعودي، لعب شخصياته شيرين أبو العز، فيفيان أنطونيوس، كارلا بطرس، طارق تميم، وسام صباغ، وإبنه جاد، وبيار جمجيان. أجواء كوميدية سريعة وموضوع إغترابي تم تناوله على طريقة أعمال أبو سليم الطبل.
وفي تجربة سينمائية أولى مع الفيلم الطويل، أخرج الشاب كريستيان أبوعني «تلّتت» عن سيناريو لكلود أبو حيدر، عن عاطفة لا تكتمل، وصوت جميل لمنال ملاط، وفي التمثيل أيضاً جوي كرم، طوني عيسى، كارمن بصيبص، وليد العلايلي، شربل زيادة، وسمارة نهرا. الشريط مريح وممتع. وجرّب المنتج وروان حداد الشاشة الكبيرة بعد الصغيرة، في فيلم«لأني بحبك» مراهناً على الوجهين وسام صليبا وكريستينا ومعهما فاكهة الأفلام هشام حداد الذي يضفي ظُرفاً خاصاً أينما حل.
تبقى في جردة الأفلام اللبنانية التي ظهرت عام 2016، عرض مسرحية زياد الرحباني «فيلم أميركي طويل» على الشاشات المحلية، خصوصاً وأنه يحمل عنواناً سينمائياً جاهزاً، وفيه مع زياد، جوزيف صقر، رفيق نجم، كارمن لبس، بيار جمجيان، بطرس فرح، ومحمد كلش، في إنتاج تولاه إيلي خوري. ويبقى القول إن السينما اللبنانية بدأت تشكّل حضوراً يتطور ببطء، سعياً وراء تحولها إلى صناعة.
زهرة حلب
أما عربيا، فإنه لا ريب في أن التطورات المتسارعة في المنطقة أثّرت على مجمل النتاج السينمائي، وظهر ذلك جلياً في المهرجانات ومنها دبي الذي منح مثلاً نصف جوائزه لأفلام لبنانية والباقية كانت عربية بامتياز، لكنها خافتة هامدة بما يعني أن خريطة الإنتاج بدأت تتحول وترسم معالم جديدة، وها هي تونس تعيد سيرتها الأولى عبر العديد من النماذج التي عرفت فوزاً عالمياً، مثل «على حلة عيني» لليلى بو زيد، و«آخر واحد فينا» للمخرج علاء الدين سليم، وصولاً إلى الفيلم الأجمل حتى الآن «زينب تكره الثلج» للمخرجة كوثر بن هنية، ليصل قطار الأفلام إلى رضا الباهي وفيلمه الأخير «زهرة حلب»، في بطولة ومساهمة في الإنتاج لهند صبري من خلال أجرها.
في المقابل لوحظ أن مصر تعتمد على مخرجيها الشباب يتقدمهم محمد دياب، الذي استطاع بكل بساطة أن يقدم درساً سينمائياً متميزاً، يؤكد أن التغيير هو الطريق الأسلم للسينما المصرية لكي تعبر من نفق المقاولات العالقة فيه منذ عامين، أي منذ خروج مصر من أوضاعها المتهالكة، والتخفيف من عبء الأفلام التجارية، التي تؤخر إنتاجها الجاد المتميز. دياب قدم «اشتباك» الذي تبارى في مهرجان كان ضمن تظاهرة «نظرة ما»، عن عربة ترحيلات تغص بالموقوفين من المواطنين المصريين من جميع المشارب المصرية موالاة ومعارضة، يعني شرائح من مصر كلها قيد الاعتقال، وبالتالي كان على المخرج تحريك كاميراه في مساحة ثمانية أمتار مربعة فقط وهذا يتطلب حرفية دقيقة في العمل على مدى وقت الفيلم.
ودخل على الخط آخر ما صوره الفنان الراحل نور الشريف «بتوقيت القاهرة» بإدارة الشاب أمير رمسيس، ومعه ميرفت أمين، سمير صبري، شريف رمزي، أيتن عامر، وكندة علوش، وفكرة جديدة عن نص له تقول إن من الضروري أن يتم تطليق أي ممثلين يعقدان قرانهما في أي فيلم يصورانه معاً، بعد التصوير. ومن هذا القياس مخرج الإعلانات والكليبات هادي الباجوري الذي أخرج عدداً من الأفلام آخرها «هيبتا المحاضرة الأخيرة» عن نص لمحمد صادق عن رواية له، كتب لها السيناريو وائل حمدي، عن محاضرة تتمحور حول كيفية حصول الحب، مع ماجد الكدواني، عمرو يوسف، ياسمين رئيس، أحمد مالك وجميلة عوض.
وفي هذا الإطار عاد المخرج هاني خليفة بشريط «حبيبي سكر مر»، عن نص لمحمد أحمد عبد العاطي، في أجواء شبابية لاهية، تدور أحداثها بين عامي 2009 و2013 عن 5 شباب وخمس بنات في علاقات تؤدّي في معظمها إلى الزواج، ومن ثم الطلاق، مع أحمد الفيشاوي، أيتن عامر، شيري عادل، سارة شاهين، عمر السعيد، ناهد السباعي، هيثم زكي، أمينة خليل، نبيل عيسى، كرم فهمي، فاطمة ناصر، وأمايا. وفي نموذج آخر يحضر الفيشاوي الإبن ومعه شيرين رضا في دورين رائعين ضمن فيلم لمحمود كامل بعنوان «خارج الخدمة»، عن نص لعمر سامي، عن مدمنين في منزل واحد، وفي الفيلم كريم محمود، مي الأعصر، أحمد ثابت، محمد فاروق شيبا، شيرين عبد الواحد.
وفي سياق الجديد الذي يراهن على مادة سينمائية مختلفة، ظهر فيلم «البر التاني»، وهدف منتجه وبطله محمد علي، التحذير من مخاطر الإبحار غير الشرعي مع وعود بالوصول إلى إيطاليا والقدرة على دخولها بسلام. الفيلم للمخرج علي إدريس، عن نص لزينب عزيز، دفع الممثل محمد علي إلى التضحية بـ27 مليون جنيه مصري، لإنجاز فيلم يحمل رسالة، معه عبد العزيز مخيون، عفاف شعيب، حنان سليمان، عمرو القاضي.
ونبقى في مصر لرصد شريط يسري نصرالله «الماء والخضرة والوجه الحسن» مع ليلى علوي، منة شلبي، باسم سمرة صاحب فكرة الفيلم. ويدخل في المجموعة ما صوره هاني أبو أسعد عن سيرة المغني محمد عساف، وهو فيلم جميل وناجح، وهناك شريط «المدينة» للمخرج الأردني عمر شرقاوي الذي يلعب البطولة، لكنه يقدم صورة سلبية عن الوضع في بلده بتمويل أردني دانماركي.
سينما عالمية
في السينما العالمية، يبقى الكبار المخضرمون هم صنّاع تميز سينما اليوم والغد المنظور، وفي هذا السياق استطاع وودي آلن وقد تخطّى الثمانين تقديم الشريط الجميل «Café Society» مبدعاً كما عادته منذ أيام الشباب وهو الممثل والكاتب والمنتج والمخرج، والحال إياها تنطبق على كلينت إيستوود المتقدم جداً في السن ومع ذلك يعتبر أن السينما هي ميزان عمره وسر شبابه، لذا أعاد تصوير أحداث الطائرة التي هبطت اضطرارياً فوق نهر الهودسون في «Sully»، أما النجم ميل غيبسون، فقد وقّع رائعة سينمائية بعنوان «Hacksow Ridge» عن الجندي الذي رفض حمل السلاح في الحرب الثانية.
إنها أشرطة حققت في مواجهة أفلام الخيال العلمي وآخرها «passengers» مع جنيفر لورانس أعلى الإيرادات، وتجاوزت الأرقام العادية إلى أرباح خيالية فعلاً، والأفلام الكوميدية ومنها ما يزال حديث العهد على الشاشات العالمية «why him» مع جيمس فرانكو، في دور يحسب له مع فترة ما قبل نهاية العام. وكان لأفلام الرعب والترقب مكان على خريطة العام المنصرم، واحتل شريط «don’t breathe» للمخرج الأوراغواي فيد ألفاريز الطليعة، مع الممثل الرائع في دور الأعمى الذي يقاتل بشراسة دفاعاً عن نفسه وماله ستيفن لانغ.
وحضر التاريخ مع الألماني العتيق وارنر هيرتزوغ و«ملكة الصحراء»، الذي صوّره في المغرب بميزانية 15 مليون دولار على مدى ثلاثة أشهر، في بطولة لنيكول كيدمان في مواجهة ثلاثة رجال داميان لويس، جيمس فرانكو، وروبرت باتنسون، عن الرحالة البريطانية جيرترود بل. وشكّل حضور كيدمان عنصر ثقل في الفيلم. وكبير آخر خلف الكاميرا هو الأرميني أتوم أغويان في العمل القوي والمؤثر «remember»، مع الممثل الكندي الرائع كريستوفر بلامر في شخصية يهودي يطارد النازيين في أميركا، يذهب للبحث عن ضابط مخابرات نازي لاغتياله، لنكتشف أنه هو نفسه الضابط المقصود، وأن هو أيضاً نازي هارب وقد تخفّى تحت اسم يهودي مستعار وهرب من ألمانيا بعد الحرب في توليفة رائعة.
ومثل هذا الجنون أيضا في الشريط الجميل «desierto» للمخرج جوناس كوارون، وخيار موفق جداً لجيفري دين مورغان في دور القناص الذي يهتم بقتل أكبر عدد من المكسيكيين الذين يعبرون الحدود إلى أميركا بطرق غير شرعية، ليُقتل لاحقاً وحيداً في الصحراء من دون سيارة تقله، أو كلب يحرسه أو مؤونة تغذي.
ومن الأعمال المحبوكة جيداً مع سيد الكاراكتر الإنكليزي جيريمي آيرونز، ومعه أحد أبرز الشباب في إنكلترا بملامح هندية ديف باتل، عن حياة روبرت كانيغال، بإدارة مات براون بعنوان «the man who know infinity». وتبدّل حال قصة «jungle book» لروديارد كيبلنغ، مع وجود الطفل نيل سيثي في دور موغلي، أمام بن كنغسلي، بيل موراي، وسكارليت جوهانسون، وهو جعل الجميع يصدقون أنه طفل غابات، بما يعني أن الكاستنغ كان موفقاً جداً في اختياره.
وتميزت الرومانسية بخصوصية حب نشأ بين شاب مقعد «سام كلافلن» وصبية جميلة «فانيسا كيربي»، تديرهما المخرجة تيا شاروك في «me before you»، وتميز الشريط الكوميدي الفرنسي «Un homme a la hauteur» مع جان دوجاردان. وبدا سبيلبيرغ رائعاً في ميدان الفانتازيا مع «The bfg» والممثل المدهش مارك ريلانس والصغيرة روبي بارنهيل.
عنوان الموضوع غريب وفيه تناقض، أفلام لبنانية وتفوق مغاربي وصورة من فيلم مصري.... شنو هالخلطة .... نحتاج عنوان مفهوم أكثر وصورة مناسبة ...
حطو صور شوي زيادة