من منا، زوجا أو أخا أو موظفا أو صديقا، ينكر أنه لم يلجأ إلى الخصام في حياته؟ أعتقد أن قلة منا هم ليسوا كذلك، أما أكثرنا وأنا ضمنهم طبعا، لم نتورع من استخدام هذه الآفة في علاقاتنا الاجتماعية حتى مع أقرب الناس إلينا، حتى بات الابن يخاصم أباه وأمه، والزوج مع زوجته والأخ مع أخيه والصديق مع صديق عمره، والجار مع أقرب جيرانه، وقيسوا على ذلك ما شئتم!
الكثيرون يلجأون إلى الخصام، كخيار أول عندما يحدث أي اختلاف أو خلاف بينه وبين الآخرين، نحن لا نتحدث عن مجتمع بعيد، نحن نتحدث عنا نحن البحرينيين، الذين يتشدق الكثيرون منا دائما بأننا سادة الأخلاق ورعاة الدين والقيم وأرباب العلم والأدب، ولكن أغلبنا يسقط في أول امتحان اخلاقي، رجل الدين قبل غيره، المثقف قبل الجاهل، وكأن كل ما نسمعه من مواعظ وحكم وقيم مكانها فقط على صفحات الكتب والألسن، أما على الواقع فالحال لا يعلمه إلا الله.
كثيرون منا يتحدثون عن ثقافة التسامح، ويطالبون بها مادامت تقدم لهم المكاسب، وتعطيهم رصيدا أمام الناس، ولكنك ما إن تقترب من سلوكه الشخصي مع أسرته وزوجته وأبنائه وجيرانه وأصدقائه واخوانه تجد أمامك شخصا آخر، ولا أستثني نفسي من ذلك، لأننا نحتاج أن نعترف بأننا نملك من العقد في نفوسنا وشخصياتنا الكثير، ومن يرد الخير عليه أن يبدأ بنفسه أولا، فليس الهدف أن نعاير بعضنا بعضا، أو أن نذم شخصا أو نقلل شأنه، بقدر ما مطلوب منا ألا نعيش حالات انفصام في شخصياتنا وذواتنا، بين ما نقوله ونؤمن به من قول كلام جميل وما نمارسه من فعل قبيح!
ترى كم من الأسر تدمرت بفعل هذا الخصام، وكم من زوجين افترقا بسببه، وكم من أخ هجر أخاه، وكم من صديق اعتزل صديق حياته منا، وعندما تبحث عن الأسباب تجد أن أغلبها كان يمكن حله لو أن النوايا صلحت وتوجهت لإيجاد الحلول بدل القطيعة، ألا نحتاج جميعا إلى أن نعود إلى رشدنا، وبياض قلوبنا حتى نصلح ما خربناه من كل جميل في حياتنا؟
نتشدق كثيرا، بأن الحياة قصيرة، وأنها أقصر من أن نقضيها في الخصام والفرقة، ولكننا ما إن نواجه مشكلة ما حتى مع أقرب الناس لنا، نلجأ في أغلب الأحيان إلى الخصام والقطيعة فورا، حتى بدون أن نستنفد كافة الخيارات المتاحة للإصلاح والتوفيق، بل يقوم البعض بتوريث ضغائنه إلى أبنائه، حتى لا يعرف هذا الإنسان لماذا خاصم ذلك!
إذا كنا نريد أن نقدم بصيص نور في مجتمعاتنا، فعلينا ألا ندفن رؤوسنا في التراب، علينا أن نعترف بكل تناقضنا ونواقصنا، على الأقل مع أنفسنا، ونؤمن واقعا أن الخصام لا يورث إلا الشر والمزيد من العناد بين النفوس والتباعد بين القلوب، ولا يعيد حقا ولا يؤخر باطلا، وأن طريق الصلح والخير أفضل من أي طريق آخر لنا، جعل الله قلوبكم وقلوبنا بيضاء دائما، ودمتم بحب.
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 5226 - الثلثاء 27 ديسمبر 2016م الموافق 27 ربيع الاول 1438هـ
اذا اصيدك فى هاده الزمن واحد ينصب عليك مستحيل تتكلم وياه حتى لو من اهلك او فريقك واذا صادق واحد من الاهل شايف فى روحه الافضل تركه والخصام هو الحل لهؤلاء اشكال لاكن لين واحد طيب اذا خاصمك تحن اليه وتصالحهه والله يهدى الجميع
علينا ان نهدأ من انفسنا ونسامح ما دمنا نستطيع ❤️
يا بو علي الناس ملت من التسامح ويرجع الغلط مرة ثانية فاختاروا الخصام عشان ما يعورون راسهم الله يسلمك بس. حتى البرد والمطر انتقلت لهم العدوى و خاصمونا .
إذا كان ما فهمت من سياق حديثك ومعناه صحيحاً، فإنني ارى ان مفردة خصام ليست دقيقة فهي تعني المزاحمة والمجادلة والتعادي والنزاع .. ربما المقصود هو "الهجر" وذلك مصداق لحديث نبوي شريف "لا تهجر أخاك فوق ثلاث ... الخ" ، ولكن في الهجر يكون احياناً نوع من الاصلاح و منح النفس فترة من الزمن لتعيد تفكيرها وتهدأ .. وتتعافى جراح وتطيب خواطر ..
وعلى قول تميم البرغوثي :
وما كل نفس حين تلقى حبيبها .... تُسرُّ ولا كل الغياب يضيرُها!!
تحياتي
احسنت قلت الصواب.