نشرت إسرائيل بطاريات من الصواريخ المضادة للصواريخ في القاعدة الجوية بلماشين قرب تل أبيب. تتشكّل الصواريخ من نوعين: الأول الباتريوت الأميركي، والثاني الآرو.
والفارق بينهما هو ان الباتريوت أُعدّ أصلا للدفاع ضد الطيران، وعدّل لاحقا لضرب وإسقاط الصواريخ البالستية. أما آرو، فهو من إنتاج إسرائيلي بتمويل أميركي، ومُعدّ أساسا كدرع صاروخي لحماية مسرح العمليات العسكرية.
كيف يعمل الدرع الصاروخي الإسرائيلي؟
نشرت «نيويورك تايمز» مقالا عن الموضوع بتاريخ 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2002 ذكّرت فيه بالحرب العربية - الإسرائيلية وشرحت الموضوع على الشكل الآتي:
1- تلتقط الأقمار الاصطناعية الأميركية إطلاق أي صاروخ على إسرائيل وتعطي الانذار لتل أبيب.
2- يقوم الرادار الإسرائيلي بالتقاط مجرى الصاروخ في مرحلة صعوده، ويحدد إحداثيات مكان الإطلاق، ليعطيها إلى الطائرات كي تضرب منصة الإطلاق.
3- تُطلق آرو على الصواريخ البالستية لتدميرها في الجو.
4- إذا فشل آرو في التدمير على علو مرتفع، يبقى باتريوت لتدمير الصواريخ على علو منخفض.
5- إن مدة طيران الصاروخ البالستي بين العراق وإسرائيل هي ما بين الـ 6 - 7 دقائق، ما يجعل إمكان تحذير السكان للنزول إلى الملاجئ ممكنا.
العالم يراقب، خصوصا المؤسسات التي تعمل في مجال الصناعات العسكرية، إذ تعتبر هذه التجربة رائدة في هذا المجال. فهي المرة الأولى التي يستعمل فيها صاروخ معد لتدمير الصواريخ البالستية. والنجاح قد يعني الكثير. العرب أيضا يراقبون. كذلك الأمر إيران. ما هو تأثير النجاح الاسرائيلي في هذا المجال؟
يعتبر الجيش الإسرائيلي من الجيوش الحديثة التي تعتمد على التكنولوجيا في خوض الحرب. وهو جيش مماثل في عقيدته، وتركيبته إلى حد كبير للجيش الأميركي. فهو جيش يستعمل الأسلحة الذكية، والحرب الالكترونية، وقد أدخل السلاح النووي في عقيدته العسكرية، ويملك منها أكثر من 200 رأس. وهو يعتمد على النوعية في مقابل الكمية.
ما هو تأثير نجاح التجربة مع الصاروخ آرو على المسرح الشرق أوسطي؟
هذا يعني ان إسرائيل حققت خرقا جديدا في المجال التكنولوجي واستعمالاته في المجالات العسكرية، وتعتبر هذه التجربة الأولى في هذا المجال، في حال نجحت. والنجاح يعني ان إسرائيل أصبحت مقصدا لشراء هذا السلاح، خصوصا من قبل أعداء العرب. ويعني مستقبلا، ربط الدولة المعادية للعرب في شبكة مشتركة للصواريخ المضادة للصواريخ، وأيضا يعني ان العرب أصبحوا متخلفين جدا عن اللحاق بإسرائيل في مجال التوازن الاستراتيجي. فهم أصلا كانوا متخلفين في المجالين، التقليدي منه وغير التقليدي (النووي)، وبالتالي فقد العرب قدرة ردعهم (الصواريخ البالستية) التي كانت أصلا معدة للتعويض عن النقص الحاصل على مستوى موازين الطيران الحربي.
إلى ذلك فقدت إيران أيضا قدرتها الردعية، وأصبحت كل مشروعاتها في هذا المجال متأخرة.
إن فقد العرب وإيران قدراتهم الردعية، مع عدم إمكان الحصول على النووي، يعني سهولة السيطرة الإقليمية لإسرائيل انطلاقا من القدس وحتى الهند. وشعور إسرائيل بأنها عصيّة على العرب، وهي محمية، يجعلها تخوض مغامرات عدة على حساب المصالح العربية. وقد تبدو المسألة الفلسطينية بعدها تفصيلا صغيرا ضمن الصورة الكبرى.
قد يسعى العرب إلى الحصول على المزيد من الصواريخ البالستية بهدف إغراق الجهاز الإسرائيلي (الاغراق الصاروخي) انطلاقا من مبدأ الكمية مقابل النوعية، لكن الأمر يبقــى في إمكان الحصول على المزيد من الصواريخ، في وقت يبدو فيه العرب كلهم تحــت «المجهـر الأميركي» بعد ضــربة 11 سبتمبر/ أيلول
العدد 36 - الجمعة 11 أكتوبر 2002م الموافق 04 شعبان 1423هـ