العدد 5222 - الجمعة 23 ديسمبر 2016م الموافق 23 ربيع الاول 1438هـ

صرح الميثاق الوطني يحتفي بأسر الشهداء

 

احتفى صرح الميثاق الوطني بيوم الشهيد من خلال تنظيم فعالية وطنية بعنوان: "الاحتفاء بأسر الشهداء" عرفاناً منه بالتضحية التي قدمها الشهداء فداءً للوطن، وذلك تلبيةً لدعوة عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى تخصيص يوم (17 من ديسمبر/ كانون الأول) يوماً للشهيد.

واحتفل الصرح بهذه المناسبة كل عام ليؤكد أنه لم ولن ينسى أبناء البحرين البررة من قدَّموا حياتهم في ساحات الشرف؛ دفاعاً عن أرضهم، وأنهم سيبقون خالدين في ذاكرة الوطن.

وقد تشرف الصرح في هذا اليوم (أمس السبت 24 ديسمبر 2016) بحضور أسر شهداء الوطن والسفير المغربي لدى مملكة البحرين أحمد رشيد الخطابي، إلى جانب كوكبة من الإعلاميين والفنانين والشعراء المعنيين بالشأن العام البحريني من مختلف الدول العربية.
وألقت مدير عام الصرح خولة المهندي كلمة عبرت فيها عن شكرها لوزارة الداخلية على تعاونهم مع صرح الميثاق الوطني، ووجهت تحية حب وفخر لأسر الشهداء قائلة: "أشكر وزارة الداخلية لحسن تعاونها مع صرح الميثاق الوطني في هذه المناسبة الهامة، كما أتوجه في هذا اليوم بتحية من القلب إلى أسر شهداء الوطن، فأسر الشهداء هم أهلنا الأعزاء وهم في قلوبنا دائما، وأطفالهم هم أطفالنا، وهذا الصرح لهو صرحكم وأبناؤكم ينتمون له، سيلعبون ويتعلمون معنا عبر المنظومة القيمية السامية للصرح، والتي تمثل قيمنا البحرينية العربية الإسلامية الإنسانية، وسيحتفل الصرح بإنجازاتهم ونجاحاتهم بإذن الله، فتحية لكم من الأعماق، ومن صرح الميثاق الوطني، تحية لأسر الشهداء العظام".
وتابعت المهندي قائلة: "إلى أسر الشهداء الأعزاء، لكل من فقد عزيزاً على قلبه، لا يوجد من يستطيع أن يشعر بألمكم هذا كما تشعرون أنتم به، ولكن نحن سنكون دائماً معكم بإذن الله، فلا تترددوا أبداً وأعلموا أن هذا الصرح هو صرحكم، نستضيف اليوم ثلاثة من المتحدثين الرائعين، وكل كلمة تقال هي موجهة لكم أنتم، هؤلاء الأفاضل الذين جاؤوا معنا اليوم يريدون أن يقولوا لكم إنهم معكم طوال العام، عندما تحتاجون إلى دعم نفسي أو دعم ديني أو أي دعم، جميعنا سنكون معكم".
وأضافت، وهي تتوجه بكلمتها إلى أبناء الشهداء: "أريد أن أقول لكم إنكم قدمتم لنا البهجة والفرح، هذا الصرح الذي أنتم فيه سينتظركم على مدار العام، فشاركونا أفراحكم ومشاكلكم، فنحن سنعمل على مساعدتكم في أية مشكلة قد تواجهونها، فمنا من هم أساتذة وعلماء دين وضباط وأمهات وآباء وجميعهم اليوم موجودون من أجلكم، وتذكروا أن البحرين تحبكم وإننا جميعاً لن نتخلى عنكم".

بعدها قدم النقيب خالد المران من وزارة الداخلية كلمة بمناسبة يوم الشهيد ألقى فيها الضوء على بطولات شهداء الواجب، وقال: "تفخر الأمم بتاريخها وبشهدائها الذين استحقوا أن تبقى ذكراهم ماثلة في الوجدان، محفورة في مفاصل التاريخ والواقع، ونوراً للمستقبل، وقد جاءت مبادرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بتخصيص (السابع عشر من شهر ديسمبر) يوماً للشهيد، وهو يوم تولي جلالته سلطاته الدستورية دليلا على كل معاني الوفاء والتقدير الوطني والاعتزاز بتضحيات شهداء الواجب الأبرار بعد أن جسدوا قيم الولاء والانتماء والشجاعة والفداء، كما نسجل وبكل تقدير وعرفان حرص واهتمام وزير الداخلية على تقديم كافة أوجه الرعاية لأبناء وأسر شهداء الواجب، وتقديم الدعم المعيشي والتربوي والصحي لأسر الشهداء، تقديراً لما قدموه من تضحيات كبيرة للوطن، إن يوم الشهيد يوم للبحرين كلها حاضرها ومستقبلها، ونؤكد لكم أن الوطن سيخلد في ذاكرته أسماء الشهداء، فيا أهل الشهداء الكرام لا تهنوا ولا تحزنوا فكل بيت بحريني يفتخر بأبنائكم البررة، فأي فخر أفضل من ذلك".
وتابع معبراً عن فخره بأسر الشهداء: "إن بشهدائنا تعلو الهمم، لتعانق عنان السماء، ولتجسد أسطر الشجاعة والمجد، فقد أدوا أعمالهم بكل صدق وإنسانية، وهاهم زملاؤهم ماضون على الدرب، إننا في هذا اليوم العظيم نستحضر تضحيات شهداء الوطن الذين سطروا أعظم البطولات، فأنتم فخر لنا وتاج على الرؤوس، إن بتضحياتكم نقف جميعاً وقفة إجلال واحترام لآباء الشهداء الذين غرسوا في أبنائهم حب الوطن، ولزوجات الشهداء اللاتي صبرن وعبرن عن فخرهن واعتزازهن باستشهاد أزواجهن دفاعاً عن الوطن، وضربن المثل والقدوة والمثل الأصيل؛ كي تظل راية الوطن عالية خفاقة، ونقول لأبناء الشهداء يكفيكم فخراً أن يكون آباؤكم شهداء للواجب".
وشاركت ابنة شهيد الواجب أحمد أمين، وهي ريم أحمد أمين، بكلمة عبرت فيها عن فخرها بوالدها: "إذا وجه لي أحدهم سؤالاً عمن يكون البطل بالنسبة لي، فسأجيبه أن أبي هو بطلي، فقد عاش بشرف وقدم حياته من أجلنا ومن أجل أن نعيش بأمان في هذا الوطن، مسطراً بذلك المعنى الحقيقي للبطولة، أقف اليوم هنا لأنادي باسمه، فأنا فخورة بأن أقول إنني ابنة بطل".
وقد توجه المرشد الديني الشيخ إبراهيم النصف بالتحية لأبناء الشهداء وآباء الشهداء وزوجات الشهداء، وأشار بقوله: كيف نحزن إخواني في الله على رجال نصروا دينهم ووطنهم والإسلام ككل، كيف نحزن على رجال يتمنون أن يعودوا ثم يقتلوا لكثرة النعم التي أعطاهم إياها الله سبحانه وتعالى، كيف نحزن على رجال هم ليسوا بميتين، بل منعمون في جنات الخلد، "ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون"، كيف نحزن إخواني في الله على قوم اختارهم الله مع النبيين والصديقين والشهداء من الصحابة رضي الله عنهم.

وأضاف: "المؤمن يتمنى أن يكون شهيدا في كل لحظة، فأفضال الشهيد بينها النبي (ص) لنا، فالشهيد يتمنى أن يستشهد فيرزق بالجنة ونعيمها، كما يجار الشهيد من عذاب القبر، وهو مؤمّن يوم القيامة ويوضع على رأسه تاج الوقار والياقوت وفيه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج من 72 من الحور العين، ويشفع لـ 70 من أهله، أرواح الشهداء في جوف طير يطوف في الجنة، إلى جانب أن الشهيد لا يشعر بالطعنة ولا يتألم عندما يستشهد ويشعر بها كالقرصة كما قال الرسول (ص)، فالشهيد يتمنى أن يحييه الله تعالى مراراً وتكراراً لما رآه من فضل ونعم، وقد أخبرنا الرسول (ص) أن من قتل دفاعاً عن ماله أو عن عرضه فهو شهيد وكذلك الغريق، أيها الآباء والأبناء والأمهات اصبروا واحتسبوا الأجر من الله وقولوا كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل جميع الشهداء عنده، فعظم الله أجوركم جميعاً وجعلهم مع النبيين والصديقين والشهداء من الصحابة".
تلا ذلك عرض لـ "ملحمة الشهداء" وهو عمل فني إبداعي مكون من لحن مبتكر يعزف على آلة "العود" الموسيقية، وكلمات تستعرض اللحظات الأخيرة من حياة الشهيد الذي خط أسمى معاني الحب والتضحية بتقديم روحه لأجل الوطن، ويجسد العمل قيم الصرح الوطني المتمثلة في العطاء والشجاعة والتفاني والتضحية من أجل رفعة الوطن، العمل من فكرة وكلمات وإلقاء سعادة مدير عام الصرح، تصاحبها معزوفة رائعة نسجت بأنامل فارس العود العراقي الفنان سعد محمود جواد.

كما تحدث الاستشاري في الطب النفسي والبروفيسور في مجال علم النفس عبدالكريم مصطفى في هذه المناسبة، بدأها بقوله: "لقد جئتم اليوم لكي تكرموا لكن في الحقيقة أنتم من تكرمون وأنتم من تعزون، والحقيقة أنه ومهما قلنا أو فعلنا أو حاولنا لن نوفيكم حقكم، نعلم أن الألم عميق ونتفهم آلامكم وفقدكم وصبركم، نسأل الله تعالى أن يثلج صدوركم ويهون عليكم آلامكم، أنتم مدرسة في تعليم العزة؛ لأنكم تفتقدون أناساً هم مدارس في تعليم العزة وفي تعليم التضحية للوطن، وهم مدارس في تعليم الولاء للوطن وللقيادة وللدين، ومدارس في تعليم ما تحتاجه الأمة في هذه الفترة الحرجة من تاريخها، فما أحوجنا لدروسكم، وما أحوجنا أن نتعلم منكم ومن ذويكم الشهداء كيف يكون الولاء للوطن وللدين والقيادة، وكيف تكون التضحية، نحن نجلس في هذا المكان في أمن وسلام وراحة وذلك بسبب تضحيات شهدائنا الذين قتلوا دفاعاً عنا وعن الوطن".
وتابع قائلاً: "ومن هنا فإنني أقترح أن نكوّن نحن وأسر الشهداء مجموعة ذكية، يتشارك فيها أسر الشهداء خبراتهم مع بعضهم بعضاً، ونحن سنعمل على تدريبكم حتى تتشاركوا خبراتكم وعلمكم هذا، وستعد هذه المجموعة كمجموعة للمساعدة الذاتية ستتداخلون من خلالها وتمنحونا بعضاً من خبرتكم، لأن لديكم من الخبرة ما يفوق خبرتنا، ومن العلم ما يفوق علمنا، فتجربتكم انغمست في الوطنية وفي الدين وفي التمسك بالله سبحانه وتعالى، وفي التمسك بالقيم والمبادئ وفي التمسك بثوابت هذا الوطن وثوابت الإنسان واحتياجات أمته له، هذا الخليط وهذه الخبرة الإنسانية العميقة العالية تحتاج إلى أن تدار فقط، ويمكنها بذلك أن تتحول إلى مصدر قوة".
وعبر في ختام حديثه عن رغبة واهتمام شديدين في خدمة أسر الشهداء في أي مساعدة قد يحتاجون إليها دون أي مقابل يذكر، فهذا أقل ما يستطيع تقديمه لأسر شهداء الواجب، راجياً من الله سبحانه وتعالى أن يتقبل جميع الشهداء ويسكنهم فسيح جناته.
وكان للحضور الكريم مداخلات عبروا فيها عن رغبتهم في الوقوف جنباً إلى جنب مع أسر الشهداء، فقد شارك أحمد المعايطة بقصة حول فضل الشهادة والأجر الكبير الذي يصيبه المجاهد في سبيل الله، كما شاركت الإعلامية سناء يونس بمداخلة عبرت فيها عن فخرها بوجودها اليوم بين أسر الشهداء، موضحة ذلك بقولها: "حضوري اليوم هنا وسط أسر الشهداء هو فخر لي، فهو ليس تكليفاً بل تشريف لي، أشكركم جميعاً وأشكر أسر الشهداء وأتمنى أن تكون دائماً البسمة مرسومة على وجوهكم، صحيح أننا افترقنا عن أهل وأحباء لنا، لكن الحمد لله أننا في دولنا الخليجية نحيا في أمان وصحة وعافية، وقد وهبنا الله سبحانه قادة عظاماً، أولويتهم أمان واستقرار شعوبهم، شكراً على جهودكم وعلى حديثكم أساذتي الكرام وعلى حسن التقديم، لقد أثلجتم صدورنا بكل كلمة قدمتموها، كان لي شرف التواجد هنا اليوم في هذه الفعالية، شكراً لكم جميعاً وشكراً لكل القائمين على هذا الصرح".

يذكر أنه تم إهداء وتسليم النسخة الأولى من العمل الفني الإبداعي "ملحمة الشهداء" إلى جلالة الملك في صرح الميثاق الوطني بعد إلقائه كلمته السامية في يوم الشهيد (17 ديسمبر/ كانون الأول 2015)، وكان جلالته أعلن في افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الرابع تخصيص يوم (السابع عشر من ديسمبر) يوماً للشهيد، وذلك تخليداً وتكريماً لشهدائنا الأبرار البواسل من رجال البحرين الشجعان الذين ضحوا بأرواحهم الزكية في سبيل الوطن.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً