الوعي الاجتماعي مؤشر إستراتيجي في تفعيل خطط العمل التنفيدي لانجاز أهداف التنمية المستدامة، والحديث عن الوعي الاجتماعي يشير إلى معادلة متداخلة في مكونها الاجتماعي والمؤسسي والوظيفي والمهني، إذ لا يمكن الحديث عن وعي أحادي الجانب في منظومة العمل التنفيدي للتمكن في إنجاز أهداف التنمية المستدامة، وعندما نبحث في مؤسسات مقومات تلك المعادلة، ينبغي أن ندرك أن إنجاز تلك الأهداف مرتبط بشكل رئيس بوعي المخططين والمستشارين الإستراتيجيين، ومتخذي القرار التنفيذي البيئي، وصناع القرارات التنموية التي ينبغي أن تتوافق مع المعايير الدولية الحديثة في الشأن البيئي، وتساهم في بناء الأسس المؤسسة لخريطة الطريق الوطنية التي يجب أن تراعي متطلبات أهداف التنمية المستدامة، وينبغي أن يكون متخذو القرار مدركين ضرورة إعارة الاهتمام بوجودها في إستراتيجية بناء المشاريع التنموية والبيئية، وفي فلسفة البعد الإستراتيجي لصناع القرار في مفاهيم بناء الخطط التنموية، التي يمكن أن تشكل محفزا رئيسيا في تذليل الصعاب الفنية والبرامجية.
المسئولية الاجتماعية معيار مهم في منظومة الوعي الاجتماعي البيئي، ويمكن أن يكون لذلك المعيار فعله المؤثر في بناء المسئولية الأخلاقية للفرد والقطاعات المجتمعية في بعدها الشامل، وتمثل مدخل مهم في تعزيز مقومات المفاهيم البيئية السليمة، ويمكن أن تترك أثرها الايجابي في بناء مفاهيم عناصر معادلة منظومة الوعي الاجتماعي، في تبني القرارات المؤسسة في وعيها البيئي في بناء المشاريع التنموية، وفي مفاهيم مناهج العلاقة مع معالم ومكونات البيئات الطبيعية، وفي التجسيد الخلاق لأهداف التنمية المستدامة.
النشاط الاجتماعي البيئي مقوم فعلي في الارتقاء بمفاهيم الحراك البيئي، إذ تساهم الأنشطة المجتمعية في تحريك سواكن العمل المؤسسي والاجتماعي للاهتمام في ابتكار الخطط الموجهة في أهدافها لتحسين حالة النظام البيئي، ومكونه الطبيعي والفطري، وتمثل البيئات الطبيعية وبيئات المناطق الساحلية وتنوعها الحيوي هدف إستراتيجي، ليس في خريطة العمل الوطني البيئي للمؤسسات المختصة والمعنية ومتخذ القرار البيئي وحسب؛ بل هي أيضا هدفاً فعلي لنشاط المجتمع المدني البيئي والمجتمع المحلي في البعد الشامل للنشاط البيئي وذلك للقيمة الحضارية والاجتماعية والروحية والتاريخية والمعيشة والسياحية والبيئية التي تتميز بها هذه البيئات، وذلك يمثل محفزا إستراتيجيا للمبادرة التي تبناها عدد من نشطاء البيئة في تنظيم مشروع «دعوا الطبيعة تتكلم»، والإعلان عن انطلاق المشروع في البرنامج البيئي الذي يجري تنظيمه على ساحل باربار.
التنمية المستدامة الهدف الاستراتيجي لمشروع «دعوا الطبيعة تتكلم»، وذلك يمكن تبينه في حيثيات جوهر مضامين خريطة أهدافه، إذ يتبنى القائمون على هذا المشروع البيئي مجموعة أهداف تتوافق في جوهرها مع منهج مُؤسَسَات المشروع الوطني للتنمية المستدامة، ويمكن تبين ذلك في الأهداف المحددة للمشروع، إذ يهدف إلى توعية وتحفيز المجتمع المحلي ومرتادي السواحل بأهمية الحفاظ على نظافة السواحل، وصون بيئات المناطق الساحلية، والتأكيد على القيمة الحضارية والأهمية الاجتماعية والاقتصادية والسياحية والبيئة للسواحل، والتشديد على أهمية جعل بيئات المناطق الساحلية في مقدمة أولويات الأهداف الوطنية للتنمية المستدامة، وتعزيز فاعلية المسئولية والشراكة المجتمعية في دعم برامج صون بيئات المناطق الساحلية.
فلسفة المشروع ترتكز على منهج تعميم ثقافة الاهتمام بالبيئات الطبيعية، وتكوين وعي وسلوك مجتمعي رشيد في مفاهيم العلاقة مع معالم النظام البيئي، وتحفيز المبادرات في تبني المشاريع المؤسسية الحكومية والخاصة والمجتمعية التي تضع في صلب اهتمامها تعزيز جهود نهج صون مكونات النظام البيئي، والحفاظ على توازنه الطبيعي، وذلك بما يفيد بناء الأمن الاجتماعي البيئي الشامل، وتجسيداً لذلك النهج يتبنى المشروع خطة عمل يستهدف بموجبها طلبة الجامعات والمجتمع المحلي ومرتادي بيئات المناطق الساحلية والبحارة وهواة البحر، وتعزيزا لذلك التوجه يجري التخطيط ضمن البرنامج التنفيدي لفعاليات البرنامج البيئي على ساحل باربار الذي يجري تنظيمه صباح السبت 24 ديسمبر/ كانون الاول2016، تنظيم معرض فني وفوتوغرافي ومرسم حر عن بيئات المناطق الساحلية، واستعراض حقائق معلوماتية عن الأهمية الاجتماعية والبيئية والتنوع الحيوي في بيئات المناطق الساحلية لطلبة الجامعات المشاركين في البرنامج، وتنفيذ برنامج تنظيف للشريط الساحلي، وتنظيم جولة بالقوارب في المياه البحرية.
الإعلام المؤشر الاستراتيجي في تعميم رسالة المشروع، وتحقيق أهدافه الاجتماعية والبيئية، لذلك يمثل الركيزة المنهجية في فلسفة المشروع، وخطة عمله التنفيذية، وجرى في سياق ذلك الفهم تشكيل فريق عمل إعلامي يتولى مهمة التفاعل مع وسائل الاعلام ورفدها بحيثيات الأنشطة، والاستفادة من وسائل الاعلام الاجتماعي في تنظيم حملة إعلامية ودعائية، تركت أثرها الايجابي في تفاعل قطاعات متنوعة من المجتمع، ويبرز ذلك الأثر في مؤشر تواصل مؤسسات اجتماعية مهمة منها مؤسسة اجتماعية تعنى بشئون المسنين للمشاركة في الحدث، إذ إن ذلك يوفر فرصة مهمة في تنظيم برنامج ترفيهي للمسنين، في الاستمتاع بالبيئات الطبيعية للساحل، وذلك مؤشر مهم يؤكد الأهمية الاستراتيجية لصون بيئات السواحل، وجعلها موقع للراحة والاستجمام الاجتماعية والسياحة البيئية.
التفاعل الاجتماعي المشهود مع الحدث البيئي على ساحل باربار، يشير إلى مؤشرات مهمة في شأن موقع السواحل وأهميتها في الوجدان الاجتماعي، ويطرح في السياق ذاته أسئلة استراتيجية في شأن الأثر الإيجابي الذي يمكن أن يتركه تنفيذ ما جرى تخطيطه من برامج في تأهيل وتطوير بيئات السواحل، وتفعيل متطلبات أهداف التنمية المستدامة في شأن البيئة الساحلية. تلك أسئلة ينبغي من صناع القرار التنموي والبيئي الإجابة عليها في واقع تنفيذ البرامج وخطط التنمية المستدامة.
دعوا الطبيعة تتكلم مبادرة طموحة لتفعيل جهود صون البيئات الطبيعية، وحماية ما تبقى من السواحل، بيد أن السؤال يبقى قائماً وماذا بعد تنفيذ البرنامج؟ وهل يمكن أن يساهم النشاط البيئي على ساحل باربار في تحريك سواكن القرار بشأن خطة تأهيل وتطوير الساحل وسلسلة السواحل المجاورة؟
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 5221 - الخميس 22 ديسمبر 2016م الموافق 22 ربيع الاول 1438هـ