العدد 5216 - السبت 17 ديسمبر 2016م الموافق 17 ربيع الاول 1438هـ

الأزمة الرياضية في الكويت تخفي تجاذبات سياسية

تشهد الكويت منذ اشهر أزمة رياضية حادة دفعت الى تعليق مشاركتها في المحافل الدولية، في تجاذب يرى محللون أنه جزء من صراع نفوذ اطرافه أعضاء من الأسرة الحاكمة وسياسيون بارزون.

وقبل اكثر من عام، علقت هيئات رياضية ابرزها اللجنة الاولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم، مشاركة الكويت في المسابقات على خلفية تدخل الحكومة في الشأن الرياضي. وحرم ذلك الكويت من المشاركة رسميا في دورة الالعاب الاولمبية الصيفية 2016 في ريو دي جانيرو، والتصفيات المؤهلة لكأس العالم لكرة القدم 2018.

وشارك رياضيون كويتيون في الاولمبياد لكن تحت الراية الاولمبية. ولم يحظ فهيد الديحاني بفرصة مشاهدة علم بلاده يرفع ونشيدها يعزف في ريو لدى احرازه ذهبية "دوبل تراب" في الرماية.

وفي كرة القدم، منح الاتحاد الدولي (فيفا) الكويت مهلة حتى 23 ديسمبر لتسوية اوضاعها، قبل الاتاحة لها المشاركة في التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2019 التي تستضيفها الامارات.

ويقول المحلل السياسي الكويتي ناصر العبدلي "مشكلة الرياضة في الكويت انها أصبحت تستخدم كاداة من أدوات الصراع على السلطة".

يضيف لوكالة فرانس برس "اجنحة الحكم يستخدمون الرياضة في صراعاتهم" التي يرى انها متداخلة بين المالي بالسياسي والرياضي.

وبحسب محللين، يرتكز التجاذب بين مجموعة اولى تضم الشيخ احمد الفهد الصباح، الشخصية النافذة على الساحة الرياضية العالمية، واخيه الشيخ طلال واخوانهما الآخرين ومؤيديهم الذين يسيطرون على معظم الأندية والاتحادات الرياضية. بينما تتكون المجموعة الثانية من وزراء وأفراد آخرين من آل الصباح، ورئيس مجلس الامة مرزوق الغانم المنتمي الى عائلة نافذة في قطاع الاعمال، وعدد من مؤيديهم.

وباتت الازمة عنصر ضغط في الحياة السياسية، ما دفع اعضاء مجلس الامة الجديد الى اصدار توصية غير ملزمة في جلسته الاولى الاحد، يطلب فيها من الحكومة التعهد "بتحقيق المتطلبات اللازمة لرفع الايقاف الرياضي الذي تتعرض له الكويت".

وتعهد المجلس "إجراء التعديلات اللازمة للتشريعات"، في ما يعتقد انه اشارة الى تعديل اجراه المجلس السابق في حزيران/يونيو، منح بموجبه الحكومة صلاحية حل الاتحادات، ما اعتبر اداة اضافية تتيح التدخل الرسمي في الشأن الرياضي، بعكس ما تطالب به الهيئات الدولية.

الا ان العلاقات التي تربط شخصيات رياضية ابرزها الشيخ احمد الفهد، بهذه الهيئات، شكلت موضع انتقاد من قبل معارضيه.

وفي وقت سابق، اتهم وزير الاعلام والشباب الشيخ سلمان الحمود الصباح "كويتيين في المناصب الرياضية الدولية" بالتسبب بالتجميد، في اشارة للفهد، عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم ورئيس المجلس الاولمبي الآسيوي.

اما رئيس لجنة الشباب والرياضة في مجلس الامة السابق عبدالله العيوف، والذي كان مؤيدا للحكومة، فاتهم صراحة في آب/اغسطس الشيخ احمد الفهد ومؤيديه "بالتسبب بتجميد الرياضة الكويتية".

 

استهداف لأحمد الفهد؟

بادرت الحكومة في أغسطس، وبعد التعديلات التي اقرها مجلس الامة، الى حل اللجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم اللذين كان يرأسهما الشيخ طلال. كما حلت اتحادات اخرى في الاسابيع الماضية.

في خضم الازمة، آثر الشيخ احمد التزام الصمت الى حد كبير.

الا انه قال في تصريح يعود الى نوفمبر 2015، ان ما يحدث "ليس غريبا"، وان الايقاف لن يحل "الا بمعالجة المخالفات التي لا تتماشى مع الميثاق الاولمبي".

ويحظى الاخوان الفهد بدعم دولي، اذ رفضت اللجنة الاولمبية الدولية والفيفا الاعتراف باللجنة الموقتة التي شكلت لادارة اتحاد كرة القدم.

وبات مصير اللجنة الموقتة غير واضح، لاسيما في اعقاب استقالة رئيسها فواز الحساوي من منصبه مطلع ديسمبر.

ويرى محللون ان الاجراءات الحكومية والتشريعية، كانت تستهدف صراحة الشيخ احمد الفهد ونفوذه في الرياضة المحلية والدولية.

وبحسب الصحافي الرياضي فيصل القناعي "المشكلة هي ان الحكومة وبعض النواب (السابقين) أقروا تشريعات للإطاحة بالشيخ احمد واخوانه من الرياضة المحلية".

يضيف "تلك القوانين تخالف المواثيق الرياضية الدولية".

والشيخ احمد هو ابن اخ الامير الشيخ صباح الاحمد الصباح، وبدأ مسيرته الحكومية مع تعيينه وزيرا للاعلام عام 2001، قبل الانتقال لوزارة الطاقة التي ابعد عنها في 2006 بسبب ضغوط من نواب معارضين. وعاد بعد ثلاث سنوات كنائب لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، واستقال في 2011 بعد تقدم نائبين بطلب لاستجوابه بتهم فساد، بينهما رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم.

وقالت وسائل اعلام محلية حينها ان سبب الاستقالة يعود الى صراع مع رئيس الحكومة في حينه الشيخ ناصر محمد الاحمد الصباح، ابن عم الشيخ احمد والذي استقال بعده بخمسة اشهر.

وبحسب القناعي، "الهدف كان إزاحة الشيخ احمد من الحكومة ومن تراتبية الحكم لانه قوي ومؤهل".

 

فساد مالي؟

أبعد من التجاذبات السياسية، يرى محللون ان للأزمة الرياضية في الكويت بعد مالي ايضا.

ويقول العبدلي الذي يرأس الجمعية الكويتية لتقدم الديموقراطية "ثمة أموال ضخمة يتم ضخها في الرياضة بعضها يستخدم" في السياسة.

وكان المدير العام لهيئة الرياضة الشيخ احمد منصور الصباح اكد في وقت سابق ان الحكومة ضخت 400 مليون دينار كويتي (زهاء 1,3 مليار دولار اميركي) في الرياضة خلال الاعوام الخمسة الماضية.

ويقول الاعلامي الرياضي الكويتي مطلق نصار لفرانس برس ان "الرياضة الكويتية كانت مختطفة من قوى فساد لسنوات عديدة".

يضيف "جرى إصدار تشريعات لتقليص نفوذ قوى الفساد ولإصلاح الحركة الرياضية التي كانت تستغل لتحقيق أهداف شخصية".

ويرى القناعي ان "كل ما على الكويت فعله هو تعديل القوانين المخالفة وسيتم رفع التجميد خلال 24 ساعة".

 

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً