( كلمة بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين الموافق 18 ديسمبر/ كانون الأول العام 2016) .
لا تفتأ ظروف المهاجرين واللاجئين تزداد سوءاً على سوئها في جميع أرجاء العالم في الوقت الحاضر، ولا تفتأ الخسائر البشرية الفادحة الناجمة عنها تتفاقم. ولذلك لا بدّ لنا من اتخاذ تدابير جديدة لتعزيز التضامن العالمي، والذود عن حقوق الإنسان وضمان تمتع المهاجرين واللاجئين بها.
وهذه هي الرسالة التي أرادت القمة العالمية للعمل الإنساني، وكذلك قمة الأمم المتحدة للاجئين والمهاجرين وإعلان نيويورك الذي تمخضت عنه، توجيهها إلى العالم أجمع.
ويجب على العالم أن ينتقل الآن من الأقوال إلى الأفعال. وتقدّم خطة التنمية المستدامة لعام 2030 إطاراً جديداً شاملاً للمضي قدماً في معالجة قضايا الهجرة، ولوضع خطة عالمية جديدة للعمل بشأن الهجرة تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين واحترام التنوع الثقافي.
وتعمل اليونسكو مع الدول الأعضاء والوكالات الأخرى التابعة لمنظومة الأمم المتحدة وسائر الأطراف المعنية من أجل تحويل ما جرى التعهد به في هذا الصدد إلى واقع ملموس، إذ تسعى إلى المساعدة على وضع سياسات أكثر إحكاماً ووضوحاً، وعلى تعزيز التعاون وتوسيع نطاق تشاطر المعارف ونشرها. ويتمثل القاسم المشترك بين كل مبادراتنا المتعلقة ﺑﻬذه الأمور في العمل على نشر ثقافة ترحيبية تتيح إدماج اللاجئين والمهاجرين إدماجاً تاماً في اﻟﻤﺠتمعات التي تستقبلهم، وتمكّنهم من المشاركة في حياة هذه اﻟﻤﺠتمعات على أكمل وجه.
ويُعدّ الدور الذي ينبغي للمدن أن تضطلع به في هذا اﻟﻤﺠال دوراً حاسماً للمساعي الرامية إلى إيجاد سُبل جديدة للعيش معاً. وهذا هو الأساس الذي تستند إليه مبادرة المدن المرحّبة باللاجئين، التي اتُّخذت بالشراكة مع مؤسسة ماريانا فاردينويانيس والتحالف الأوروبي للمدن لمناهضة العنصرية، الذي يشكل جزءاً من التحالف الدولي للمدن المستدامة الشاملة للجميع الذي أُنشئ في العام 2004 وكان اسمه آنذاك التحالف الدولي للمدن لمناهضة العنصرية. وتتخذ اليونسكو أيضاً مبادرات رائدة لتمكين الصحافيين من التصدي للخطاب الداعي إلى كراهية الأجانب والخطاب القائم على الصور النمطية في وسائل الإعلام. وتسعى اليونسكو، عن طريق تعليم المواطَنة العالمية، إلى تعزيز التضامن بين الناس كافة
وتمكينهم من التمتع بنعمة التنوع باعتبارها حافزاً للإبداع والتجديد. وتسعى اليونسكو أيضاً، في المناطق الأشد احتياجاً إلى المساعدة من جرّاء الأزمة السورية، إلى توفير التعليم الجيد والدعم النفسي الاجتماعي، وتعليم المهارات اللازمة لتحسين حياة اللاجئين والنازحين. وتستعين اليونسكو بوثائقها التقنينية المتعلقة بالاعتراف بالمؤهلات الأجنبية وبالتعليم والتدريب في اﻟﻤﺠال التقني والمهني على أفضل وجه ممكن من أجل إزالة العوائق التي تحول دون انتفاع المهاجرين واللاجئين بفرص التعليم والعمل.
وتُعدّ حماية حقوق الإنسان وصون الكرامة الإنسانية فيما يخص المهاجرين واللاجئين ضرورة إنسانية عاجلة لاتحتمل التأجيل، فضلا عن كونها ضرورة تنموية، ولا يمكن بدون ذلك بناء عالم أكثر عدالة وسلمية واستدامة.
وإنني لأدعو الدول الأعضاء، في هذا اليوم الدولي للمهاجرين، إلى تأكيد التزامها بالوفاء بما وعدت به في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، إذ تعهدت «بألا يخلّف الركب أحداً وراءه».
إقرأ أيضا لـ "إيرينا بوكوفا"العدد 5216 - السبت 17 ديسمبر 2016م الموافق 17 ربيع الاول 1438هـ