بدأ مصطلح الذكاء الوجداني في الظهور العام 1964 بواسطة مايكل بلدوخ، حيث لقي رواجاً عالمياً بعد نشر كتاب الذكاء الوجداني العام 1995 والذي كتبه الصحافي النفساني الأمريكي دانيال كولمان، ويعرف الذكاء الوجداني بمقدرة الفرد على التعرف على شعوره الشخصي وشعور الآخرين حوله، أو القدرة على فهم الانفعالات، ومعرفتها، والتمييز بينها، والقدرة على ضبطها والتعامل معها بإيجابية، وذلك بهدف تحفيز النفس ولإدارة العواطف والانفعالات بشكل سليم من خلال العلاقات الاجتماعية والشخصية مع الآخرين.
يتميز الذكاء الوجداني بعدة عوامل وهي أولاً: الوعي الذاتي حيث يمتلك الفرد المقدرة على تفهم مشاعره الشخصية واستطاعته التحكم فيها لكي لا تقوده حيث يتميز الفرد بالثقة العالية بالنفس وعدم فقد الأعصاب والتحكم في ردة الفعل تجاه الانفعالات. ثانياً: التنظيم الذاتي وهي السيطرة على المشاعر وعلى نبضات القلب والسيطرة على الغضب والغيرة وعدم اتخاذ قرارات لا مبالية وعدوانية والمقدرة على التفكير العميق الناضج والسليم قبل حدوث ردات الفعل بالانسجام مع السلام الداخلي.
ثالثاً: التحفيز والجهوزية التامة والتفكير باستراتيجية تحويل التفكير في النتائج الآنية إلى نجاح على المدى البعيد ويصاحبه إنتاج مثمر في الأداء عامةً وحب التحدي. رابعاً: التعاطف والتفهم في معرفة الاحتياجات ووجهات نظر الآخرين الذين تربطهم علاقات اجتماعية بهم وتلك الميزة عادةً تؤدي إلى نتائج باهرة في إدارة العلاقات الشخصية وفن الاستماع والانفتاح الذهني والسلوكي وعدم إصدار الأحكام المسبقة على الآخرين إلى جانب التعامل مع النفس بصدق. خامساً وأخيراً: توافر المهارات الاجتماعية بشكل إبداعي وواعي حيث تتوافر المقدرة على قيادة فريق عمل على الصعيد المهني ولديهم المقدرة على تحفيز الآخرين والدفع بهم للنجاح والانخراط المهني والاجتماعي ويتمتعون بمهارات التواصل الاجتماعي وبناء علاقات اجتماعية وشخصية راقية.
لتطوير الذكاء الوجداني على الصعيد الشخصي يحتاج إلى وعي وتدريب بهدف تعلم ميزاته وتطويرها بالتدريج ونذكر بعض الخطوات المهمة في هذا الصعيد، الوعي للتعامل مع الآخرين وخاصة أثناء حدوث خلاف أو اختلاف في الرأي ومحاولة عدم إصدار أي حكم مسبق أو قرار رأي قبل الاستماع لجميع وجهات النظر. الوعي للوضع الاجتماعي العام سواء داخل محيط العمل أو المنزل. التعامل على أساس التواضع وبشكل محترم وراقٍ ومحفز وعدم الخوف من توجيه النقد لذاتك.
ممارسة التقييم الذاتي لمعرفة نقاط الضعف بداخلك وتقبلها بصدر رحب وبصدق وذلك بهدف التغيير للأفضل. النظر الجاد والواعي للتعامل مع المواقف العصبية والمتشنجة وملاحظة ردات الفعل عندك تجاهها والتدريب على ممارسة الهدوء وضبط النفس أثناء حدوثها وهذا التمرين يؤدي إلى ضبط المشاعر والسيطرة عليها. تحمل المسئولية الجادة والكاملة لجميع أفعالك التي تصدر منك، ولا ضرر في تقديم الاعتذار المباشر في حال حدوث أي سوء فهم أو ضرر تجاه الآخرين لأن الناس عادةً يتسمون بالتسامح وخاصةً مع الاعتذارات الصادقة المشاعر التي تخرج من القلب. الوعي بردات فعل الآخرين حيال اتخاذ قرار ما وكيف سيؤثر عليهم وذلك بوضع نفسك في مكانهم في حال حدوث الحدث نفسه لك.
إن الوعي بمفهوم الذكاء الوجداني ومعرفة ميزاته وخصائصه ومحاولة فهمه وتطبيقه ولو بالحد الأدنى وثم التدريب والتطوير فيه وفي نفسك وتصرفاتك وسلوكك وتطبيقه في جميع مناحي الحياة المهنية والشخصية والعائلية مع الزملاء والأصدقاء وأفراد العائلة حتماً سيؤدي إلى نتائج إيجابية ولسوف تستطيع إيقاظ الشخص القائد بداخلك وذلك سيؤدي إلى تحقيق أحلامك وطموحاتك في الحياة، ونقول لنبدأ بأنفسنا اليوم ومنذ اللحظة بتبني وتطبيق الذكاء الوجداني / العاطفي.
إقرأ أيضا لـ "نبيل حسن تمام"العدد 5215 - الجمعة 16 ديسمبر 2016م الموافق 16 ربيع الاول 1438هـ
جميل جدا أستاذ نبيل.
يقول المتنبي:
وللنفس أخلاقٌ تدلُ على الفتى * أكان سخاءً ما أتى أم تساخيا.
وفي الحديث: "اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله".