ديسمبر شهر الأفراح التي تعم البلاد ويردد صداها الأطفال في كافة أرجاء البحرين، هو أيضاً شهر وقفات وتأمل وشيء غير قليل من الحزن، ذلك الحزن المرتبط بالحب والفخر في آن.
تحتفل البحرين بيومها الوطني وكذلك بعيد الجلوس بما فيه من تذكير بالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله ورعاه وأيده بالحق والخير، وفيه احتفال يوم المرأة في أول ديسمبر يذكر بالمشروع الإصلاحي وبالميثاق وثمارهما الطيبة من تعزيز دور المرأة البحرينية شريكة في التنمية، وفي ديسمبر نحتفي بالشهيد بفخر واعتزاز متذكرين ما قدمه من تضحية بأغلى ما يملك لأجل الوطن ومتذكرين أسر الشهداء الذين هم أمانة في ذمة الوطن.
أسر الشهداء التقيناهم لأول مرة في ديسمبر/ كانون الأول قبل عام وسعينا أن نبقى على تواصل معهم حباً وإجلالاً. في ديسمبر الماضي ومع تخصيص يوم وطني للشهيد، قدمنا لهم عملا فنيا إبداعيا أسميناه «ملحمة الشهداء» أهدانا من خلاله فارس العود سعد جواد مقطوعة فنية تقطر جمالاً وإحساساً تتفاعل مع الكلمات وتسبقها في بث نبض قلب شهيد يرحل بعيداً عن كل ما عرف وأحب ويرى حياته تغادره ولكنه في آخر لحظة يرى جنان الخلد ويبتسم حباً لوطنه ورضى وفخرا. حاولنا من خلالها تخليد اللحظات الأخيرة من حياة الشهيد لتبقى في ذاكرتنا جميعاً، ولكي نقول من خلالها لأسر الشهداء أنكم لستم وحدكم، ففقدهم هو واقع مستمر عبر الأيام والسنوات.
يأتي ديسمبر ليزيد فخرنا بالمرأة البحرينية وما أنجزته للوطن، ولنزداد إلهاماً في حوارنا مع الأطفال الذين يزورون الصرح حول معنى الاحتفال بالعيد الوطني والطرق المختلفة للتعبير عن حبنا للوطن. وتميز ديسمبر هذا العام بإطلاق مبادرة برنامج أطفال يبث من صرح الميثاق الوطني الذي يذكرنا بما يجمعنا ويوحدنا، والذي خلدت فيه أسماؤنا وأسماء آباء وأمهات الأطفال الذين يزورون الصرح بأن نحتت تلك الأسماء على جدران الصرح الحجرية. «صرح الوطن» هو برنامج يدير الحوار فيه مع الأطفال الفنان البحريني المخضرم بابا ياسين الذي تربطه مع جميع موظفي الصرح ذكريات من طفولتهم. بابا ياسين بأسلوبه المحبب للأطفال يتحاور معهم حول قيم الصرح وتتنقل الحلقات بين مناطق المعرض الرئيسي لتركز كل حلقة على قيمة بحرينية إنسانية بذاتها.
البرنامج في حلقاته الأولى ركز على أطفال ما قبل المدرسة وركز على قيم صون النعمة والمواطنة الإيجابية، فصرح الميثاق الوطني يؤمن أن البحرين هي إرث الأجداد للأحفاد وأمانة في أعناقنا جميعاً، والأطفال أيضاً يجب أن يبدأوا في فهم مسئولياتهم وتحملها، وصرح الميثاق الوطني يرى أن التربية الوطنية الصالحة تبدأ من هذا المنطلق بالذات، ويأتي الجهد والإبداع في أفضل الوسائل لتحقيق ذلك.
أطفال المدارس يزورون الصرح كل يوم كذلك ويتعرفون على الصرح ورؤية القائد الذي أمر بإنشاء هذا الصرح قبل أن يولد معظم هؤلاء الأطفال، ولكنه أراد منه أن يكون لهم، ويتعرفون على قصة شعب البحرين العظيم الذي ينتمون له، ويحظون في مرات عديدة بفرص للحوار حول ما تعلموه وحول ما سيعلمونه لزملائهم الذين لم يزوروا الصرح بعد. في ديسمبر كان هناك سعي مضاعف للتركيز على كيفية التعبير عن حب الوطن في يوم العيد الوطني أو في شهر الاحتفالات الوطنية. كانت إجابات الأطفال معظمها تدور في فلك مسيرات السيارات وفي الحفلات.
الرسالة التي يسعى صرح الهوية لإيصالها للأطفال هي أن التعبير عن حب الوطن يكون من خلال أعمال وأقوال تفيد الوطن وترتقي به مثل: إماطة الأذى عن الطريق، التعهد بعدم رمي النفايات في الشارع، الامتناع عن استخدام مزمار السيارة الذي يزعج الناس، احترام الآخرين حتى لو كنا لا نعرفهم، شكر عامل النظافة لأنه ينظف بلدي، مساعدة زميل أو زميلة في تخطي صعوبة، الحرص على المذاكرة والاجتهاد والعلم، التعبير عن الحب للوالدين والأسرة والمعلمين، عمل مشاريع لتطوير المدرسة، مساعدة الأم في أعمال المنزل، زيارة الجدة أو العمة أو الخالة، والحرص على مشاعر الجيران. كل ذلك يزيد من ترابط المجتمع وحفظ قيم الخير والطيبة والعمل معاً، وينمي لدى الطفل المواطنة الصالحة وحب الوطن بمعناه الواسع وانعكاساته على الممارسات اليومية التي من شأنها أن تطور البحرين وترتقي بالإنسان.
إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"العدد 5214 - الخميس 15 ديسمبر 2016م الموافق 15 ربيع الاول 1438هـ