العدد 33 - الثلثاء 08 أكتوبر 2002م الموافق 01 شعبان 1423هـ

48 عاما على تأسيس حركة «الهيئة»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قبل 48 سنة تأسست الهيئة التنفيذية العليا (التي سميت لاحقا بهيئة الاتحاد الوطني) في اجتماع حاشد عقد في السنابس بتاريخ 13 اكتوبر/تشرين الأول 1954، وانتخب هيئة تنفيذية مكونة من عبدالرحمن الباكر وعبد العزيز الشملان وعبد علي العليوات وابراهيم بن موسى وسيد علي كمال الدين ومحسن التاجر وعبدالله ابو ديب، تسندهم جمعية عمومية مكونة من 120 شخصية من مختلف مناطق البحرين.

بدأت فكرة الهيئة في سبتمبر/ ايلول 1953 عندما اندلعت فتنة طائفية أثناء مرور موكب العزاء في احد شوارع العاصمة. وعلى اثر ذلك تجمعت الشخصيات البحرينية من الطائفتين للم الشمل. وفي سبتمبر 1954 حدثت تطورات اخرى عندما اضرب سواق «التاكسي» والباصات احتجاجا على قرارات حكومية بفرض التأمين الإجباري عليهم بطريقة لم يرتضوها. وعلى اثر ذلك الاضراب توقفت الحياة في البلاد ما حدا عبدالرحمن الباكر ومجموعة اخرى من الوطنيين على اقتراح تشكيل «صندوق التعويضات» برئاسة الباكر. ومباشرة بعد انشاء الصندوق وحل مشكلة الإضراب توسع نفوذ النخبة التي ستقود ما اطلق عليه بالهيئة لاحقا. الا ان المستشار البريطاني تشارلز بليغريف استشاط غضبا وقرر سحب جواز سفر الباكر تمهيدا لطرده من البحرين.

على اثر سحب جواز السفر عقد اجتماع عام في مسجد الخميس بتاريخ 6 اكتوبر 1954، واعلن المجتمعون رفض قرار المستشار ودعوا الى اجتماع آخر يعقد في السنابس بتاريخ 13 اكتوبر لتأسيس جبهة موحدة تطالب بالاصلاح السياسي. وهكذا اجتمعت الجماهير والرموز وتأسست الهيئة التنفيذية العليا. وتلا ذلك الاجتماع التأسيسي اجتماعان آخران، الأول عقد في 16 أكتوبر 1954 المصادف لأربعينية الامام الحسين (ع) في مسجد مؤمن بالمنامة، والثاني عقد في 9 نوفمبر /تشرين الثاني 1954 المصادف لمولد الرسول (ص) في مسجد العيد بالمنامة. وسرعان ما رفعت الهيئة المطالب الشعبية المتمثلة في تأسيس برلمان منتخب، وضع قانون مدني وجنائي موحد، انشاء محكمة استئناف تضم قضاة متمرسين في القانون، والسماح بقيام نقابات عمالية وحرفية ومهنية. وتشكل وفد من الهيئة للذهاب الى الحاكم بهدف تقديم المطالب المدعومة شعبيا.

بين اكتوبر 1954 ويونيو/حزيران 1956 حدثت امور كثيرة وحوادث كبرى في تاريخ البلاد، وكل تلك الحوادث دفعت إلى الاعتراف بالهيئة كأول حزب سياسي معترف به رسميا. واشترطت الحكومة على الهيئة تغيير اسمها الى «هيئة الاتحاد الوطني» وتغيير رئيس الهيئة، وعلى هذا الاساس تسلم عبدالعزيز الشملان الأمانة العامة. ومباشرة عقدت لقاءات كثيرة بين الهيئة والحكومة، إلا أن الحوادث الكثيرة في البلاد كانت تدفع الشارع الى اتجاهات متفاوتة. ولم تستطع الهيئة السيطرة على جمهورها العريض الذي امتد في معظم مناطق البحرين.

كل تلك التطورات أدّت الى عودة الباكر في سبتمبر 1956 لتسلم الأمانة العامة للهيئة إلا أن الحوادث الداخلية المعقدة صاحبتها ايضا حوادث كبرى في الوطن العربي كان أهمها العدوان الثلاثي في نوفمبر/تشرين الثاني 1956، والحدث الأخير دفع الجماهير إلى الخروج في مظاهرات عارمة احتجاجا على بريطانيا، فاختلطت المطالب المحلية بالمطالب القومية. كانت التحركات والأنشطة والأعمال تقوم بها مجموعات الهيئة التي اصبح جسمها كبيرا جدا واصبحت العقول التي تدير الهيئة عاجزة عن التحكم في المسيرات والأنشطة. كما وكان قادة الهيئة مشغولين في خلافات بين أعضاء الهيئة ومشغولين بالرد على الاشاعات التي كانت تنتشر بصورة سريعة .

وهكذا اسدلت الحكومة الستار على اعظم حركة وطنية... ففي نوفمبر 1956 اعتقلت ابراهيم فخرو وعبدالرحمن الباكر وعبدالعزيز الشملان وعبدعلي العليوات وابراهيم بن موسى واعدادا كبيرة من الناشطين الآخرين. وفي ديسمبر /كانون الأول اعلنت حال الطوارئ ونفي الباكر والشملان والعليوات الى جزيرة «سانت هيلانة»، وتشتتت النخبة وبدأت مرحلة العمل السياسي السري، ومرحلة قوانين الطوارئ التي استمرت بشكل أو آخر حتى فبراير/شباط 2001.

مسيرة وطنية كبرى ضحّى من أجلها آلاف المواطنين وأدّت في محصلتها إلى تطور الأوضاع التي نعيشها حاليا. فجذور المطالب الوطنية عميقة جدا ومشاركات ابناء هذا الوطن على هذا الامتداد التاريخي شاملة ايضا، وكل تلك الحوادث والتجارب من الممكن ان توجهنا جميعا إلى تفادي تكرار الاخطاء والاستفادة من جهود الجميع من أجل خير الوطن والمواطنين

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 33 - الثلثاء 08 أكتوبر 2002م الموافق 01 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً