استضافت العاصمة النمساوية فيينا اليوم الثلثاء (13 ديسمبر/ كانون الأول 2016) حفل توزيع "جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتميز في مكافحة الفساد" في دورتها الافتتاحية. وتم خلال الحفل تكريم العديد من المؤسسات والأفراد والمجموعات من أوروبا وآسيا وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية وأفريقيا. وقام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وحضرة صاحب السمو أمير قطر بتوزيع الجوائز على الفائزين، وذلك بالتزامن مع اليوم الدولي لمكافحة الفساد.
وهنّأ أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون الفائزين بالجوائز على شجاعتهم، شاكراً صاحب السمو أمير قطر والحكومة القطرية لدعمهما الجهود العالمية لمكافحة الفساد والجرائم وبسط سيادة القانون من خلال تنفيذ "إعلان الدوحة" الذي تم اعتماده العام الماضي خلال "مؤتمر الأمم المتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية". وقال بان كي مون بهذا الصدد: "إن الفساد داء فتاك يتغلغل في عمق المجتمعات ليطفئ جذوة الأمل ويقمع الفرص، متيحاً لعصبة من الفاسدين الإثراء على حساب الملايين الذين تضيع فرصهم هباءً منثوراً. وجميع المجتمعات معرضة لهذه الآفة الخطيرة".
وكرمت هذه الجوائز السنوية أبرز المساهمات والجهود لمنع ومكافحة الفساد حول العالم بما في ذلك توجيه الاتهام إلى اثنين من قادة الدول في أمريكا الوسطى وأوروبا. وتدعم الجوائز التفويض الخاص بمكافحة الفساد الصادر عن "مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة" UNODC)) ولا سيما تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وبعد عملية اختيار طويلة ومستفيضة، أعلنت اللجنة العليا للجائزة -استناداً إلى توصيات اللجنة الاستشارية للتقييم- عن 7 فائزين ضمن الفئات الأربع: "الابتكار في مكافحة الفساد"، و"البحث الأكاديمي في مكافحة الفساد"، و"جائزة إبداع الشباب"، و"جائزة إنجاز العمر في مكافحة الفساد".
وفاز اثنان عن فئة الابتكار في مكافحة الفساد هما الفلسطينية حنان خندقجي التي عملت بصورة سرية كعاملة متطوعة لتقصي حقيقة سوء معاملة المرضى الصغار في المؤسسات الأردنية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
وقد كشفت خندقجي أن مقدمي الرعاية وطاقم التمريض يسيئون معاملة الأطفال بشكل روتيني خلال تقديم خدمات الرعاية لهم. وساهم تقريرها المعمق في إغلاق العديد من المرافق، وتشكيل لجنة رسمية قدمت تقريراً حول سوء المعاملة هناك.
وكانت المبادرة الفنية الأفغانية "آرت لوردس" ثاني الفائزين بجائزة هذه الفئة؛ حيث نجحت هذه المجموعة في رفع سوية الوعي إزاء قضية مكافحة الفساد في العاصمة كابول، وحث المجتمع على عدم التهاون في موضوع الفساد من خلال أعمال فن الشارع بما فيها رسم لوحات لعيون على الجدران، وذلك ضمن إطار سلسلة من الأعمال الفنية تحمل اسم "أراك".
وعن فئة "البحث الأكاديمي في مكافحة الفساد"، فاز بالجائزة مناصفةً كلّ من أستاذ القانون الجنائي ميودراج لابوفيك من كندا و"مجموعة البحث بقضايا الفساد والديموقراطية" من فرنسا. وقد تم تكريم لابوفيك تقديراً لجهوده في اعتقال رئيس الوزراء المقدوني السابق فلادو بوكوفسكي الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات، فضلاً عن رصيده الغني من المنشورات التي تدور حول الإصلاحات الوطنية الهيكلية في النظم السياسية والقانونية. بينما حازت "مجموعة البحث بقضايا الفساد والديموقراطية" على الجائزة بفضل مشروعها البحثي الذي حظي بأصداء إيجابية واسعة وتناول المشاكل السياسية والاقتصادية التي تقوض التطبيق الأمثل للديموقراطية في المجتمعات المعاصرة وهو ما يسبب انعدام ثقة المواطنين بهذه المجتمعات.
وتم تقديم جائزة "إبداع الشباب في مكافحة الفساد" لاثنين من المرشحين هما "شباب اليونان لمكافحة الفساد"، وهي شبكة تضم ألف شاب وشابة يونانيين يهدفون إلى دفع عجلة التغيير في اليونان وأوروبا والعالم. ولا يتلقى هؤلاء الشباب أي تمويل حكومي، بل يسعون إلى إحداث تغييرات إيجابية في حياة الشباب الآخرين. كما حازت على هذه الجائزة أيضاً مجموعة "تي إم" من تنزانيا، وهي منظمة غير حكومية تأسست عام 2004 وتضم عدداً من المغنيين الشباب الذين يستخدمون قوة الغناء لرفع مستوى الوعي وإيصال رسالة قوية لبلدهم بشأن مكافحة الفساد. وقد تم تأليف ألبومهم الغنائي الذي حمل عنوان "ويب أوت كوربشن" بهدف دعم مساعي الحكومة التنزانية في هذا الخصوص.
وحاز على الجائزة الأخيرة في الحفل عن فئة "إنجاز العمر في مكافحة الفساد" النائب العام في غواتيمالا ثيلما ألدانا. وحازت ألدانا على هذه الجائزة تكريماً لمسيرتها المهنية في النيابة العامّة والتي كللتها بتوجيه اتهامات للرئيس الغواتيمالي أعقبها إعفاءه من منصبه بتهمة الاحتيال، وإقامة ارتباطات غير مشروعة، وقضايا فساد متعلقة بمجموعة الاحتيال الجمركي التي تقدم للشركات تخفيضات على الرسوم الجمركية للواردات مقابل الحصول على عمولات غير مشروعة.
واحتفاءً بالنسخة الأولى من "جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتميز في مكافحة الفساد" و’اليوم الدولي لمكافحة الفساد‘، تم الكشف عن عمل تكليف نحتي من إبداع النحات والفنان العراقي أحمد البحراني في مكتب الأمم المتحدة في فيينا. ويتجاوز ارتفاع هذا العمل 3 أمتار، وهو عمل تركيبي فولاذي على شكل يد مرفوعة ترمز إلى الجهود التي تبذلها المجتمعات الدولية لمكافحة الفساد، والقوة والعزيمة التي لا تلين للمشاركين حالياً في هذه الحرب. كما تجسد الخطوط المترابطة في العمل عالماً موحداً يجمعه هدف مشترك في مكافحة الفساد، فيما تشير التركيبة الشفافة للعمل إلى أهمية عامل الشفافية بهذا الشأن. وتم الكشف عن هذا العمل بحضور الأمين العام للأمم المتحدة؛ وحضرة صاحب السمو أمير قطر؛ والنائب العام في دولة قطر علي بن فطيس المري، المحامي الإقليمي الخاص لمكافحة الفساد لدى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وتم تأسيس "جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتميز في مكافحة الفساد" من قبل "مركز حكم القانون ومكافحة الفساد" الذي يرأس مجلس أمنائه علي بن فطيس المري.
وأعلن المري عن تأسيس الجائزة خلال "المؤتمر السنوي الثامن للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد" الذي استضافته مدينة سان بطرسبرغ الروسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
وقال المدير التنفيذي لـ"مركز حكم القانون ومكافحة الفساد"إبراهيم الجازي: "لقد أذهلنا حجم الإقبال الكبير الذي شهدناه من المجتمع الدولي، وكان عدد ونوعية الفائزين خير دليل على قوة الحراك العالمي لمكافحة الفساد. وقد عكس ذلك ضرورة تسليط الضوء على الشخصيات الفاعلة في هذا الحراك، وكذلك الأعداد التي لا تحصى للجنود المجهولين الذين يناضلون يومياً لإحداث فرق في حياة مجتمعاتهم والقضاء على الفساد بمختلف أشكاله".
وخلال الحفل قال المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يوري فيدوتوف: "لقد أعطت الأجندة الجديدة للتنمية المستدامة حتى عام 2030 دفعاً قوياً جديداً للحرب على الفساد عبر إقرارها بأن جهود مكافحة الفساد تشكل قوة أساسية للقضاء على الفقر، وتوفير تعليم عالي الجودة، وتأمين فرص عمل لائقة، وتعزيز النمو الاقتصادي، وحماية الموارد الطبيعية".
وتم فتح باب المشاركة من مختلف أنحاء العالم أمام الهيئات من الأطراف الثلاثة لترشيح أي مؤسسات أو مجموعات أو أفراد من أي جنسية ممن يظهرون التزاماً واضحاً ومساهمات كبيرة بمكافحة الفساد والحد منه. وقد بدأت عملية التقييم بدعوة لتقديم الترشيحات عبر الإنترنت.
فعلاً وخصوصاً العرب؟