أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس الاثنين (12 ديسمبر/ كانون الأول 2016) أن الاعتداء على الكنيسة التابعة للأقباط الأرثوذكس والذي أوقع 24 قتيلاً الأحد في القاهرة، هو هجوم انتحاري تم تحديد هوية منفذه، مشيراً إلى توقيف أربعة مشتبه بهم.
وكشف السيسي في كلمة مقتضبة ألقاها أثناء مشاركته في تشييع جثامين الضحايا أن مرتكب الاعتداء «محمود شفيق محمد مصطفى، يبلغ من العمر 22 عاماً، وفجر نفسه بحزام ناسف» في الكنيسة الملاصقة لكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس التي تشكل مقراً لبابا الأقباط في وسط العاصمة المصرية.
وأضاف «تم توقيف ثلاثة أشخاص وسيدة، وما زال البحث جارياً عن اثنين».
وأشار إلى أن الشرطة أمضت الليل في جمع أشلاء مرتكب الاعتداء والعمل على كشف هويته.
وتابع «هذه الضربة أوجعتنا ولكنها لن تكسرنا، وإن شاء الله سوف ننجح في هذه الحرب» ضد الإرهاب.
ولم تعلن أي جهة حتى بعد ظهر أمس (الاثنين) مسئوليتها عن الاعتداء، ونفت حركة «حسم» التي تتهمها السلطات بأنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين أي تورط لها في التفجير.
وقال السيسي إنه «يقدم التعازي لكل المصريين».
وقبل مشاركته في الجنازة الرسمية، ترأس الرئيس المصري صباح أمس اجتماعاً أمنياً بحضور رئيس الوزراء شريف إسماعيل ووزيري الدفاع الفريق أول صدقي صبحي والداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، بالإضافة إلى رئيسي جهازي المخابرات الحربية والمخابرات العامة ورئيس جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية «لمتابعة الموقف الأمني في ضوء الحادث الإرهابي الغاشم الذي استهدف الكنيسة البطرسية»، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية.
وأكد البيان أن السيسي «تلقى خلال الاجتماع تقريراً بشأن ملابسات الحادث الإرهابي، وما توصلت إليه الأجهزة الأمنية من أدلة من واقع معاينة موقع الحادث، وما تقوم به من جهود في سبيل الوصول إلى مرتكبيه».
وأكد الرئيس المصري وفق البيان، «ضرورة مضاعفة الجهود من أجل سرعة القبض على مرتكبي الحادث وتقديمهم إلى العدالة في أسرع وقت»، مشدداً على «أن الدولة عازمة على القصاص لضحايا هذا الحادث من المصريين الأبرياء».
وطلب السيسي، بحسب البيان، من «جميع الأجهزة الأمنية استمرار العمل بأقصى درجات الحذر واليقظة والاستعداد القتالي بما يضمن الحفاظ على أمن الوطن وسلامة المواطنين».
وكان البابا تواضروس الثاني ترأس قبيل الظهر القداس الجنائزي لضحايا الاعتداء الذي أقيم في كنيسة العذراء بمدينة نصر (شرق القاهرة) بسبب أعمال التجديد الجارية في الوقت الراهن بالكاتدرائية، المقر الرئيسي لبابا الأقباط الأرثوذكس.
ووضعت الجثامين في صناديق خشبية حفر صليب على كل منها، جنباً إلى جنب أمام المذبح. وكتب على كل صندوق اسم الضحية كما وضعت إلى جوارها شموع بيضاء.
ونقلت الجثامين بعد ذلك إلى ساحة النصب التذكاري للجندي المجهول الواقع كذلك في حي مدينة نصر، بعد أن تمت تغطيتها بأعلام مصر. وأقيمت مراسم تشييع رسمية للضحايا شارك فيها، إضافة إلى السيسي والبابا تواضروس الثاني، عدد كبير من مسئولي الحكومة وأهالي الضخايا.
وقال البابا في كلمة ألقاها بعد الصلاة على أرواح الضحايا إن «المصاب هو مصاب مصر كلها وليس الكنيسة فقط».
وأضاف والدموع في عينيه «إننا نتألم كثيراً لانتقال الأحباء ونتألم لهذا الشر ولشكل الشر الذي تخلى عن كل إنسانية والمشاعر التي أوجدها الله فى الإنسان، وصار أداة فى يد أشرار يؤذون بها مشاعر الوطن».
ووقع التفجير داخل الكنيسة خلال قداس الأحد، وهو الأكثر دموية ضد الأقباط في مصر منذ اعتداء كنيسة القديسين في الأسكندرية في ليلة رأس السنة الميلادية العام 2011 والذي أوقع 21 قتيلاً.
وقال محللون إن اعتداء الأحد هو ضربة مزدوجة للأقباط ولنظام السيسي، إذ يشكل رداً على تأييد الكنيسة القبطية للحكومة المصرية، وللإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي. كما يهدف إلى التشكيك في قدرة نظام السيسي على الحفاظ على الأمن.
وواجه الأقباط الذين يشكلون 10 في المئة من عدد سكان مصر البالغ 90 مليون نسمة، تمييزاً أثناء السنوات الثلاثين لحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أطاحته ثورة يناير/ كانون الثاني 2011. وتعرضوا لاعتداءات عدة خلال السنوات الأخيرة.
ومنذ إسقاط مرسي، تمت مهاجمة 42 كنيسة على الأقل خصوصا في صعيد مصر، بينها 37 كنيسة أشعلت فيها النيران أو أتلفت محتوياتها. كما تمت مهاجمة عشرات المدارس والمنازل والمحلات التجارية لأقباط، بحسب ما أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي تتهم قوات الامن بأنها كانت غائبة أثناء هذه الهجمات الطائفية.
العدد 5211 - الإثنين 12 ديسمبر 2016م الموافق 12 ربيع الاول 1438هـ