العدد 32 - الإثنين 07 أكتوبر 2002م الموافق 30 رجب 1423هـ

صحافة فرنسية: النفط عامل رئيسي في حرب العراق

إيمان شقير comments [at] alwasatnews.com

.

على رغم ان الحرب ضد العراق لم تندلع بعد بالشكل الشامل الذي تريده الولايات المتحدة، إلا ان وسائل الاعلام الاجنبية والفرنسية منها بدأت الان التساؤل عن «مرحلة ما بعد الحرب على العراق« وكيفية توزيع حصص استثمارات النفط العراقي على الدول المصدرة واحتمال احتكار اميركا له. فالنفط، في رأي الكثير من وسائل الاعلام الفرنسية الصادرة خلال الاسبوع الماضي، هو الرهان الاول والحقيقي في الحرب ضد العراق.

ولهذا الموضوع نشرت مجلة لوكورييه انترناسيونال ملفا تحت عنوان «سيناريوهات النفطية لحرب ضد العراق».

«اوهام نفطية»

تحت هذا العنوان كتب نائب رئيس هيئة الرقابة على المجلة الكسندر ادلر يقول «ليس النفط بالطبع العامل الرئيسي للنزاع الذي اطلقته حوادث الحادي عشر من سبتمبر / ايلول. بل ويمكن التأكيد بان عمل اسامة بن لادن. ساهم في التخفيف من نزاع نفطي كان يهدد بالتأزم بين الولايات المتحدة ومنظمة الاوبب. فامام ضخامة الصدمة، كان لابد للرياض التخفيف من قيودها على العروض النفطية... لتهدئ من غضب الاميركيين، في وقت كانت بغداد المهددة بحملة عسكرية بريطانية اميركية جديدة ضدها، تزيد من وارداتها المهربة إلى سورية وتركيا استعدادا لحرب محتملة.

لكن هذا الانفراج على صعيد الاسعار الذي عززته رغبة روسيا في زيادة انتاجها لتوسيع حصتها في السوق، يعيقه اليوم احتمال حرب شاملة في المنطقة الشرق اوسطية.

صحيح اننا لم نصل بعد مرحلة صدمة نفطية جديدة، يقول، ادلر في مقاله. الا ان خبراء امور الطاقة يسألون: اليس من الحكمة اليوم وامام الشكوك السياسية التي تحيط بالمنطقة، إلغاء اعتماد الغرب واليابان القوي على النفط السعودي؟ ولهذا السؤال اجوبة عدة، يضيف ادلر، فإما يتم تسريع عملية التنقيب في مناطق اخرى من آسيا الوسطى حتى الالسكا مرورا بالبحر الكاريبي ودول المغرب، وإما استبدال النفط السعودي بمصادر اخرى للطاقة... غير ان كل هذه الحلول تفرض اولا واخيرا رفع سعر الطاقة... وهو أمر لا يمكن لاميركا تحمله... لذلك يحلم «الطاقم النفطي» للرئيس بوش بالامساك، وبافضل الطرق، بالنفط العراقي الذي يساوي مخزونه الاحتياطي المتوافر مخزون السعودية.

هو حلم خطير بالطبع، في رأي ادلر، الذي ذكر بنتيجة احلام اميركية شبيهة: العام 1953 حين ارادت بريطانيا واميركا إعادة حكم الشاه في إيران واسقاط حكومة مصدق... ابقى الشاه على تأميم النفط بل وقاد في العام 1973 الدول المصدرة للنفط في الاوبب لترتفع الاسعار. وتساءل ادلر بالتالي ما الذي سيضمن ان المعارضة العراقية، في حال حلت محل صدام حسين في السلطة بدعم من واشنطن، ستمارس سياسة نفطية موالية للغرب... في حين ان كل المؤشرات وبالعكس، تدل على ان هذه المعارضة سترث عراقا عاجزة فقيرة من دون اي قدرة تقنية على زيادة الانتاج. وان وجود عراق على طريق تحقيق الديمقراطية سيقربها من دول الاوبب المجاورة مثل ايران الشيعية والسعودية السنية التي ستصبح حليفة وحامية لها ومتوافقة معها على رفع الاسعار إلى اعلى معدل ممكن.

وفي سيناريو اخر، يتصور ادلر ان العراق تفكك تحت الحرب وان الاكراد استولوا على كركوك في حين وعلى الحدود مع الكويت تصبح ابار الرميلة بايدي امارة البصرة الشيعية المدعومة من ايران... فيصبح من الاسهل التعامل مع هاتين الدويلتين الكردية والشيعية من التعامل مع عراق موحد، لاسيما ان استمرت عملية الديمقراطية الغربية لإيران وتمت مصالحة تركيا مع اكراد العراق!!.

لكن، هنا ايضا، يرى ادلر ان مثل هذا الاحتمال - احتمال انقسام العراق - لن يؤدي سوى إلى نتيجة واحدة: هي حرب لا نهاية لها في الشرق الاوسط... وهو امر لن يخفض اسعار النفط بالتأكيد. ويختم ادلر بالقول: «اذا كان القليل من عطر النفط يدوّخ بسهولة، فإن الكثير من روائح النفط تعيد إلى الصواب. لذلك فإن ابقاء الوضع الحالي على ما هو يشكل المعادلة الافضل بين استقرار الاسعار واستقرار الدول في المنطقة.

سيناريوهات مختلفة

في ملف «لوكورييه انترناسيونال» عن عامل النفط في الحرب ضد العراق، مقال لصحيفة «وول ستريت جورنال»، يقول: ان الحرب ضد العراق سيكون لها انعكاساتها على عالم النفط. فموقع السعودية كمصدّر اول سيتزعزع وستفرض إيران نفسها كقوة اقليمية متنامية... وسيصبح على دول الاوبب مواجهة عراق تتدفق منه كميات ضخمة من النفط الخام إلى السوق. وستتدفق الاستثمارات الاجنبية على العراق مما يجبر السعودية على استغلال احتياطها الضخم الذي ترفض استخدامه منذ عشرات السنين... كل ذلك سيهدد بنهاية التوافق داخل الاوبب الذي تفرضه السعودية منذ عشر سنوات، سيما وانه سبق للجزائر ونيجريا ان طالبتا اصلا بزيادة حصتيهما اخذا بعين الاعتبار زيادة قدرتهما على الانتاج...

تضيف وول ستريت: انه بالاضافة إلى خطر حلول العراق محل السعودية في سلطة القرار داخل الاوبب وحتى في كامل منطقة الشرق الاوسط. هناك خطر ان تكون ايران الرابح الاكبر في اي حرب ضد العراق فهي ستتحرر من عدوها التاريخي على الحدود لتتفرغ لانتاج اكبر من النفط.

وتؤكد وول ستريت ان الحرب ضد العراق ستؤدي بالتأكيد إلى ارباك سوق النفط العالمي الا ان الوضع سريعا ما سيهدأ. فهناك عقود موقعة منذ التسعينات مع شركات نفط فرنسية وايطالية وروسية تنتظر رفع العقوبات لتبدأ العمل...

وفي ملف لوكورييه ايضا، مقال عن الواشنطن بوست بعنوان «تحضيرا لما بعد صدام» يشير إلى ان انظار شركات النفط العالمية كلها مشدودة إلى موارد الذهب الاسود في العراق . خصوصا الشركات الاميركية منها التي ابعدت منذ زمن طويل عن السوق العراقية وكانت تدخل هذه السوق عبر الاتفاقات النفطية بين بغداد وفرنسا وروسيا وغيرها لتعيد توزيع الاوراق على السوق العالمية. وتقول واشنطن بوست ان اهمية مصادر النفط العراقي كانت في صلب مقايضات الادارة الاميركية لضمان دعم مجلس الأمن الدولي والحلفاء الغربيين لها في اي ضربة للعراق. فشركات النفط في الولايات لمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين اي الدول الخمس الاعضاء في مجلس الامن، معنية بأي تغيير في بغداد. ويصف المدير السابق للسي اي ايه جيمس ولسي الامر بقوله: لفرنسا وروسيا مصالح نفطية في العراق. وعليهما ان تدركا انهما اذا ساعدتا على قيام حكومة عراقية مقبولة فإننا سنبذل جهدا كي تتعاون شركاتنا والنظام الجديد معهما. واذا لم تفعلا فسيكون هذا الامر صعبا بل مستحيلا».

والواقع - تضيف واشنطن بوست - ان مجرد فكرة تغيير السلطة في العراق، اقلقت الشركات النفطية الاجنبية التي خافت ان تبعدها الولايات المتحدة عن السوق العراقي. لذلك اجتمع رؤساء لهذه الشركات مع اركان المعارضة العراقية لمعرفة ما ستكون عليها سياستها النفطية: هل ستعطي بعد تسلمها السلطة حصة لأوروبا والصين وروسيا وغيرها في استثمارات النفط العراقي ام ان واشنطن ستأخذ امتياز الاحادية؟. ان تغيير النظام في العراق، تقول واشنطن بوست، يتضمن تهديدات ضخمة للسوق العالمية للنفط لان سهولة الحصول على النفط العراقي سيصبح رهنا بطبيعة ونوايا الحكم الجديد: هل سيبقي على العراق في الاوبب ام سيحوله إلى لاعب مستقل متحرر من حصص الاوبب ونفوذها؟ وماذا عن الاسعار؟... وغير ذلك من الاسئلة والتساؤلات التي ستطرح، حسب قول واشنطت بوست، في قمة اميركية روسية حول الطاقة في هوستن خلال هذا الشهر بحضور ممثلي مئات الشركات الروسية والاميركية في مجال النفط والطاقة... وهي الاسئلة والتساؤلات نفسها التي يتداول فيها يوميا «طاقم بوش النفطي جدا» من نائب الرئيس تشيني الذي ادار لسنوات طويلة شركة هايبورتون البترولية الضخمة، إلى كونداليزا رايس مستشارة الامن القومي التي عملت طويلا في منصب عال في شركة شفرون النفطية العملاقة، إلى دونالد ايفانز مدير شركة توم براون النفطية سابقا ووزير الطاقة ووزير التجارة وكثر غيرهم من حكومة بوش ممن عملوا في مجال النفط ولعبوا دورا اساسيا في تحديد الاهداف النفطية لواشنطن في الحرب ضد افغانستان.

لوفيغارو: رائحة النفط في السياسة

كل شيء في الشرق الاوسط له رائحة النفط، تقول صحيفة لوفيغارو في عدد 3 تشرين الاول. وبما ان الرئيس بوش هو من تكساس فقد كان من المحتم ان تكون السياسة العراقية للبيت الابيض رهن للمصالح النفطية لاميركا. فالحرب ضد العراق هي حرب طموحات واشنطن في الامساك بكل الآبار البترولية السعودية، حسب ما قال الوزير البريطاني السابق مو مولام.

منذ اكثر من نصف قرن، يربط عقد غير مكتوب بين البيت الابيض والسعودية جعل من السعودية اكبر منظم للسوق النفطية في العالم ومنذ 11 سبتمبر تزايد شعور العداء لاميركا في السعودية نتيجة الاتهامات الاميركية المتكررة ضد السعوديين ونتيجة دعم واشنطن لسياسة ارييل شارون. هذا الجو المشحون انعكس حتى على المفاوضات بين السعودية وشركات نفطية اجنبية... لذلك فان سعي واشنطن إلى توزيع مصادر نفطها يدخل من ضمن حساباتها في الحرب ضد العراق. فالعراق هو احد هذه المصادر الغنية وواشنطن تعرف جيدا كيف تعيد تشكيل الدول وفقا لمصالحها النفطية

العدد 32 - الإثنين 07 أكتوبر 2002م الموافق 30 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً