العدد 32 - الإثنين 07 أكتوبر 2002م الموافق 30 رجب 1423هـ

الانتفاضة النسائية وردود الفعل

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تشهد البحرين أكبر انتفاضة نسائية فائقة التنظيم والتخطيط قوامها مئة امرأة وهن في ازدياد مطرد. هذه الشبكة النسوية ليس لها رئيس، وبحسب تصريح عدد منهن فإنهن تعمدن ذلك لكي لا يتم اسكات اي شخص يتقدم إلى الامام. فجميعهن رئيسات وجميعهن عضوات وجميعهن نسوة ناشطات يطالبن بحقوقهن ويطالبن بأمر لم يستطع أحد رفعه منذ الخمسينات، ألا وهو اصلاح القضاء الشرعي.

الانتفاضة النسائية بدأت بلقاء مع وزير العدل وتطورت إلى برقية موجهة إلى عظمة الملك، ثم إلى ردود في الصحافة واجتماعات مكثفة مع المحامين لدراسة افضل الطرق لمواجهة الادعاءات المضادة الصادرة من بعض القضاة.

المنتفضات لديهن من القضايا الموثقة بأيديهن ما يجعل حماسهن منقطع النظير، بل وربما يمكن القول ان ما يقمن به فاق عمل الجمعيات الكبرى التي لها حضورها الواسع على الساحة. ولعل قوة عملهن كامنة في وضوح الهدف (اصلاح القضاء الشرعي) وعدم خنق النشاط وتضييع الجهود في التنافس على المناصب داخل المجموعة. فمادمن مجموعة من الناشطات من دون رئيس ومرؤوس ومادمن قد تحركن بطريقة جماعية على أسس مدروسة فإنهن يشعرن بنجاحهن الذي لم يتوقعنه.

وتأسيسا على نجاحاتهن الاولية، فإنهن يخططن للمزيد من الانشطة من ضمنها اعتصام أمام المحاكم في 14 اكتوبر/ تشرين الاول الجاري، وسيحاولن من خلال ذلك تأكيد عزمهن مواصلة «الانتفاضة» النسوية حتى يستمع لهن كل من يعنيه الامر.

ردود الفعل على هذه الانتفاضة تنوعت. فالقضاة هددوا باللجوء إلى المحاكم ورفع شكوى عليهن بسبب ما ادعينه من ممارسات يقوم بها بعض القضاة. ومن جانبهن قالت النسوة انهن لديهن الوثائق عن كل ما ذكرنه وهن لسن خائفات من رفع قضية ضدهن لأنهن سيكسبنها، لعلمهن بثبوتية الادعاءات النسوية.

الجمعيات النسائية ساندت نشاط الشبكة النسائية غير الرسمية واعتبرت ان نضالهن جزء من هموم الجمعيات، ولكن الجمعيات منشغلة حاليا بتأسيس الاتحاد النسائي، ولا يُعلم ما اذا كان من ضمن جدول اعمال اللقاءات التأسيسية المقبلة موضوع العمل النسائي المذكور أم لا.

ولعل أهم نقطة في العمل النسوي انه تخطى الولاءات التقليدية (سواء كانت دينية أو أثنية أو قبلية) وشمل جميع انواع المجتمع البحريني، والعامل المشترك كان المرأة وحقوقها.

ويعتبر هذا التشكيل انجازا نوعيا للمجتمع الاهلي الحديث ويساهم بصورة مباشرة في اصلاح الاوضاع التي عجزت عن اصلاحها الاجراءات الاعتيادية.

كان من الممكن منع تراكم الاوضاع سوءا لو ان شكاوى النساء تم الاستماع لها منذ سنوات عديدة، ولكن التراجع في محاسبة المسئولين خلال السنوات الماضية بسبب الظروف الأمنية آنذاك سمح لكثير من التجاوزات بالحدوث من دون رادع.

وما كشفته لنا الايام الماضية كثير عن ممارسات احد رجال الأمن الذي لم يتوقف نشاطه على انتهاك حقوق الانسان وإنما شمل سلب رمال الاراضي والمتاجرة ضد الناس معتمدا في ذلك على منصبه الذي يسمح له باعتقال وإهانة الناس الذين لا يطيعونه.

وبما ان ذلك الزمان قد ولى، فإن جميع الفئات الاجتماعية وجدت المتنفس السياسي للتعبير عن رأيها، وهي الآن تبحث عن المتنفس القانوني الذي يسمح لها بالمطالبة بحقها من خلال القانون. والقوانين العادلة هي التي يشارك فيها جميع من يعنيهم الأمر في الدولة والمجتمع وتمرر من خلال الهيئة التشريعية المنتخبة. وهذا ما نأمل أن يوفق الجميع له.

إن التطور والتقدم في البلدان الأخرى حدث عند ظهور المجتمع المدني القوي الذي يوازن الدولة ومؤسساتها ما يوفر القدرة لإدارة النزاعات بصورة سلمية. وما تشهده البحرين من نشاطات اجتماعية على مستوى الكمية والنوعية دليل على صحة المجتمع والدولة وليس العكس

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 32 - الإثنين 07 أكتوبر 2002م الموافق 30 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً