قال الفنان الأميركي صامويل جاكسون أن مسلمي أميركا يعاملون اليوم بنفس الطريقة التي كان الأميركان السود يعاملون بها، مرجعا السبب لعدم فهم المجتمع الأميركي لهم، مستدركاً بأن مسلمو أميركا "هم الأكثر علما وثقافة وأنهم يديرون الأعمال التجارية الأنجح في أميركا".
وأضاف جاكسون بأنه لا يجد نفسه نموذجا لأنه نجم، بل لأنه رجل عائلة، ولأنه أحد القلائل من الأميركان السود ممن لم يعتقلوا في أميركا، كما أشار إلى أن كل ما يستطيع فعله ليقدم نموذجا يحتذى به هو أن يكون شخصا أفضل.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية مفتوحة عُقدت يوم أمس الجمعة (الموافق 9 ديسمبر/ كانون الأول 2016) مع جاكسون، في مسرح مدينة الجميرا، وذلك ضمن فعاليات اليوم الثالث من مهرجان دبي السينمائي الدولي.
خلال الجلسة كشف جاكسون عن مسيرته الفنية وحياته وأفلامه الرائعة، مشيراً إلى أن بداياته في التمثيل جاءت على يد والدته التي كانت تعمل مدرسة للرقص وهي من أخذت بيديه منذ كان صبياً صغيراً نحو عالم التمثيل، يقول "كانت تعلمني كيفية التحدث والرقص وأمور كثيرة، ولم يكن لدي خيار، لكني أتذكر بأنني وبعيدا عن كوني راغباً في تعلم تلك الأمور أم لا، إلا أنني كنت استمتع كثيرا بالتصفيق وبإعجاب الناس بأدائي".
وواصل "أعجبني هذا الأمر كثيرا لدرجة انني عند ما إنتقلت إلى كاليفورنيا مع والدتي، واصلت المشاركة في المسرحيات في المدرسة. كنت اشارك في كثير من المسرحيات لدرجة أن المدرسين طلبوا مني أن اعطي فرصة للطلبة الاخرين".
عن النجومية والوصول إلى هوليوود، وفيما إذا كانت حلما مستحيلا تحقق، قال "لم أفكر بهذا الأمر ولم أسعى لتحقيقه" لكنه وجد الأمر نتيجة طبيعية لساعات التدريب الطويلة التي كان يقضيها مع والدته خلال فترة الإجازات، وصولا إلى المدرسة الثانوية وإلى طلب استاذه منه ومن باقي الطلبة المشاركة في مسرحية سيخرجها المدرس في مقابل منحهم درجات اضافية.
شارك جاكسون، حصل على الدرجات، وبعدها "منذ ذلك الحين لم اتوقف عن التمثيل. وكانت تلك المرة الوحيدة في حياتي التي شعرت فيها بأنني وجدت ما يشجعني على الاستيقاظ صباحاً والذهاب الى المدرسة".
المسرح وحمى الإدمان
بعدها عرج جاكسون على الفيلم الذي صنع منه نجما هوليوودا بارزا ولفت الأنظار لموهبته حين قامت إدارة مهرجان كان السينمائي بإبتداع جائزة أفضل ممثل في دور ثان فقط لتمنحه جائزة عن أداءه المميز فيه. كان ذلك فيلم Jungle Fever الذي قدمه جاكسون عام 1991 مع المخرج سبايك لي.
عن الفيلم وعن نقلة النجومية التي حدثت في حياة جاكسون ثم عن الأدوار التي قدمت له كممثل أسود في هوليوود، قال "كل ممثل يحلم بأن يكون نجما كبيراً، وفي البداية كنت ساذجا بخصوص التنقل بين المستويات في هوليوود، وكنت أعتقد أنني سأنتقل بالتدريج من مسلسلات Soap Opera إلى البرامج التلفزيونية الواقعية ومن ثم سأصبح نجما سينمائياً".
لكن الأمر لم يحدث كذلك، فجاكسون الذي بدأ ممثلا مسرحيا في فترة إزدهار للممثلين السود قفز إلى النجومية بشكل مختلف. يقول جاكسون "كنت في نيويورك في فترة مزدهرة جدا للممثلين السود، إذ كان هناك الكثير من الأدوار للممثلين السود، وقد عملت مع اشخاص مثل مورغان فريمان ودينزل واشنطن وهو ما شجعني على أن اعمل أكثر. كما إن كل هؤلاء نجحوا في المسرح وانتقلوا إلى السينما، ولذا كنت أعرف أنني في المكان الصحيح، وأنني أفعل الشيء الصحيح".
لكن من جانب آخر، يتذكر جاكسون "في الوقت الذي ألتحقت فيه بالمسرح، كان هناك ممثلي المسرح الأساطير، وكان هؤلاء منشغلين بالمخدرات والنساء ومع ذلك كانوا ناجحين، وكنت أعتقد أن ذلك جزء من مهنة التمثيل، ولذا إنتهي بي الأمر لأن أصبح مدمن مخدرات".
ويضيف "الأمر المهم والظريف والمؤذي المتعلق بإدماني على المخدرات هو أنني وفي ذروة إدماني كنت اعتقد انه ليس هناك أحد يمكنه أن يقوم بدور المدمن أفضل مني. بالفعل عرض علي دور المدمن في فيلم Jungle Fever وذلك بعد أن تعالجت من إدماني، وبدأنا تصوير المشاهد بعد اسبوعين من مغادرتي لمركز إعادة التأهيل، لذا لم احتج للكثير من التمثيل، الشخص الذي رأيتموه على الشاشة كان بالفعل يشبهني في ذلك الوقت، كما إن جزء من نجاح الأمر هو أنه كتب بطريقة جيدة، إذ إنني تحدثت مع سبايك لي (كاتب الفيلم ومخرجه) عن الأمر واقترحت عليه أن لا نجعل (غاتور) مدمن فقط، بل شخص يعتدي على عائلته ليحصل على المال ليشتري المخدرات، واعتقد ان هذا الأمر أعجب كثير من العائلات التي فقدت أحبة لها بسبب ذلك، هذا ما جعل للفيلم وللدور أصداء كبيرة في أميركا".
سبايك لم يأخذني إلى "كان"
أما عن مهرجان كان والنجومية التي منحها لجاكسون، فيتذكر "سبايك كان ذاهبا الى كان، وكنت سعيدا جدا إذ اعتقدت بأنني سأكون معه، لكنه أخبرني بأنه سيأخذ النجوم فقط مثل ويزلي سنايبز، لكنه عاد بعدها ليخبرني عن أنه تم إبتداع جائزة لي".
يقول جاكسون "هذا الفيلم يمثل أول أداء حقيقي لي، أديت الدور بكل ذرة في كياني، تواصلت مع الشخصية بشكل كبير. هذا الدور وتلك الفترة من حياتي هما ما أبرزني بشكل كبير في هوليوود وهو ما جعلني اتمكن من التواصل مع نفسي بشكل أفضل واستجمع كل ما لدي لأقدمه أمام المشاهدين، وهو ما جعلهم يتعاطفون مع الشخصية بشكل كبير. أعتقد أن ما حققته في تلك اللحظة جعلني أكثر رزانة وملئ حياتي. في أوقات معينة اعتقدت بأنني لن استطيع ان أمثل ولن أستطيع أن أواجه الناس، أو أن أمتلك الشجاعة للوقوف أمام الكاميرا او على المسرح دون أن يكون المخدر في دمي، لكن الوضوح والرزانة اللذان حصلت عليهما بعد أدائي الدور منحاني رغبة في أن أقدم الأشياء التي طالما أردت تقديمها ووضوحاً في الكيفية التي أريد أن أقدمها بها.
سبايك وتارنتينو... وقصص نجاحي
عن أهم مخرجين عمل معهما، سبايك لي، وكوينتين تارنتيو، قال "أعرف سبايك منذ زمن طويل ، التقيته في نيويورك فيما كنت أشارك في إحدى المسرحيات، كما إننا أردتنا الجامعة نفسها في أتلانتا. بعد أن شاهد سبايك أداءي في المسرحية، قال لي يومها أنه سيصبح يوما ما مخرجا وسيقدم لي أدوارا في فيلمه، ضحكت منه يومها لكنني بعدها قدمت معه أفلاما من أهم افلامي مثل School Daze و Jungle Fever.
وعن طبيعة عملهما معاً، قال "سبايك محظوط جدا، لأنه كان لديه مجموعة من الممثلين يعرفون بعضهم جيدا كما إننا علمنا معا كثيرا، ولذا حين كنا نقوم بالبروفات لأي فيلم كنا نعدل الأمور كثيرا لأننا كنا جميعا محترفين وكل ما كان يحتاجه سبايك هو أن يشغل كاميرته ويترك الأمور لنا".
أما عن كوانتين تارنتيو فقال "كوينتين يروي قصص كثيرة، وهوذكي ويملك ذهنا موسوعيا، إذ يمكن له حتى أن يخبرك عن الأفلام التي يسرق منها بعض مشاهد أفلامه. كما إنه يبقينا جميعا مشغولين أثناء التصوير"
وأضاف "سألته مرة كم شخص يعرف أن فيلم Reservoir Dogs هو اعادة لفيلم City of Fire فأنكر الأمر ولكنه منذ ذلك الحين بدأ يرسل لي نصوصه لاعطيه مقترحاتي".
لم يشارك جاكسون في فيلم Reservoir dogs إذ لم يتمكن من إجتياز أختبار الأداء للفيلم، عن ذلك يقول "نعم، أجريت الاختبار أمام أشخاص مثل تيم روث، وهارفي كايتيل وشخص لم أره من قبل وهو المنتج لورنس بيندر. كانوا فظيعين وكرهتهم جميعا، ولم أحصل على الدور، ولكني حين شاهدت العرض الأول للفيلم، أردت ان أبدي إعجابي بالفيلم فقال لي لورنس كيف وجدت عدم قبولنا لك لأداء الدور. فقلت له كان الفيلم سيكون افضل بكثير لو ظهرت فيه فقال لي أنني اكتب فيلما جديدا الآن واكتب دورا لك، وفعلا قدم لي نص فيلم Fresh، وحين قرأت النص وجدته رائعاً. الغريب أنهم طلبوا مني إجراء اختبار أداء للفيلم رغم أن الدور مكتوب خصيصا لي".
عن فيلم Chi-Raq الذي قدمه عام 2015 مع المخرج سبايك لي والذي لم يحقق نجاحا كبيرا، قال هذا فيلم موسيقي جاء ليناقش قضية قتل السود لبعضهم البعض، وهذه مشكلة في أميركا وبالتحديد في شيكاغو وسبايك أراد أن يقدم فيلما يتحدث عن هذا الأمر، لكن الناس لم تفهم الفيلم بالطريقة التي ارادها سبايك ولذا لم يحقق الفيلم نجاحا كبيرا".
يشار إلى أن صامويل جاكسون تسلّم "جائزة تكريم إنجازات الفنانين" خلال ليلة افتتاح الدورة الحالية من المهرجان. وقدم جاكسون للسينما مجموعة واسعة من الأفلام العالمية. بدأ مسيرته مع فيلم "Together for Days"، في العام 1972، وتابع تجسيد أدوار مختلفة في أفلام عدة، حتى لمع اسمه بعد فيلم "Jungle Fever"، للمخرج سبايك لي في العام 1991، وأتاح له دور مدمن المخدرات غيتر، الحصول على جائزة أفضل ممثل مساعد في مهرجان كان السينمائي. ثم شارك مع فنانين مهمين في فيلم "Pulp Fiction" في العام 1994، حيث حصد جوائز عدة، منها «بافتا» لأفضل ممثل مساعد، و«أوسكار»، وترشّح لجائزة "غولدن غلوب"، وكسب اعترافاً عالميّاً لأدائه المتميز.
هذا ممثل ناجح عدل. أفلامه عجيبه.