جاءت الكلمة لتبدد الصمت البشري، فكانت الكلمة المنطوقة هي جسر التواصل المباشر بين بني الانسان، وسرعان ما لحقتها الكلمة المطبوعة المقروءة لتصل الأفكار والمشاعر لأكثر من شخص في أنحاء متفرقة من المعمورة، ومن هنا وجدت القراءة لتقترن بنا كخير أمة، مع أول انطلاقة للإسلام على أساس اقرأ، فنحن أمة اقرأ لابد لها أن تقرأ، هذا ما كانت تنادي به ولاء عبدالهادي البقالي، ذات السبعة عشر ربيعا، من مدرسة جدحفص الثانوية للبنات، والحاصلة على المركز الثالث في تحدي القراءة العربي.

تحدي القراءة العربي هو أكبر مشروع عربي أطلقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتشجيع القراءة لدى طلاب العالم العربي بجميع المراحل الدراسية، هذا التحدي والذي يعتبر نوعا من المنافسة للقراءة باللغة العربية، عبر 5 مراحل، تتضمن كل مرحلة قراءة 10 كتب وتلخيصها في جوازات التحدي. بعد الانتهاء من القراءة والتلخيص، تبدأ مراحل التصفيات وفق معايير معتمدة، وتتم على مستوى المدارس والمناطق التعليمية أو المحافظات ثم مستوى الدولة، وصولاً للتصفيات النهائية والتي تُعقد في دبي سنوياً في شهر أكتوبر/تشرين الأول.

ولاء، التي استضافتها قبل أيام اللجنة الثقافية بنادي سماهيج الثقافي الرياضي، كانت أيقونة ذلك اللقاء، ومحط أنظار الحضور الذين غصت بهم قاعة «عين العودة» من أمهات وآباء ومعلمين وطلبة، كلا يريد أن يعرف كيف اجتازت ولاء هذا التحدي، وهل يمكن لأبنائهم وطلابهم حذو ما قامت به. كلها تساؤلات أجابتها ولاء بثقة وتمكن وقدرة زادت من إعجاب الحضور بها.

ما الذي تحدته ولاء في هذا التحدي؟ هي ترى أن قراءة 50 كتابا متنوعا، قراءة واعية فهما وتحليلا خلال 3 شهور مع الانشغال بالدراسة والتفوق فيها، هو أكبر تحد لها، وخاصة أنها تخوضه للمرة الأولى مع عمرها الصغير، هي عاشقة للتحدي بكل أبعاده، وتعجب بمن يتحدى وينجز، فلما سئلت عن أبرز شخصية أعجبت بها في قراءاتها، أشارت إلى الكاتبة الكويتية ليلى العثمان، من خلال روايتها المحاكمة، وعللت ذلك بقولها «رغم جميع المعوقات والصعوبات في حياتها العلمية والأدبية وحتى في حياتها الخاصة، والعادات المتحجرة، والفكر المتشدد للبعض، والذي أوصلها إلى حد أبواب المحاكم، والأوضاع السياسية التي حالت بينها وبين زوجها الكاتب الفلسطيني وليد أبوبكر، جميع هذه المعوقات لم تقف حاجزا أمامها، واستطاعت على رغم ذلك أن تتلمس الابداع فيها، وتشعر أنها كم انتصرت عليهم جميعا وظلت تكتب وتبدع». هكذا وجدت ولاء طريقها في التحدي في القراءة، التي اعتبرتها الوسيلة الوحيدة التي توصل محبيها إلى كل الأحلام... ولما طلب منها تفسير لذلك، أشارت إلى أن القراءة جعلتها تتلاقى مع أشخاص من عوالم وأفكار مختلفة، فكلما قرأت أكثر فهمت أكثر، تغوص في بحر الكلمة، القراءة جعلتها تثق في قدراتها وإمكاناتها، وأعطتها القدرة على مواجهة الجميع، وفي الوقت ذاته القراءة جعلت الناس من حولها يلتفتون إليها.

ولاء من صغرها تعشق القراءة هكذا تصفها والدتها معلمة اللغة العربية، تقرأ من 3 إلى 4 ساعات يوميا، تواجه وتجيد الإجابات المقنعة والمختصرة، وتعبر عن ذاتها بكل أريحية وصدق، فحين سألتها: لماذا لا تقبلين على دراسة الفلسفة بدلا من الطب، فنحن في عالمنا العربي بحاجة إلى مفكرين فلاسفة، قالت: وما المانع في أن أكون طبيبة وفيلسوفة في آن واحد؟

على رغم أنها لم تكن تتوقع الفوز في مسابقة تحدي القراءة العربي، لكنها كانت متحمسة للمشاركة وقابلة للتحدي، الذي لن يكون الأخير بإذن الله تعالى في حياتها، فهي مقبلة على أبواب عدة، فيها من التحدي الذي تمتلك فيها الشجاعة بالقدر الذي يؤهلها لأن تكون ولاء البقالي في ثوب جديد.