العدد 31 - الأحد 06 أكتوبر 2002م الموافق 29 رجب 1423هـ

ماذا عن «الإمبريالية الجديدة»والحرب الأميركية على العراق؟

صحافيون أميركيون وبريطانيون:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

شنت مجوعة من الكتاب البريطانيين والأميركيين حملة مركزة على سياسة الإدارة الأميركية في ظل الحديث الأميركي المتصاعد الذي يؤكد حتمية الحرب على العراق والإطاحة بنظام صدام حسين. وتركزت انتقادات المحللين والكتاب على «استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة» التي أعلنها البيت الأبيض الاسبوع الماضي، والتي أكد من خلالها الرئيس الأميركي جورج بوش، مبررات التحول الجذري الذي طرأ على استراتيجية الولايات المتحدة في العالم، منذ وصوله إلى السلطة، وخصوصا بعد هجمات سبتمبر/أيلول قبل سنة، وتحديدا التخلي عن سياسة الردع والاحتواء التي اعتمدتها واشنطن خلال «الحرب الباردة» تجاه خصومها وأعدائها، واعتماد سياسة الإجراءات الوقائية أو الاستباقية ضد الدول التي تطور أسلحة الدمار الشامل أو التنظيمات الإرهابية التي ترى انها تهدد مصالحها الحيوية.

وأجمع الكتاب على انها سياسة هيمنة وستؤدي إلى نتائج كارثية على المستوى العالمي، ووصفها أكثر من كاتب بأنها «امبريالية جديدة». وأجمع المحللون على ان الادارة الاميركية الحالية، التي تعمل جاهدة في التخطيط للحرب على العراق سيكون لحربها نتائج كارثية خصوصا على الصعيد العالمي، كما يرى سيماس ميلن في «غارديان» البريطانية، وتوقع أن تؤدي هذه الحرب إلى تشريع الحروب الاستباقية والوقائية وإلى تشريع لغة القوة. ورأى إبرا شيرنيس في «كومون دريمز نيوز سنتر» الاميركية، انه من الصعب معرفة أي منها أكثر اشمئزازا، استراتيجية الأمن القومي التي وضعتها إدارة بوش حديثا، أم هذا الصمت المحبط الذي قوبلت به هذه الاستراتيجية. لافتا إلى انه بعد قراءة متمعنة لهذه الاستراتيجية يتبين ان واشنطن تريد الحرية للجميع، ولكن على طريقتها الخاصة. أي انه يحق لها وحدها تحديد معنى هذه الحرية. وان القيم الأميركية يجب أن تشكل نموذجا يحتذى به في كل أرجاء العالم: الحرية والديمقراطية.

وأضاف، انه في حال اختارت أي من الدول أن تكون حرة بطريقة لا توافق عليها واشنطن، فسرعان ما تغدو هذه الدولة عدوة للحرية والحضارة، وتشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي. وقال اننا نحضر اليوم لشن حرب ضدّ العراق، ليس لأنهم يكرهون حرياتنا بل لأننا نكره حرياتهم. وإذا أردنا وقف الحرب ضدّ العراق، والحروب الأخرى المستقبلية فإنه يجب علينا الآن المطالبة بفتح نقاش وطني (أميركي) عن استراتيجية الأمن القومي. وليس بعيدا عن هذا الملف، لفت سيماس ميلن، إلى ان العالم يسير اليوم، وبسرعة فائقة باتجاه ثقافة سياسية جديدة تبشر بهيمنة أميركية عالمية. فقد سنّ الرئيس الأميركي، من خلال عقيدته الجديدة (استراتيجية الأمن القومي الأميركي) قوانين لما وصفها بأنها «الإمبريالية الجديدة التي ستستخدمها الولايات المتحدة لإزاحة كل منافس لها سواء كان في موقع سلطة، أو في موقع عسكري. واعتبر أن شن هجوم عن العراق سيكون له نتائج كارثية خصوصا على الصعيد العالمي... معتبرا ان هذه الحرب ستؤدي إلى تشريع الحروب الاستباقية والوقائية وإلى تشريع لغة القوة بدلا عن لغة الدبلوماسية. ورأى ميلن أخيرا، ان الهدف الحقيقي وراء الحرب الأميركية هذه ليس صدام وإنما تطبيق العقيدة الأميركية الجديدة (استراتيجية الأمن القومي) وإعادة تشكيل خريطة منطقة الشرق الأوسط بكاملها. واعتبر دانييل بنيامين في «نيويورك تايمز» ان الربط بين تنظيم «القاعدة» والنظام العراقي خلق ارتباكا خطيرا، إذ ان هذا الأمر قد يدفع بصدام إلى رفع الحظر عن اعطاء «الارهابيين»أسلحة الدمار الشامل كما ان هذه الضربة قد تعزز الفكرة التي يحاول أسامة بن لادن بثها في العالم الإسلامي والشرق الأوسط، وهي ان أميركا تقود حربا ضد الإسلام. وخلص إلى انه يجب الأخذ في الاعتبار ان الهجوم على العراق لن يكون استكمالا للحرب ضد «الإرهاب» وإنما انحراف عنها. لكن آندرو بانكوم في «كومون دريمرز نيوز سنتر» الأميركية وضع يده على الوجه الآخر، للقضية الأكثر إثارة في السجال القائم بين الولايات المتحدة من جهة وشركائها في مجلس الأمن من جهة أخرى، الذي يدور حول احتمال انفراد الولايات المتحدة بتوجيه ضربة من دون العودة إلى مجلس الأمن. ومن هنا غمز باكوم، من قناة المصالح الاقتصادية وخصوصا ما يتعلق بالنفط، وإذ لفت بانكوم إلى ان شركات النفط في العالم، تناور حاليا من وضع يدها على خزان النفط العراقي الذي يساوي مليارات الدولارات، بعد الإطاحة بنظام صدام نقل عن خبراء في مجال النفط، ان هناك تخوفا بين الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، من ان تقوم واشنطن بتجاهلهم، بعد وضع يدها على حقول النفط العراقية. وأضاف الخبراء، انه نتيجة لذلك، قامت عدد من شركات النفط بإجراء محادثات مع المعارضة العراقية لضمان مشاركتها في أية صفقات مستقبلية. وعن لا جدوى الحرب كتب روبرت فيسك في «الإندبندنت» البريطانية لافتا إلى انه إذا كان ملف بلير مبنيّ على الترجيحات والافتراضات فإن بريطانيا ليس لها أية مصلحة في المشاركة في هذه الحرب... أما إذا كان ما جاء في الملف صحيحا فإننا نكون قد قتلنا عبر العقوبات الوحشية والشاملة وغير المجدية، نصف مليون طفل عراقي. وهذه تعتبر جرائم حرب. وفي أمر آخر، هو من تداعيات الحملة الأميركية على العراق، أو سياسة «غض النظر» التي تمارسها واشنطن في مناطق عدة من العالم كرمي انجاح الحملة على العراق، لاحظ الغلوبل انتلجنس (مركز الدراسات والأبحاث جيوسياسية) من خلال موقعه على الانترنت، ان انشغال واشنطن في حربها على الإرهاب واستعداداتها لشن حرب ضدّ العراق أفسحا المجال أمام الصين للمناورة في شرق آسيا. كما أن الحملة الأميركية ضدّ الإرهاب دفعت ببعض الدول الآسيوية مثل إندونيسيا التي تلعب فيها المجموعات الدينية دورا إلى البحث عن بديل عن واشنطن. أما المفارقة المضحكة، فهي بحسب الموقع، هي ان التدخلات الأميركية في آسيا، التي التي طالما ساهمت في توتير العلاقات بين الصين واندونيسيا، يبدو انها اليوم تسهل طريق المكاسب الاستراتيجية لبكين، لافتا إلى ان الصين وإندونيسيا، عززتا علاقاتهما الاقتصادية والعسكرية في الأشهر الأخيرة الماضية.

وواصلت «نيويورك تايمز» انتقاداتها للإدارة الأميركية، التي تعمل جاهدة في التخطيط للحرب التي يمكنها بالتأكيد ان تختار مهمة أسهل من ذلك، من خلال حماية المواد الانشطارية من ان تصل إلى أياد خاطئة، لافتة إلى ان ادارة بوش ساهت في اجتماع الدول الصناعية الثماني الكبرى في تأسيس حلف دولي للحؤول دون انتشار أسلحة الدمار الشامل. مشيرة إلى ان واشنطن، والدول الثمان ستدفع حوالى 10 مليارات دولار خلال السنوات العشر المقبلة من أجل تحقيق هذا الهدف. وفي افتتاحية لها، رأت «نيويورك تايمز» انه في الوقت الذي يزداد فيه الملف العراقي سخونة في واشنطن، كان من الجيد الاستماع إلى نداء وجهه السيناتور إدوارد كينيدي، إلى الادارة الأميركية لأخذ الحيطة والحذر. لافتة إلى ان هناك الكثير من الأشخاص الذين يوافقون السيناتور كينيدي، في رأيه. ورأت الصحيفة الأميركية، ان على بوش أخذ هذه المسائل في الاعتبار إذا كان يريد فعلا أن ينال دعما واسعا من قبل الشعب الأميركي في حملته ضدّ العراق. لافتة إلى ان ادارة الرئيس، تبدو اليوم ملتزمة بالعمل مع أعضاء مجلس الأمن، بمن فيهم روسيا وفرنسا، لإصدار قرار يمنح الوقت لمزيد من المساعي السلمية لحمل العراق على تسليم أسلحته. ورأت انه حتى لو كان بوش، يشكك في نجاح هذا المسعى، فإنه يجب أن يعطيه الفرصة. ذلك انه إذا ثبت انه لا مفر من المواجهات، عندها ستلقى استراتيجية بوش دعم مجلس الأمن، ودعم اعضاء الكونغرس الديمقراطيين أيضا، لكن مايكل ليدن في «وول ستريت جورنال» تطلع إلى القضية من منظار أكثر شمولية، فهو يرى ان مسار النقاش الداخلي الأميركي بشأن «الإرهاب» ينحو باتجاه خاطىء، ذلك انه يتمحور على استخدام قوة واشنطن العسكرية ضدّ بلد واحد بهدف الإطاحة بزعيمه. بينما وحسب الكاتب الأميركي، يجدر بالأميركيين التحدث عن استخدام العبقرية السياسية والأخلاقية والعسكرية لدعم ثورة ديمقراطية واسعة ترمي إلى تحرير الشعوب في الشرق الأوسط مما أسماها الأنظمة الديكتاتورية، لافتا إلى انه إذا نجحت واشنطن، في اسقاط «حكم الفقهاء» في إيران، فسرعان ما ستكتسب الثورة الديمقراطية حلفاء لها في سورية والعراق، وحتى في السعودية. معتبرا ان سقوط ما أسماها الأنظمة الديكتاتورية سيعزز نفوذ العناصر الموالية للغرب، والمعادية للإرهاب داخل العائلة المالكة في المملكة السعودية

العدد 31 - الأحد 06 أكتوبر 2002م الموافق 29 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً