انه لمن دواعي بهجتنا وفرحنا المتزايد هذه الايام، هو شعورنا بحرية الكلمة.
إن شعور الانسان بالحرية شعورٌ لا يضاهيه أي شعور، اننا بتنا نسمع انواعا من الاحتجاج كان من المستحيل علينا قبلا سماعها.
وبات الكل متفائلا بانه بامكانه ان ينقد ما لا يعجبه ويعبّر بكل صراحة عما يضيره.
من هنا انفرجت احدى الازمات النفسية التي كان يعاني منها الكثير في حرية التعبير. وبدأت «الوسط» حملة حركة الحرية في التعبير.
وبدأ الناس يشكون حالهم، وما جال لهم في سكناهم من مشكلات وقصص غريبة وعجيبة! نقرؤها يوميا.
ان انفتاح الكلمة جيد جدا، ولكن الاهم منها هو محاولة ايصال الشكوى الى الجهات المسئولة ومتابعتها الى ان يبت في حلها.
ان الشكوى جيدة وطريق الى حل المشكلات، على شرط ان يكون هناك من يتابع هذه الشكاوى وان يحاول قدر المستطاع ايجاد الحلول لها سواء من الجهات الرسمية او من القطاعات الخاصة الاخرى او ممن يمارس عمل التحقيقات الصحافية، اذ انه اذا ما تكررت الشكاوى ولم نصل الى حلول جذرية لهذه المشكلات، فان ذلك سيضعف من يتناولون هذه القضايا ويفقد الناس ثقتهم في بث شكاويهم وتضعف بالتالي قيمة الحرية، وعلى من يتناول موضوعا متابعته قدر المستطاع.
وعلى سبيل المثال قمت بكتابة مقال انتقد فيه عدم توسعة كلية التمريض لاستيعاب عدد اكبر من الطلاب وما يتناسب مع الزيادة السكانية ما ادى الى رجوع الاجانب من الطاقم الصحي من ممرضات وصحيين وفنيين بنسب عالية جدا، وبقاء الحال كما كان مع استمرار ندرة بحرنة هذه المهنة.
ومشكورة الجهة التي اجابت بيد أنها دخلت في تحليل طويل جدا لا يشبع ولا يسمن من جوع، او فيه الكثير من الدبلوماسية اشكرها عليه ولكن كل ما فهمته منه هو انه لا امكانات لذلك! اختصار في الرد وحكمة في السكوت.
لا اريد هذا النوع من الردود. انني اطالب بمعرفة الاسباب التي تشجع فيها البلاد على نهضات سياحية وجذب استثماري ولا تستوفي اساسات الخدمات اللازمة للبلاد والتي تترأسها الخدمات الصحية. وان هذا المجال هو عصب الحياة المدنية الحديثة. ولا يمكننا السكوت والاعتذار وايجاد الاعذار لملء بلادنا بعمالة تدفع لها ألوف الدنانير التي تذهب الى الخارج وتولي ومن دون استثمار حقيقي في ابناء بلادنا وهم الاساس في تكوين مجتمع قادر على امتصاص البطالة واستثمار ثروات بلادنا وديارنا واعادة المال المهاجر كي يتحرك في الداخل ويطور ويدور ويحرك عجلة الاقتصاد النائمة.
دعونا ندعو الى متابعة الحوار. لا زلت غير مقتنعة باجابات كلية العلوم الصحية، فهناك من نسى هذا القطاع الحيوي قانعا بما ينتجه من فتات الى مجتمع حيوي نابض يريد ان يكبر، ولكن أبى الزمان عليه الا ان يبقى لابسا ثيابا بالية وامكانات استهلكها ربع القرن الماضي (القرن العشرين) يريد ان يحملها ليغزو بها القرن الحادي والعشرين. كيف ذلك يا اسياد هذا الزمان؟ فهل يعقل ذلك!؟ انني اطالب بمواصلة هذا الحوار وأريد ان ارى توسعة كبيرة لهذا القطاع حتى لو اضطررنا الى فتح باب التبرعات لبناء كلية اكبر لاستيعاب فلذات اكبادنا وخدمة بلادنا، والتقدم بخطوات ثابتة في القرن الجاري ومن دون التباكي على عدم وجود الامكانات، لان هذا السبب بصراحة غير مقنع.
واذا ما وجدت الارادة ظهرت الحلول طافية على السطح. وظهرت الايادي السخية الكثيرة والتي هي على استعداد لتحريك هذا القطاع وتوسعته. فقط نريد من يخطط للمستقبل وتوسعة الخدمات كي تتماشى مع الزيادة السكانية المتوقعة وعلى مر الاجيال للكليات والجامعات التي تباشر تعليم ابنائنا جميعها... فهل من جواب؟
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 31 - الأحد 06 أكتوبر 2002م الموافق 29 رجب 1423هـ