أكدت فعاليات اقتصادية أن الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية حملت بين طياتها ملفات اقتصادية في غاية الأهمية من شأنها ان تدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك وصولاً إلى التكامل الاقتصادي المنشود في مختلف القطاعات الحيوية.
وأوضحوا في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين (بنا) أن دول مجلس التعاون الخليجي تخطو بثبات نحو التحول إلى واحدة من أكبر 10 تكتلات اقتصادية في العالم رغم تبعات أزمة الهبوط المستمر لأسعار النفط وخفض الإنفاق الحكومي.
وكان المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية قد وافق في ختام أعمال دورته الـ 37 مساء أمس (الأربعاء) على تبادل المعلومات الائتمانية بين دول المجلس وفق خطة العمل قصيرة الأجل والإطار الشامل لآلية تسهيل تبادل المعلومات الائتمانية بدول المجلس. ووافق المجلس الأعلى على تأسيس وبناء نظام ربط لأنظمة المدفوعات بدول المجلس، وتفويض مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول المجلس بتملك وإدارة وتمويل المشروع من خلال تأسيس شركة مستقلة.
كما وافق المجلس الأعلى على قانون (نظام) مكافحة الغش التجاري لدول مجلس التعاون بوصفه قانوناً (نظاماً) إلزامياً. وأكد المجلس الأعلى على أهمية التزام الدول الأعضاء بتنفيذ مشروع سكة حديد دول مجلس التعاون، وقرر إحالته إلى هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية لوضع الآلية اللازمة لاستكمال تنفيذه في موعده المحدد.
من جانبه قال عضو مجلس التنمية الاقتصادية رجل الأعمال البحريني خالد الأمين، إن مجلس التعاون حقق الكثير من الإنجازات في الفترة الماضية، والتي عادت بالفائدة الكبرى على أوطاننا وشعوبنا، وهناك الكثير من الفرص التي نستطيع أن نحققها لكي نضمن الازدهار الاقتصادي والنمو في دول مجلس التعاون، وكذلك نضمن أمن الإمدادات والأمن الاقتصادي. وأكد قدرة دول مجلس التعاون كتكتل إقليمي أن تكون من أكبر القوى الاقتصادية في العالم، خاصة مع توفر كافة المقومات والقواسم المشتركة لتحقيق تكامل شمولي.
وذكر الأمين أن الموافقة على مشروع ربط أنظمة المدفوعات المالية بين دول مجلس التعاون سيكون نقطة الانطلاق لإقرار العملة الخليجية الموحدة على غرار ما حدث في منطقة اليورو. وبين أن ربط أنظمة المدفوعات سيسهم في تقديم الخدمات المالية لمواطني دول الخليج خلال تنقلاتهم بين دول المجلس، مثل عمليات الدفع الإلكتروني من سداد الفواتير والتحويلات المالية، بالإضافة الى تسهيل مقاصة وتسوية المعاملات المالية العابرة للحدود بشكل آمن وفعال، ما يعزّز من نشاطات التجارة الثنائية والمتعددة الأطراف بين دول المجلس.
ولفت الأمين إلى أن مجلس التعاون الخليجي صرح كبير وفاعل وينتظر المواطنين الخليجيين قرارات قادتهم بما يصب في مصلحة دول الخليج واقتصادها بالدرجة الأولى، وبما يضمن الحفاظ على النسيج الاجتماعي ورفع معدلات رفاهية شعوب المنطقة. ونوّه بأن مشاريع ربط المواصلات والاتصالات والمياه والمشاريع المالية كفيلة برسم خريطة التكامل الاقتصادي والاتحاد في المستقبل القريب على مستوى الخليج.
بدوره، قال المستشار الاستثماري أسامة معين، إن قرارات قمة البحرين بشأن تقنين المعاملات البنكية بين دول الخليج وتبادل المعلومات الائتمانية ومكافحة الغش التجاري ستسهل نقل الاستثمارات دون عوائق وسيسهل من العمليات المصرفية ويوحد التوجهات المصرفية في دول مجلس التعاون. وأكّد أهمية الربط المائي ما بعد الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون، ما يدلّ على مدى إدراك قادة الخليج لحساسية ملف الأمن المائي وما تتعرض له أقاليم العالم من صراعات مائية لا تحمد عقباها.
وذكر معين أن قانون الغش التجاري الموحد سيعطي دول مجلس التعاون القاعدة الرئيسية لتعظيم التعاون التجاري وتقوية الربط التجاري للمنتجات الخليجية على مستوى إقليمي. ولفت إلى حرص قادة دول مجلس التعاون على المضي قدماً في مشروع العملة الخليجية الموحدة، والاستمرار في سير العمل بالمجلس النقدي الخليجي، معرباً عن أمله في امكانية الشروع بهذا المشروع عبر دولتين أو 3 دول في بادئ الأمر، ليتم تعميمه لاحقاً على جميع الدول الأعضاء كما هو حال تجربة دول الاتحاد الأوروبي مع عملة اليورو الموحدة.
الى ذلك أوضح المحلل الاقتصادي يوسف المشعل أن قمة البحرين تأتي في وقت صعب للغاية، لافتاً إلى أن البيان الختامي أظهر مدى حنكة قادة دول مجلس التعاون على التعامل مع التحديات الاقليمية والعالمية باقتدار، من خلال تبسيط الأمور على مواطني المنطقة والحفاظ على المكتسبات المتحققة، مع الاستمرار في مسيرة التنمية المستدامة رغم العقبات الماثلة أمامنا. ولفت إلى أن ما اتخذ من موافقات على الصعيد المصرفي والنقدي سيساعد مستقبلاً في تهيئة الطريق أمام إصدار العملة الخليجية الموحدة، ولتصبح دول الخليج مركزاً مالياً واحداً لا يستهان به عالمياً. وأضاف أن قرارات قمة البحرين من شأنها أن تخرج اقتصاديات دول مجلس التعاون من عنق زجاجة أزمة النفط، ومواجهة باقي المصاعب الاقتصادية ذات الصلة.