العدد 29 - الجمعة 04 أكتوبر 2002م الموافق 27 رجب 1423هـ

المرأة البحرينية والحياة العامة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لعلّ المرأة البحرينية محظوظة لعدة أسباب. فمن جانب لم نسمع أي رمز سياسي ولم تتحدث أي هيئة سياسية عن معارضتها لمشاركة المرأة في الحياة العامة، وهذا عكس ما هو موجود في الدول المجاورة. ففي الكويت مثلا يعارض الكثير من الفعاليات دخول المرأة في الحياة السياسية متذرعين بفتاوى وتقاليد، وبعضهم يتذرع بأن قرار مشاركة المرأة يجب أن يكون كويتيا لا أميركيا.

أما في البحرين فلم تجرؤ حتى أكثر الجمعيات محافظة على معارضة دخول المرأة، لأن المرأة البحرينية كانت ولاتزال في مقدمة العمل السياسي والاجتماعي منذ بدايات الحركة الوطنية في القرن العشرين، والمرأة البحرينية كانت عنصرا قياديا أساسيا في الحركة المطلبية ما بين 1994 و1998 سواء كان ذلك على مستوى النخبة والعرائض، أم على مستوى الشارع والاحتجاجات.

وكانت العريضة النسائية الشهيرة في 1995 من أجرأ ما قامت به الحركة النسوية البحرينية وتعرض الكثير منهن للمضايقات والفصل (كما حدث للمرحومة عزيزة البسام وحصة الخميري ومنيرة فخرو).

كما ان استشهاد بعضهن (كالشهيدة زهرة كاظم) أكد دورهن الأساس في الحياة العامة، لأنهن أثبتن قدراتهن الموازية للرجال في مختلف المجالات، وأنهن ضحين كما ضحى الرجل، ولذلك فلا يمكن لأحد أن يحاول عزلهن عن دورهن الطبيعي.

وعلى هذا الأساس، فإن مشاركة المرأة في تأسيس الاتحادات والنقابات وقيادة العمل الاجتماعي ومحاولتهن دخول المجلس البلدي وترشيحهن للمجلس النيابي إنما هي استحقاق مشروع يعقب تلك التضحيات الكبيرة.

إلا أن السؤال الذي يواجه البعض هو: لماذا فشلت المرأة في دخول المجلس البلدي؟ ولربما أن نصيبها في الانتخابات النيابية لن يكون أفضل من التجربة السابقة. ولكن هذا الإخفاق ليس لأسباب غير موضوعية، فالمشاركة في الانتخابات البلدية اعتمدت على أسس أخرى غير أساس المرأة والرجل، فالناخب كان يصوت للاتجاه السياسي الذي يؤيده ولم يصوت على أساس أن المرشح كان رجلا أو امرأة، ولو رشحت الاتجاهات السياسية نساء فإن هؤلاء سيفزن بلا شك، لأن القاعدة العريضة متماسكة أكثر مما هي عليه في دول أخرى، وهذا يعني أن المدخل لفوز المرأة في أي انتخابات عامة هو تبني الاتجاهات ذات النفوذ الأكبر في الساحة المرأة في صفوف المرشحين. والحركة النسوية يمكنها دخول الحياة العامة القائمة على الانتخابات فيما لو قررت مساندة وحث الاتجاهات السياسية في هذا المجال.

ولكن هناك من سيتحفظ على دعم مرشحات ضمن اتجاه سياسي معين، لأن كثيرا من الجمعيات النسائية قد لا تكون مؤيدة للاتجاه الذي يفوز في الانتخابات، وعلى هذا الأساس يلزم تحديد الأولوية: هل الهدف هو وصول المرأة إلى المجالس المنتخبة بغض النظر عن الاتجاه السياسي؟ وإذا كان الأمر كذلك فإن أسهل الطرق هو التحالف مع تلك الاتجاهات الأكثر حظا بالفوز في الانتخابات.

ولكن الأمر يحتاج أيضا إلى تفكير جدي لتمكين المرأة من ممارسة دورها على قدم المساواة مع الرجل، فالمرأة لا تستطيع دخول الأماكن الجماهيرية وإلقاء الخطب كما هو الحال مع الرجل، والمرأة لا تستطيع ممارسة كثير من الأمور الأخرى، لأن العادات والتقاليد لا تسمح لها، أو لأن الاستعدادات غير متوافرة.

والمرأة تحتاج إلى الاستفادة من الأجواء السياسية لتنظيم صفوفها ضمن الاتحاد النسائي الذي طال انتظاره. والأقاويل كثيرة عن أسباب عدم قيام الاتحاد إلى حد الآن على رغم توافر العوامل الأساسية له.. فهل هناك عوائق ذاتية تمنع قيامه؟ أم أن هناك عوائق إدارية ووزارية ملتوية تمنع قيامه؟ في كلتا الحالتين فإن الخاسر الأكبر هو المرأة التي لم تستطع تنظيم صفوفها بالقوة المطلوبة، ولم تستطع وضع استراتيجية عملية لإنجاح مشاريعها.

المرأة عليها أن تلوم نفسها أولا قبل أن تلوم الرجل، فالرجل لا يستطيع منعها من ممارسة دورها نظريا. أما عمليا فإن الميدان مفتوح وأدوات النصر متوافرة وما على المرأة إلا تدشينها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 29 - الجمعة 04 أكتوبر 2002م الموافق 27 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً