زار البحرين الأسبوع الماضي وفد من الاتحاد الروسي للأعمال الصغيرة والمتوسطة، وقعت معه جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مذكرة تفاهم، كان هدفها فتح آفاق استثمارية متبادلة، وتنمية ريادة الأعمال، وتعزيز وتطوير التعاون والتواصل فيما بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الروسية ونظيرتها البحرينية.
وفي الواقع كانت هناك فرصة طيبة للتواصل مع بعض أعضاء الوفد، والتعرف عن قرب على التجربة الروسية في دعم المؤسسات الصغيرة للاستفادة منها، ولفت انتباهي مجموعة من النقاط التي سأوجزها في عدة نقاط:
أولا: لا يعتمد الجانب الروسي على تقديم أي نوع من الدعم المادي المباشر غير المسترجع أو ما نطلق عليه «المنح» للمؤسسات الصغيرة، قال لي مسئولون في الوفد أن التجربة أثبتت فشلها أكثر من مرة، ولم تأت بأي نتائج إيجابية على الإطلاق على مدار سنوات طويلة؛ بل تخلق المزيد من المتعثرين، فمن يعتمد على المنح يعتاد عليها، ويطالب دائما بالمزيد منها، ولا يقدر على مواجهة المنافسة في السوق بمفرده، بعكس من تقدم له قروض ميسرة يطالب بسدادها أو يقدم له دعم لوجستي أو غيرها من أصناف الدعم.
ثانيا: تحفيز المؤسسات الكبيرة على دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال القانون، وليس من خلال دعوات مرسلة «غير ملزمة». وقال لي أعضاء الوفد أن القانون الروسي يجبر الشركات الكبرى على شراء 10 في المئة من احتياجاتها السنوية من شركات صغيرة أو إسناد 10 في المئة من أعمالها إلى شركات محلية صغيرة... وهناك عقوبات قانونية توقع على الشركات غير الملتزمة.
ثالثا: لا يكتفي القانون بحساب الشركات الكبيرة المقصرة في حق دعم المؤسسات الصغيرة، بل يقدم «الحافز» أيضا للشركات الملتزمة بهذا القانون... هذا الحافز يتمثل في أمرين في غاية الأهمية على حد قول أفراد الوفد الروسي، الأول هو إعفاء هذه الشركات الكبرى من بعض الضرائب والرسوم المفروضة عليها من قبل الدولة، وهو تعويض صريح ومباشر عن دعم المؤسسات الصغيرة الروسية، أما الحافز الثاني فهو حماية هذه الشركات الكبرى الوطنية من الشركات الأجنبية المنافسة في نفس مجالها داخل السوق المحلي، وهذه ميزة جدا كبيرة يستشعرها من يعمل بالسوق، ويدري كيف تؤثر الشركات العابرة للقارات على المنافسة في السوق الوطني... في الوقت الذي تلتزم في هذه الشركات المحلية الكبيرة بنسب التوظيف وضخ الاستثمارات محليا وغيرها.
التجربة الروسية في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال التوضيح السابق هي تجربة تستحق الدراسة والبحث المتمعن في تفاصيلها، واعتقد أن جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ستتوقف أمام هذه التجربة بالبحث، وكيفية «بحرنة» هذه التجربة للاستفادة منها بما يتناسب مع أوضاع وظروف السوق البحريني وما يتعلق بدعم المؤسسات الصغيرة البحرينية بشكل عملي وفعال.
الاتفاقية التي تم توقيعها مع الاتحاد الروسي للأعمال الصغيرة والمتوسطة تعد خطوة مهمة بالنسبة للجمعية، حيث ستساعد في الترويج للأعمال البحرينية، وتنمية الصادرات لأصحاب المؤسسات، وبالمقابل ستشكل فرصة مهمة للاستقطاب الاستثمارات الروسية والخبرات إلى الشركات المحلية التي تحتاج الى تطوير أعمالها بشكل أكبر... وسنسعى إلى استغلال هذه الاتفاقية والاستفادة منها بأكبر قدر ممكن، لاسيما أن الاتحاد الروسي يمتلك محفظة ضخمة من التمويل والاستثمارات... ونحن نأمل أن تكون البحرين مركزاً رئيسياً لإدارة الاستثمارات والمنتجات الروسية إلى بقية منطقة الخليج والشرق الأوسط.
وخاصة أن الاتحاد الروسي للأعمال الصغيرة والمتوسطة يتلقى دعماً مباشراً من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك يبشرنا بالإمكانات التي يستطيع هذا الاتحاد القيام بها لاسيما من حيث التمويل، لذا سنسعى إلى استغلال هذه الفرصة بأفضل طريقة متاحة لنا في البحرين.
أخيرا، أود أن أؤكد أن هناك مجالات واسعة يمكن استغلالها، وستساهم في تقوية الاقتصاد المحلي الوطني، حيث تتوافر الكثير من فرص الأعمال التجارية في السوق الروسية نظراً لحجمها الكبير... كما أن قطاعا كبيرا من الصناعات الصغيرة والمتوسطة المتطور يفتح آفاقا استثمارية كبيرة للمؤسسات الراغبة في إنشاء أعمال ذات قيمة مضافة لهذه الصناعات.
التعاون مع الجانب الروسي وغيره من الدول المتقدمة والاستفادة من تجاربهم في دعم المؤسسات الصغيرة يصب في صالح الاقتصاد الوطني البحريني.
إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"العدد 5202 - السبت 03 ديسمبر 2016م الموافق 03 ربيع الاول 1438هـ
أكبر مشكلة عندنا هي أن كل شي محلي - وطني - بلدي - بحريني ..... سواء كان شركة أو تاجر أو موظف أو مستثمر،،،، يكون في أسوأ حال من ناحية المنافسة الأجنبية و غير محمي بأي شكل من الأشكال
شكرا ابن سلوم، ونتمنى أن تدرس المقترحات أعلاه بجدية من قبل لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورفع خلاصة الدراسة للجهات المعنية والدفع لتحقيقها، كما إنني أتمنى أن تنال الشركات البحرينية الصغيرة دعماً أكبر، ليس مادياً فقط وإنما دعماً معنوياً وأولوية يحميها من الشركات الأجنبية.
مو كل شي ينطبق على سوق البحرين
أتمنى إلزام الشركات الكبرى والبنوك بتخصيص نسبة ولو بسيطة من الأرباح السنوية لدعم المشاريع الريادية الجديدة، فهناك الكثير من الشباب الذين يمتلكون أفكاراً ومشاريع لا تجد تمويلاً للتنفيذ.
شكراً على مقالاتك أستاذ أحمد.
شكرا استاذ احمد انت تكتب المقال كل مرة و وزارة التجارة رفعة اسعار نسخة السجل من دينارين الى عشرين دينار يعني الإجراءات من الوزارة عكس ما تطلب خلاص التجار الصغيرة ينتظر السجن في البلد