احتجت الصين اليوم السبت (3 ديسمبر/ كانون الأول 2016) لدى الولايات المتحدة بعدما خرج الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب عن تقليد متبع في السياسة الخارجية منذ عقود وتحدث هاتفياً مع رئيسة تايوان تساي اينغ-وين، مطالبة واشنطن باحترام مبدأ "الصين الواحدة".
ولم يتضح على الفور ما اذا كان الاتصال بين ترامب ورئيسة تايوان يشير الى تغير متعمد في موقف واشنطن الرسمي المؤيد لمبدأ "الصين الواحدة"، لكنه اثار مخاوف من مواقفه المرتجلة في الشؤون الخارجية.
وتعتبر الصين تايوان التي تحظى بحكم ذاتي جزءا من اراضيها في انتظار اعادة التوحيد تحت حكم بكين، واي خطوة اميركية يمكن ان توحي بدعم الاستقلال ستثير غضبا شديدا من السلطات الصينية.
وخلال الاتصال الهاتفي الذي تم الجمعة لفت ترامب وتاي الى "العلاقات الاقتصادية والسياسية والامنية الوثيقة" بين تايوان والولايات المتحدة بحسب ما اعلن مكتب الرئيس المنتخب.
وقال ان "الرئيس المنتخب ترامب هنأ ايضا الرئيسة تساي على انتخابها رئيسة لتايوان في وقت سابق هذه السنة".
واحتجت الصين بشدة السبت على هذا الاتصال.
وقالت وزارة الخارجية في بيان "ارسلنا بالفعل احتجاجا رسميا الى الجهة الاميركية ذات الصلة. نصر على انه ليس هناك سوى صين واحدة وان تايوان جزء لا يتجزأ من الاراضي الصينية".
واكدت الخارجية الصينية على ان "حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الوحيدة الشرعية الممثلة للصين. هذه حقيقة يعترف بها المجتمع الدولي وهي الاساس السياسي للعلاقات الصينية-الاميركية".
ويشكل الاتصال الهاتفي الجمعة بين ترامب ورئيسة تايوان قطيعة واضحة مع اربعين عاما من الدبلوماسية الاميركية.
وتدعم واشنطن باداراتها الديموقراطية والجمهورية على حد سواء، مبدأ "الصين الواحدة" منذ سبعينات القرن الماضي. وبناء على ذلك اعترفت ببكين في 1978 وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان الجزيرة المستقلة بحكم الامر الواقع، في 1979.
رد ترامب
في مواجهة الانتقادات الموجهة للمحادثة مع رئيسة تايوان، كتب ترامب في تغريدة على حسابه على تويتر "رئيسة تايوان +اتصلت بي+ اليوم لتهنئتي بفوزي في الرئاسة. شكرا!".
واضاف بعيد ذلك "من المهم ان نشير الى ان الولايات المتحدة تبيع معدات عسكرية بمليارات الدولارات الى تايوان لكن يتوجب علي الا اقبل اتصالا للتهاني".
وليس امرا معتادا ان يلجأ رئيس او رئيس منتخب في الولايات المتحدة الى التبرير بهذه الطريقة.
وقال مساعد وزير الخارجية السابق لشرق آسيا والمحيط الهادئ كريستوفر هيل في عهد الرئيس الاسبق جورج بوش انه "خطأ فادح"، منتقدا ميل ادارة ترامب المقبلة الى "الارتجال".
وانفصلت تايوان عن الصين في 1949 بعد حرب اهلية وهي مستقلة بحكم الامر الواقع لكنها لم تعلن رسميا استقلالها اذ لا تزال بكين تعتبرها جزءا لا يتجزأ من اراضيها.
من جانبه اكد البيت الابيض الجمعة دعم الرئيس الديموقراطي باراك اوباما لسياسة "الصين الواحدة". وقالت الناطقة باسم مجلس الامن القومي ايميلي هورن لوكالة فرانس برس "ليس هناك اي تغيير في السياسة منذ امد طويل".
وهذه الاتصالات الهاتفية تخالف قواعد البروتوكول خلال المرحلة الانتقالية للسلطة في واشنطن اذ انه لم يتم اشراك وزارة الخارجية فيها الا بشكل محدود جدا. وهي تأتي بعد اسبوع من محادثة مع رئيس وزراء باكستان نواز شريف.
وقد وجه ترامب لشريف مديحا واشادات اثارت دهشة الدبلوماسيين. وفي منتصف تشرين الثاني/نوفمبر اثار مفاجأة اخرى باستقباله رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بحضور ابنته ايفانكا ترامب.
وبشكل عام، يثير الغموض الذي يحيط بالسياسة الخارجية لترامب الذي يعتبر اكثر ميلا الى الانعزالية ، قلق الحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة في اوروبا وآسيا.
"متهور"
وكتب السناتور الديموقراطي كريس مورفي في تغريدة الجمعة ان "ما حدث في الساعات ال48 الاخيرة ليس مجرد تطور بل نقاط ارتكاز كبرى في السياسة الخارجية بدون اي تقديرات مسبقة. هكذا تبدأ الحروب".
وشدد على ضرورة تعيين وزير للخارجية "بسرعة"، موضحا ان من الافضل ان "يكون لديه تجربة".
وفي الصين اعتبر محللون ان الاتصال بادرة من تايوان ومحاولة متعمدة منها لتغيير سياسة اميركا حيال الصين.
وقال جين كانرونغ من جامعة رينمين الصينية لوكالة فرانس برس ان تساي "ترغب في تأليب الولايات المتحدة" على الصين.
وخلال حملته الرئاسية اتهم ترامب الصين عدة مرات بالتلاعب بعملتها من اجل الحاق ضرر بالقطاع الصناعي الاميركي وهدد بفرض تعرفات على بعض صادراتها.
واضاف جين "يمكن لاي شخص ان يلاحظ على الفور ان ترامب متهور جدا، وليس معتادا على الاطلاق على كل هذه الامور".
وسارع مواطنون صينيون الى التعليق على الاتصال الهاتفي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وركزوا على اشارة ترامب لتساي بصفتها "رئيسة" فيما تعتبر في الصين "قائدة" لتايوان.
وقال احد المعلقين ان "الولايات المتحدة تتجرأ وتعترف باستقلال تايوان" فيما كتب آخر "لقد اطلق لقب +رئيسة+ على تساي على تويتر! هل يفكر ترامب في استخدام تايوان ورقة ضغط خلال مفاوضاته مع الصين؟".