احتدمت الاشتباكات بين فصائل مسلحة متنافسة طوال ليلة أمس الأول (الخميس) وأمس الجمعة (2 ديسمبر/ كانون الأول 2016) في أسوأ قتال بالعاصمة الليبية طرابلس منذ أكثر من عام.
وتصاعدت أعمدة الدخان الأسود في السماء وتردد دوي الانفجارات في منطقتي أبوسليم والهضبة. وقال شاهد عيان إن طريقاً رئيسياً قريباً أغلق بحاويات شحن. كما سمع دوي إطلاق النار في عدة أحياء أخرى.
وتسيطر جماعات مسلحة مختلفة على طرابلس وتقع بينها اشتباكات متكررة للسيطرة على الأرض أو لتحقيق مصالح اقتصادية. وبعض الجماعات لها وضع شبه رسمي، لكن لم تنجح أي حكومة في ترويض قوتها منذ الانتفاضة التي أطاحت بالزعيم المخلوع معمر القذافي قبل 5 أعوام.
والاشتباكات هي أحدث انتكاسة لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة والتي وصلت إلى العاصمة في مارس/ آذار الماضي بموافقة بعض أقوى الفصائل المسلحة لكنها تكافح لبسط سيطرتها.
والحكومة جزء من جهود غربية لإنهاء الفوضى في ليبيا وتوحيد الفصائل التي تحالفت مع حكومتين متنافستين إحداهما في طرابلس والأخرى في شرق ليبيا. لكن الحكومة تواجه مقاومة من شخصيات ذات نفوذ في شرق ليبيا كما تواجه مؤخراً مقاومة من شخصيات لها علاقة بحكومة سابقة في طرابلس حاولت الإطاحة بها.
وتتزايد انتقادات سكان طرابلس لحكومة الوفاق الوطني بأن زعماءها فشلوا في حل المشاكل الاقتصادية المعقدة وإعادة الخدمات العامة وتحسين الأمن. وانتشرت شائعات عن أعمال عنف جديدة في طرابلس في الأسابيع القليلة الماضية، فيما اعتبر موقف حكومة الوفاق الوطني أضعف.
وقال محمد سالم وهو أحد السكان لوكالة «رويترز» أمس «لم تتوقف الاشتباكات بين الفصائل في طرابلس ولا أثر لحكومة الوفاق الوطني». وأضاف أن سكان طرابلس لا يعلمون أي شيء عن أهداف سياسية وراء الاشتباكات.
وقال: «ما يحدث في طرابلس صراع على السلطة... وتريد كل ميليشيا بشدة انتزاع السلطة لأنها تعلم أنه إذا سيطرت على العاصمة فإنها ستحكم».
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر في تصريح لوكالة «رويترز»: «أنا منزعج للغاية من الاشتباكات. نحن على اتصال بالأطراف (المعنية) على الأرض لحثها على الوقف الفوري لهذا القتال». وبدأ إطلاق النار أمس الأول فيما حركت الفصائل المسلحة مركبات عسكرية بينها دبابات وشاحنات صغيرة عليها أسلحة ثقيلة.
وأظهرت لقطات فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أن فصيلاً دمر معسكراً لآخر منافساً له بالجرافات. وأشارت تقارير غير مؤكدة إلى أن 7 أشخاص على الأقل قتلوا. وأغلقت متاجر وهرع السكان المذعورون إلى تخزين المؤن.
وأكدت «كتيبة ثوار طرابلس» وهي من الفصائل المسلحة القوية في العاصمة أنها سيطرت على منطقة غابة النصر حول فندق ريكسوس. وطردت «هيئة تشريعية» على صلة بحكومة الوفاق الوطني من الفندق في أكتوبر/ تشرين الأول.
ودمر الاقتتال بين الفصائل مطار طرابلس الدولي في العام 2014. وساد الهدوء المنطقة المحيطة بمعيتيقة آخر مطار لايزال يعمل بالمدينة ولم تتوقف الرحلات الجوية بالمطار.
على صعيد آخر، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس الأول أن مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية (داعش)» أصبحوا لا يسيطرون سوى على منطقة صغيرة جداً في معقلهم السابق في مدينة سرت الليبية.
وكان التنظيم يسيطر على المدينة المتوسطية بالكامل حتى هذا الصيف مرسخاً وجوده في ليبيا. وبدأت الولايات المتحدة حملة قصف في أغسطس/ آب بطلب من الحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة لمساعدة القوات المحلية على استعادة المدينة بعد أكثر من عام على سيطرة التنظيم المتطرف عليها.
ورغم ان العملية استغرقت اطول من المدة اللازمة بأشهر، إلا أنها قلصت سيطرة التنظيم على المدينة التي اصبح لا يسيطر سوى على نحو 50 مبنى فيها.
وقال المتحدث باسم «البنتاغون»، جيف ديفيس إن المتشددين المتبقين هم قلة «ولكنهم صامدون ويقاتلون حتى الموت»، ووصف المنطقة التي يسيطرون عليها بأنها «منطقة عنيدة». وأضاف «هذه آخر معاقل داعش في سيرت وهم يقاتلون بضراوة».
العدد 5201 - الجمعة 02 ديسمبر 2016م الموافق 02 ربيع الاول 1438هـ