منذ اعلان الجمعيات الأربع عزمها مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة والاجواء السياسية تتلبد بالغيوم.
وبدلا من السعي إلى سد الثغرات وفتح مزيد من قنوات الحوار شاهدنا كيف عاد البعض إلى أساليب التأليب القديمة التي كان يمارسها في سنوات القمع وعندما كان قانون أمن الدولة يستخدم لإسكات الاصوات.
الطروحات التي قدمتها الجمعيات الأربع اشبعت من الناحية القانونية، وقد لا يختلف كثير من الناس معها فيما طرحت من ملاحظات.
ولكن القضية الكبرى هي ما يدور هذه الأيام على المستويين الاقليمي والدولي.
فعلى المستوى الاقليمي ينظر إلى البحرين من مختلف الزوايا وكيف ستتمكن الاطراف المختلفة من التعايش فيما بينها وكيف ستدير عملية الحوار والاختلاف بصورة سلمية من دون أن تخل بالوضع امنيا. ونجاح البحرينيين في هذا المجال هو نجاح لكل الخليجيين الذين يأملون الحصول على بعض المكتسبات التي حصل عليها شعب البحرين.
والحديث عن استمرارية المشروع الاصلاحي يتطلب أن تعزز قنوات الحوار لمنع أي تصدع. وأكبر خطر يواجه المجتمع البحريني هو التمزق الطائفي، الذي لم يحصل على رغم كل ما مرت به البحرين. ولكن أي مظهر لعودة نوع من الاستقطاب الطائفي لن يكون في مصلحة احد، وهذا ما يخشاه الكثيرون بعد اعلان «الوفاق» المقاطعة، وهذا يعني أن الشارع الشيعي ربما يكون أقل حيوية من الشارع السني أثناء الانتخابات النيابية وما بعد ذلك،
وهذا الاستقطاب من شأنه - اذا لم يعالج - أن يصب في صالح الذين لا يريدون للمشروع الاصلاحي الاستمرار. اذ أن هناك من يعتبر وجوده مرتبطا بوجود مظاهر التفرقة والتجاذب على أساس مذهبي صرف. والمشروع الاصلاحي الذي قاده عظمة الملك ركز في احد جوانبه المهمة على تخطي هذه المشكلات التي سممت الاجواء السياسية سابقا.
ومن هذا المنطلق فإن المخلصين مطالبون بالبحث عن وسائل لمنع ظهور أي استقطاب في الساحة السياسية على أساس طائفي، حتى لو لم يكن ذلك الاستقطاب مقصودا في بداية الامر. ولن نعدم الوسيلة بوجود النيات المخلصة التي ابدتها الجمعيات السياسية والرموز الدينية واثبتت قدرتها على التعامل مع الصعاب. كما أن استمرار مبادرات عظمة الملك وانفتاحه على الفعاليات السياسية والاجتماعية كفيل بايجاد المخارج من التعقيدات التي تواجه المشروع الاصلاحي.
ان شعورنا بالمسئولية تجاه المشروع الاصلاحي يجب ان يزداد مع دخول الادارة الاميركية منطقتنا بمشروعات تفكيكية خطيرة تستهدف ليس العراق فحسب وإنما جميع الدول العربية والاسلامية.
والولايات المتحدة لا تناصر الديمقراطية في بلداننا، وأي شخص لديه اشتباه في هذا الأمر ربما انه لا يقرأ بصورة جيدة الحوادث التي تمر بها المنطقة. فلم تكن الديمقراطية في يوم من الايام لصالح الولايات المتحدة، ولن تكون كذلك في المستقبل المنظور ما دام النفط موجودا في اراضينا وما دام اللوبي الصهيوني يمارس اعماله في الولايات المتحدة.
ان أية خطوة، حتى ولو كانت غير مكتملة، تجاه المشاركة الشعبية يجب ان ندعمها ونشارك فيها. وكل الاطراف المعنية (الحكم والقوى الاجتماعية) بإمكانها تقريب وجهات النظر والبحث عن اقرب فرصة لرصّ الصفوف والخروج من أية ازمة أو صعوبات متوقعة من دون الاضرار بالمشروع الاصلاحي
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 28 - الخميس 03 أكتوبر 2002م الموافق 26 رجب 1423هـ