أثمرت تنقيبات، بدأها بحرينيون في تلال عالي الدلمونية، اكتشاف كتابات مسمارية يعود عمرها إلى 3700 عام.
ووفقا لتوضيحات هيئة البحرين للثقافة والآثار، فقد تم اكتشاف اسمَيّ ملِكَين من ملوك دلمون ممن حكموا أثناء العصر البرونزي فضلاً عن تحديد مدفنيهما الملكيّين، فيما كشفت تحاليل الكربون المشعّ التي أجريت على المدفنين الموجودين في المدافن الملكية بقرية عالي وسط المملكة أنهما بُنيا تقريباً في عام 1715 و1700 قبل الميلاد.
اكتشاف تتجاوز أهميته حدود القطعة ذاتها وفكها ألغازاً ترتبط بملوك دلمون ومدافنهم، لتمتد الى ما تمثله من رد اعتبار إلى التلال الأثرية، تحديداً في وجه الأصوات الداعية إلى إزالتها بوصفها «مجرد قبور»، وإلى المنقبين البحرينيين، تحديداً المرحوم علي ابراهيم الذي وافاه الأجل المحتوم وهو يعمل في موقع أثري في (أغسطس/ آب 2015).
بدورها ردَّت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة على سؤال لـ «الوسط»، بشأن تبعات هذا الاكتشاف، تحديداً ما يتعلق بمحاولات تسجيل التلال على قائمة التراث العالمي لليونسكو، فقالت: «تم تقديم الملف، ومن المقرر أن يأتي الحسم في اجتماع (يوليو/ تموز 2017)»، مؤكدة في الوقت ذاته قوة موقف التلال بما تمثله من قيمة أثرية لحضارة المنطقة لا البحرين وحسب.
هكذا بدأ الاكتشاف
وفي التفاصيل التي قدمتها الهيئة في المؤتمر الصحافي المنعقد في مقرها أمس الإثنين (28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)، تطرق خبير الآثار من فريق التحقيقات المشترك بين متحف البحرين ومتحف مويسغارد بالدنمارك، ستيفن لارسن، وبحضور رئيس البعثة الفرنسية بيير لامبارد، إلى بداية الاكتشاف والذي يعود إلى العام 2012، وقال: «اكتشف آنذاك فريق من علماء الآثار البحرينيين عدداً من شظايا أوعية حجرية في إحدى المدافن الملكية في عالي، وكانت هذه الأوعية في الأصل وضعت في مدفن ملك دلموني من العصر البرونزي ليتبين لفريق الباحثين مدى أهمية هذا الاكتشاف عندما أظهرت التحاليل التي أجريت على هذه الشظايا أن أربعة من تلك الأوعية تحمل نقوشاً مسمارية مكتوبة باللغة الأكادية القديمة».
وأضاف «كشفت عملية ترجمة هذه النقوش وتحليلها التي قام بها البروفيسور جياني مارتشيزي من جامعة بولونيا بإيطاليا أن ثلاثة منها تذكر اسم الملك الذي كان يرقد في المدفن، حيث أظهرت أن اسمه كان «ياغلي-إيل» (Yagli-El) وأنه كان «خادم إنزاك من أغاروم» (Inzak of Agarum). أما اسم «ياغلي-إيل» فيعني تقريباً «الإله يتجلى بشخصه»، وذلك في إشارة محتملة إلى مرتبة الألوهية التي كان يتمتع بها ملوك دلمون».
وتابع «وفقاً للبروفيسور مارتشيزي، فإن اسم الملك الدلموني يدل على أنه كان ينتمي إلى العموريين - أو الأموريين».
الأهمية التاريخية للاكتشاف
وردّاً على سؤال بشأن الأهمية التاريخية للاكتشاف، قال لارسن: «يتركز ذلك في كون الاكتشاف يثبت وجود صلة بين السلالة الملكية المدفونة في عالي والممالك العظيمة في بلاد ما بين النهرين التي حكمها العموريون أثناء تلك الحقبة الزمنية مثل بابل وماري وحلب وآشور وإيبلا وغيرها».
وأضاف «تذكر جميع النقوش قصر الملك وتدعوه بلقبه الدلموني الملكي وهو «خادم (الإله) إنزاك من أغاروم»، وهو لقب معروف منذ العام 1879 كونه ذكر في نقوش مجهولة التاريخ على «حجر دوراند» الشهير تقول «قصر ريموم (Rimum)، خادم (الإله) إنزاك من أغاروم». وتطابق النقوش المكتشفة حديثاً نقوش «حجر دوراند» تماماً مضافاً إليها اسم الملك».
وتابع «من العجيب أن أحد النقوش الملكية المكتشفة حديثاً في عالي تذكر بالنص أن الملك «ياغلي - إيل» كان ابن الملك «ريموم».
بجانب ذلك تحدث لارسن عن الجهود التي قام بها فريق الباحثين المشترك طوال السنوات السبع الماضية، وذلك لتحديد التسلسل الزمني للسلالة الملكية المدفونة في عالي، فقال: «عكف الفريق على البحث والتحقيق في الترتيب الزمني وتأريخ المدافن الملكية في عالي، معتمدين في ذلك على مزيج من التنقيبات الميدانية وتحليلات لعمارة المدافن والتأريخ بواسطة الكربون المشعّ».
تحديد مدفن الملك ياغلي - إيل
من جانبها، بينت هيئة البحرين للثقافة والآثار أن التحليلات التي قادها لارسن، أسفرت عن تحديد مدفن الملك «ياغلي - إيل» التي وجدت النقوش بداخلها، ما يعني ضمناً أن المدفن الملكي المكتشف سابقاً يمكن أن يكون مدفن والده الملك «ريموم».
وأضافت «العموريون - أو الأموريون - هم شعب يتحدث اللغة السامية بدأ بالظهور على الساحة العالمية في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وترتبط لغتهم باللغتين العبرية والعربية. ووفقاً لمصادر سومرية قديمة، كان العموريون في الأصل يتخذون مساكنهم في الخيام ويعيشون أسلوب الحياة البدوية. غير أن القبائل العمورية لاحقاً - ربما مع مطلع الألفية الثالثة قبل الميلاد - غزت وفرضت سيطرتها على معظم الأراضي الواقعة اليوم في سورية والعراق وربما أيضاً أراضي دلمون واستقروا في الحواضر، وأصبحوا بحلول القرون الأولى من الألفية الثانية قبل الميلاد القوة المهيمنة في منطقة الشرق الأوسط».
من 14 تلاًّ ملكيّاً إلى 10
وتتمركز المدافن التَلّية الملكية في عالي، حيث يتألف الموقع في الأصل من 12 إلى 14 تلاًّ ملكيّاً كبير الحجم يحدّها نحو 200 مدفن تلّيّ كبير الحجم أيضاً.
تعلق الهيئة «كانت هذه الأخيرة مخصصة لعلية القوم أو كبار رجال الحاشية، ويعود تاريخها إلى ما بين عامي 2,000 و1,700 قبل الميلاد. بقيت 10 من هذه المدافن الملكية محفوظة إلى هذا اليوم، وكان يصل علوها إلى 15 متراً ولايزال علو بعضها يصل إلى 12.5 متراً. وقد اكتُشفت المقبرة الملكية في الزاوية الشمالية الغربية من أكبر مقبرة تلّيّة في العالم إذ كانت تحتوي في الأصل على 11,000 مدفن مخصص للناس الذين كانوا ينتمون إلى الطبقات الدنيا من المجتمع الدلموني».
ومنذ العام 1879 كانت المدافن الملكية في عالي، محور العديد من التنقيبات الأثرية، بما في ذلك تلك التي قامت بها مؤخراً مديرية الآثار في هيئة البحرين للثقافة والآثار بإشراف المرحوم علي إبراهيم، وفريق التحقيقات المشترك بين متحف البحرين ومتحف مويسغارد بإشراف لارسن.
البحرين... دلمون القديمة
بموازاة ذلك، تطرقت الهيئة إلى العثور على كميات كبيرة من أوعية الفخار والحجر الصابوني من عصر دلمون المبكرة، والتي يعود تاريخها إلى الفترة التي تم فيها دفن الملك، واستدركت «غير أن القبر نهب في العصور القديمة، وأُعيد استخدامه كمدفن في فترة لاحقة. وعلى الأرجح لن يكون بالإمكان تحديد رفات الملك «ياغلي - إيل، إبن ريموم وخادم إنزاك من أغاروم» من بين العظام البشرية العديدة الموجودة في الموقع».
وأضافت «زار الكابتن إدوارد دوراند البحرين في 1878 و1879، وقام بالتنقيب في إحدى المدافن الملكية في عالي وأجرى عدة تحقيقات أثرية أخرى في مختلف أنحاء الجزيرة الرئيسية للبحرين».
وتابعت «في العام 1879، وجد دوراند الحجر الشهير الذي بات لاحقاً يُعرف باسمه، وهو حجر بطول 80 سنتيمتراً على شكل قدم بشرية. وكان الحجر وقت «اكتشافه» وُضِع في حائط مدرسة مسجد الشيخ داوود في البلاد القديم. عاد دوراند إلى منزله بلندن جالباً معه الحجر الذي تم تدميره لاحقاً تحت وابل نيران القصف النازي أثناء الحرب العالمية الثانية».
كما نوهت الى ان «ريموم» هو الشخصية الأكثر غموضاً في الدراسات الدلمونية، حيث لم يكن معروفاً تاريخ الحجر ومن كان هذا المدعو «ريموم». غير أن ذِكر النقش للإله «إنزاك»، الذي كان معروفاً آنذاك عن طريق ألواح طينية وجِدت في العراق أنه كان الإله الراعي لأرض دلمون، ما قاد في النهاية إلى تحديد البحرين بأنها أرض دلمون القديمة، وقد كان اسم دلمون مستخدماً من قبل السومريين القدماء في جنوب العراق، أما اسم المكان «أراغوم» فهناك من يقول إنه في الواقع الاسم الذي أطلقه الدلمونيون القدماء على دلمون (البحرين)».
وأضافت «توجد نسخة طبق الأصل من الحجر والنقوش في متحف البحرين الوطني وفي المتحف البريطاني في لندن».
الآثار... غائبة عن مجلس الوزراء
وخلال حديثها، عبرت الشيخة مي عن أسفها لما قالت عنه «غياب منظومة الآثار عن مجلس الوزراء»، في نقد متكرر تشير من خلاله إلى تراجع الدعم المباشر للهيئة، وتحديداً بعد عملية الفصل الأخيرة بينها وبين قطاع السياحة.
كما تطرقت إلى الجانب الأكاديمي، معبرة عن أسفها كذلك لغياب تخصص الآثار حتى اليوم عن جامعة البحرين.
وفي الحديث عن التعديات بحق الآثار، قالت: «من دون تنفيذ لقانون الآثار بشكله الصحيح لن نتمكن من إيصال رسالتنا المطلوبة، الأمر الذي يتطلب وعياً من قبل المواطن بأهمية الحفاظ على هذه المواقع، فمن دون تكامل بين المؤسسة الرسمية والمواطن لن نحمي آثارنا».
افتتاح مسجد الخميس 10 يناير المقبل
وعلى هامش المؤتمر الصحافي، تحدثت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة للصحافيين، لترد على سؤال لـ «الوسط» بشأن موعد افتتاح مسجد الخميس، والذي حددته بتاريخ (10 يناير/ كانون الثاني المقبل)، وذلك مع جهوزية مركز الزوار التابع إلى الموقع.
كذلك، تحدثت الشيخة مي عن خطة الهيئة لمستوطنة سار، مشيرة الى عزمها إقامة متحف للموقع إلى جانب اعتباره مركزاً إقليميّاً دائماً للتراث العالمي، وأكدت جاهزية التصميم الذي ينتظر الدعم للبدء في التنفيذ خلال العام المقبل.
من جانبه، تحدث مدير المتاحف الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، عن تلال المدافن بمزيد من الأهمية فقال: «لا تنحصر هذه التلال في منطقة عالي، بل تمتد إلى مناطق عديدة حيث تنتشر على هيئة حقول، لكل حقل خصوصيته على رغم ما يبدو من تشابه في الشكل الخارجي للتلال». وأضاف «هذا يدعونا لإنشاء مركز زوار في كل موقع استنادا إلى ما يستخرج من الموقع نفسه من لُقىً أثرية»، لافتا إلى أن تحقق ذلك سيترك تأثيراته الإيجابية على المكاسب الاقتصادية للبحرين وذلك عبر بوابة السياحة في مجال الآثار. وتعتزم الهيئة، وفقا للطموح، انشاء مراكز للزوار (متاحف مصغرة)، في كل موقع أثري، ويشمل ذلك تلال عالي. هذا ومن المقرر أن تدشن الهيئة العام 2017 بوصفه عاماً للأثار، حزمة أنشطة وورش تأتي تحت عنوان «آثارنا إن حكت»، تبدأ عبر معرض آثار مصغر تقرر إقامته في (7 يناير المقبل) في بهو متحف البحرين الوطني.
العدد 5197 - الإثنين 28 نوفمبر 2016م الموافق 28 صفر 1438هـ
انا شهادتي مجروحه من زمان في الشيخة مي ال خليفة و البحرين بحاجه الى وزاراء مثل الشيخة مي عملها جبار في الثقافة والتراث مشكورة من كل اعماق قلبي يا مي بنت محمد
شكرًا للشيخة مي لإحياء التراث فالبحرين
مسجد الخميس او المسجد ذو المنارتين.. هو مسجد تاريخي صحيح ولكن جعله فقط مزاراً للزوار لاكتشافه لا يكفي.. من المهم ان يفتتح للصلاة فيه. فليست هناك مساجد مهما كان قدمها وتاريخها تبقى موصودة وغير مسموح الصلاة فيها.
عندك الارض كلها مسجد
جهودكم محل إكبار يا مي بنت محمد والبحرين بحاجة لهكذا خطوات لدعم السياحة الآثارية
ابن الفخر والفخار
نعم نفتخر وكل بحريني ابن هذي الأرض الطيبه يفتخر وانا ابن هذي القرية افتخر من جذورها وابن طينتها نعم أنها عالي ياسادة تاريخ وحضارة وانتماء فكل الشكر والتقدير إلى جريدة الوسط البحرينية