تلقى السينما الإيرانية شهرة في كل العالم منذ عقود، لكن المخرج أصغر فرهادي ذهب بها إلى حدود جديدة مع حصوله في العام 2012 على جائزة "أوسكار" عن فيلمه "انفصال".
ويعود فرهادي إلى هوليوود مع فيلم "البائع" الذي اختارته إيران لتمثيلها في مسابقة "أوسكار" أفضل فيلم بلغة أجنبية.
ويستذكر المخرج الإيراني كيف أن ملايين الإيرانيين سهروا الليل كله لمشاهدته وهو في الأربعين من عمره آنذاك يتسلم جائزة "أوسكار"، والحشد الضخم الذي انتظره في مطار طهران احتفالا به.
هذا النجاح ألهب مشاعر مواطنيه الرازحين يرزحون تحت وطأة العقوبات الدولية بسبب البرنامج النووي الإيراني.
ويقول أصغر فرهادي في مقابلة مع وكالة فرانس برس "كانت حقبة يتكلم فيها المسئولون في إيران وفي الولايات المتحدة عن الحرب".
ويضيف "أسعدني أن الحديث تحول فجأة إلى الثقافة، كان لدي انطباع أن الناس من البلدين يتواصلون بدل من أن يستمعوا إلى السياسيين يتكلمون".
ومع الفيلم الجديد المرشح لأوسكار يجد المخرج نفسه مجددا في موقع الوسيط أو السفير بين البلدين.
على غرار "انفصال" يصور "البائع" الحياة اليومية للناس العاديين في طهران بعيدا عن صورة الدولة الدينية وسطوة السلطات المكلفة بالحفاظ على القيم الإسلامية.
وهو يروي قصة زوجين تنقلب حياتهما رأسا على عقب بعد الاعتداء على الزوجة في منزلهما. وسبق أن حصل هذا الفيلم على اثنتين من ابرز جوائز مهرجان "كان".
"ما يمليه علي قلبي"
لا يشعر فرهادي انه يحمل مهمة تصحيح الأفكار الأميركية المغلوطة عن المجتمع الإيراني، لكنه يقر في الوقت نفسه أن أعماله صارت مساحة تلاق بين الشعبين.
ويقول "حين اكتب، لا أشعر أني أتوجه إلى جمهور أجنبي وانه يتعين علي بالتالي أن أضيف أشياء ما".
ويضيف هذا السينمائي الذي أنجز أول فيلم قصير وهو في سن الثالثة عشرة "أقول في نفسي أني أخاطب كل الناس، واكتب ما يمليه علي قلبي".
حصل أصغر فرهادي على دبلوم في المسرح من جامعة طهران، ثم على ماجستير في الإخراج، وبدأ بعدها في العمل في إخراج حلقات تلفزيونية كتبها بنفسه ومثل فيها أيضا.
في العام 2002، كتب فيلمه الطويل الأول "الرقص في الغبار" وأخرجه، ثم جذب اهتماما كبيرا من النقاد في فيلم "عيد النار" بعد ذلك بثلاث سنوات.
في العام 2009 اخرج فيلم "بخصوص إيلي" مع الممثلة الفرنسية الإيرانية غولشيفته فرحاني، ومن ثم أخرج "انفصال" الذي فاز بجوائز الدب الذهبي في مهرجان برلين و"سيزار" و"غولدن غلوب" لأفضل فيلم بلغة أجنبية.
ويعرف عن فرهادي قدرته على تصوير الشخصيات المعقدة وحياتها من دون إطلاق أحكام عليها، وهو يترك للجمهور استخلاص النتائج على الطرق التي يتعامل فيها الناس العاديون مع مصاعب الحياة.
يستاءل فرهادي كيف سيتصرف الشعب الأميركي مع وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة، وخطابه الحاد الذي قسم المجتمع الأميركي.
ويقول "علينا ان نحترم خيار الشعب الأميركي"، معربا عن أمله في الوقت نفسه ألا تسير الأمور باتجاه الحرب بل باتجاه السلم.
مع صعوبة الحياة تظهر الابداع والتمييز ليس من السهل بالجد والاجتهاد يعترف بك الجميع