يشاغب داء البطانة الرحمية الهاجرة حوالي 10 -15  % من النساء في سن الخصوبة ويعتبر من الأسباب الشائعة لحدوث العقم وآلام الحوض، ويكون أكياس دم في المبيض يطلق عليها أكياس الشوكولاته.

المرض المؤذي للمرأة يُعالج وفقاً لحلول تخفف من وطأته، في ظل غياب علاجات جذرية له. أسبابه لا زالت غامضة أمام الباحثين الذين يعتقدون أنه ناتج عن مشاكل في جهاز المناعة أو عدم توازن في هرمونات الجسم، وفي ظل غياب صورة كاملة للمرض فإن مخططات الوقاية منه غائبة أيضاً.

للتعرف أكثر على المرض التقت «الوسط الطبي» باستشارية أمراض النساء والولادة والعقم  د.سميرة مدن التي أشارت إلى أن البطانة الرحمية الهاجرة حالة مرضية غير سرطانية، وهي عبارة عن ظهور أنسجة بطانة الرحم في أماكن خارج الرحم مثل المبيض، أو قناة فالوب، أو المثانة، أو الأمعاء، وحتى في الجلد أوغيرها. ولفتت إلى أن الأنسجة الهاجرة تتأثر بالهرمونات التي تفرز من المبيض وخاصة هرمون الاستروجين الذي يؤدي إلى نمو هذه الأنسجة وزيادة سمكها وعندما يقل مستوى الهرمون في الجسم عند اقتراب نزول دم الدورة الشهرية تبدأ هذه الأنسجة بالنزيف وتؤدي إلى حدوث التهابات والتصاقات وعند وجودها في المبيض تؤدي إلى تكوين أكياس دم تسمى أكياس الشوكولاته (chocolate cyst).

وحذرت من آثار المرض على الصحة الإنجابية للمرأة، وقالت: «يؤثر هذا المرض على 10- 15  % من النساء في سن الخصوبة ويعتبر من الأسباب الشائعة لحدوث العقم وآلام الحوض. ووجد إن 35- 50 % من النساء المصابات بهذا المرض غير قادرات على الإنجاب وذلك من خلال تأثيره على المبيض بوجود أكياس الدم أوعندما يسبب المرض الالتصاقات في الحوض وحول قناتي فالوب».

7 أعراض

وبيّنت أن هناك حوالي 7 إشارات تدل على المرض، وهي التألم أثناء الدورة الشهرية وهي أكثر الأعراض شيوعا. وكذلك آلام عند الجماع، وتدل سلسلة من الآلام على موضع النسيج الهاجر فالألم عند التبرز يشير لوجوده في الجدار الخلفي للمهبل وقريبا من المستقيم، والألم أثناء التبول يشير إلى وقوعه في الجدار الأمامي للمهبل قريباً من المثانة. كما أن آلام الظهر والخصر تدل على وجوده في الحالب.

وأضافت: «تدل غزارة الدورة الشهرية على البطانة الهاجرة، بالإضافة إلى ألم في الحوض، وكذلك إسهال وتقيء ومغص في البطن إذا وجد الغشاء الهاجر في الأمعاء».

وفي ردها على مسببات الداء، أجابت: «أسباب المرض ما زالت غير معروفة لكن يعتقد الباحثون أن المرض ناتج عن مشاكل في جهاز المناعة أوعدم توازن في هرمونات الجسم إضافة إلى عوامل وراثية متعلقة بالجينات حيث وجد أن نسبة الإصابة بهذا المرض تزيد إلى 5 - 7 % عند المرأة التي تكون أختها أو أمها مصابة بهذا المرض».

وأكملت: «تساهم عوامل أخرى في خطر الاصابة بالمرض كتناول الكحول والكافيين، والسمنة، وترتفع العوامل بين السيدات في المرحلة  العمرية بين 30 - 44 سنة».

وحذرت من مضاعفاته التي أشدها العقم، وانسداد الأمعاء إذا كانت البطانة الهاجرة في الأمعاء، أو انسداد الحالب إذا تكونت في الحالب.

فحوص بسيطة

وأشارت إلى تشخيص المرض الذي يبدأ بالتعرف على السيرة المرضية من خلال التتبع والتعرف على الأعراض المصاحبة والفحوص السريرية التي ترتكز على 4 إجراءات رئيسية وهي: التنظير الباطني، والفحص بالموجات فوق الصوتية (الألتراساوند المهبلي) الذي يكشف عن وجود البطانة في المبيضين، والفحص بالرنين المغناطيسي MRI الذي يكشف عن أكياس الدم ووجود الأنسجة الهاجرة متناثرة في الأمعاء والمثانة ووجود التصاقات حول المبيض.

وكذلك فحص الدم الذي يكشف عن نوع معين من البروتين يسمى CA125 وغالبا ما يكون هذا البروتين مرتفعا عند النساء اللواتي وصل المرض لديهن إلى مرحلة متقدمة ويرتفع هذا البروتين في حالات مرضية أخرى مثل سرطانات المبيض والتهابات غشاء الصفاق المبطن للبطن والحوض وغيرها ولا يعتبر الفحص حساساً حيث يمكن أن يكشف المرض في مراحله المبكرة ولكن يمكن استعمال نسبة هذا البروتين في الدم في متابعة استجابة المصابة للعلاج.

الحمل قد يقي

وعن الحلول العلاجية قالت: «لا يوجد شفاء تام ونهائي من داء البطانة الرحمية ولكن توجد خيارات للعلاج للتخفيف من شدة المرض، مثل الأدوية المسكنة، والعلاج الهرموني من خلال حبوب منع الحمل، أو هرمون الاندروجين، أو هرمونات تعرف (GNRH analogue) وتوجد على شكل إبر تحت الجلد أو إبر بالعضل أو على شكل بخاخ أنف وتقوم بمنع إفراز هرمونات الغدة النخامية المنشطة للمبيضين».

وأوضحت أن الهرمونات تعمل على تثبيط وظيفة المبيض مما يؤدي إلى قلة إنتاج هرمون الاستروجين وبالتالي انقطاع الدورة الشهرية وهذا يوقف نمو أنسجة بطانة الرحم الهاجرة وبعد ذلك تصبح غير فعالة و تتلاشى.

وعن الحلول الجراحية أشارت إلى  المنظار البطني لغرض إزالة البطانة الهاجرة بواسطة الحرارة وإزالة الالتصاقات وأكياس الدم وغالبا ما يستخدم عندما تكون المرأة في سن الخصوبة وترغب بإنجاب الأطفال.

وكذلك استئصال الرحم والمبيض الذي يستخدم في حالات المرض المتقدمة وعند وجود أعراض شديدة جدا أو أن المرأة لا تريد إنجاب المزيد من الأطفال.

وفيما يتعلق بالإجراءات الوقائية من المرض، قالت: «لا توجد طريقة معروفة للوقاية منه لكن وجد الباحثون إن المرأة التي تنجب أكثر من طفل واحد أو تنجب أطفال في سن مبكر تتشكل لديها وقاية بدرجة معينة من البطانة الرحمية الهاجرة. 

وعلى ذات الصعيد وجد الباحثون أن النساء اللاتي يستخدمن حبوب منع الحمل لمدة طويلة يصبحن أقل عرضة للإصابة بالمرض».