اضطررت وأنا في زحمة السير إلى الانعطاف بسيارتي إلى أحد طرقات المنامة الداخلية (الدواعيس ) لأتفادى جنون الزحمة، وإذ بي أجدني في ما يُشبه أحد أحياء الدول الآسيوية الفقيرة، ومنحشرة في طريقٍ أكثر زحاماً، وإلى ما يشبه العشوائيات مليء بالفوضى وعدم الترتيب والنظافة، وأشياءٌ أخرى كثيرة.
واندهشت بين ازدحام البشر والرائحة النفاذة للبهارات الآسيوية والشواء لساكنيها الجُدد تجد فيه كل شيء وعلى حساب أي شيء، يا إلهي متى تم كل ذلك الانحدار بهذا الحي الذي أعرفه منذ زمنٍ ليس ببعيد، وهو من الأماكن العريقة، وكان يسكنه أهل البلاد وينعمون بهدوئه، وتسمع أصوات الصغار يلعبون في طرقاته، رحلوا عنه ربما بعد شعورهم بالغربة!
ويبدو أن كرم بلادنا واضح بإعطاء النزلاء الجدد تراخيص سوقية لكل الخدمات، فإن رغبت في مساج أو صالونات الشعر فهي هنا لاستقبالك وبأرخص الأسعار وللجنسين وتراهم يتمخطرون أمامك بثيابهم الضيقة أو القصيرة وغير اللائقة بالنسبة لمجتمعنا ويصعب معرفة الشاب من الفتاة وترى تزاحم المحلات من الثياب والأحذية والشنط في الفترينات وعدة بَرادات متواضعة، ومطاعم من الدرجتين الثانية والثالثة والبدون درجة!
أما الشيء الأغرب هو وجود مبنى ضخم وراقٍ وبأسوارٍ عالية لمجمع سكني، وآخر بعشرة أدوار تحت التشطيب، شيء محير! كيف يُسمح بأن تُشوه هذه الأماكن السكنية بكل هذه الأسواق؟ وكيف تُرخص لتلك البنايات مع عدم توسعة الشوارع أو خلقها لاستيعاب السيارات الجديدة في المنطقة وسط تلك الأزِقة؟ ولماذا هي متدنية وغير منظمة أو نظيفة؟ وفي هذا (الزرنوق) الضيق وبشارع واحد للمرور من الجهتين ومن دون وجود أرصفة للمارة.
لا أعرف كيف تُحتَسب هذه الاستثناءات لذلك الحشد البشري؟ وكيف يكون البناء أضخم من استيعاب ذلك الطريق الصغير ولمتطلباته؟ ووجدتني من دون خَيار أصل إلى منطقة السلمانية التي وجدت فيها مصيبة أخرى من الازدحام بسبب تراكم العمارات الضخمة من المستشفيات الخاصة وإضافة مول جديد، وكلها محشورة وراء (مجمع السلمانيه الطبي) الحكومي.
ويبدو أن من سمح لبنائها تناسى أو لم يكترث بأنه كانت المنطقة تُعاني أصلاً منذ عدة سنوات من أزمة مرورية، وتصبح في شللِ تام في معظم أوقات الذروة، وقبل بناء تلك المستشفيات الخاصة والتي تحتاج إلى مضاعفة تلك الطرقات لعشرات المرات لحركة السيارات، ومع ذلك سُمح للمستشفيات الخاصة بالترخيص، ومنافسة أهم مستشفى حكومي للأهالي، وخلق أزمة مرورية نحن في غنى عنها.
المهم أنني قضيت ساعة ونصف الساعة من رحلة العذاب قبل وصولي إلى الطريق العام للعودة، ولم أنجح في اختصار أي وقت، وتخيلت معاناة من يعملون أو يضطرون للذهاب لتلك المناطق يومياً، وكل ذلك الوقت والضغوط النفسية ومن دون ذنبٍ.
كم فضلت حينها أن نرجع إلى ركوب الحيوانات، وللماضي الهادئ عن متطلبات هذه الحضارة التي لا نعرف الاستعداد لها ولشعوبها!
وإذ أتساءل هل توجد ضوابط أو لجان تُخطط لتهيئة البنية التحتية قبل بناء العمارات أو إعطاء الرخص لفتح المحلات وتصنيفها في مثل الأماكن المكتظة، أو لتوسعة الشوارع وبتقاطعاتٍ علوية مثلاً، فما أراه يبين لي بأن ما يحدث وكأنه اجتهادٌ شخصي لموظفٍ، وفي منصب قيادي متواضع ويحب الخير ومراضاة الجميع، ويعطي ما يريدون من تراخيص مجاملاً ومتجاهلاً مشاكل الطرقات، وهو لا يهمه ضياع وقت الناس، وعليهم أن يصبروا وإن الله مع الصابرين، مؤمناً بأن الله كريم وسيحل المشاكل من عنده!
وإذ أرى أننا نعاني من المشكلة البائسة ذاتها في معظم مدننا وأحيائها الصغيرة في عدم التخطيط، وأن البلاد تسير بالبركة من العشوائيات والكركبة من عمارات جبارة وأسواق، واختناقات مرورية أضاعت معالم وحميمية بلادنا وزمان آبائنا وأجدادنا، بحيث أصبح الخروج من البيت جحيماً وإزعاجاً في الزحمة وسباقاً مع الوقت، دعونا نعيد النظر في التخطيط بأسلوبٍ أكثر حداثة لتحسين صورة بلادنا، والتخلص ومراقبة تلك العشوائيات الآسيوية، وأن نرفع مستوى بلادنا، فنحن نمتلك كل المقومات لذلك، وعلنا نحترم ذوات شعوبنا وأخلاقياتها الثقافية والاجتماعية لعيشٍ أفضل.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 5195 - السبت 26 نوفمبر 2016م الموافق 26 صفر 1438هـ
غرقت البحرين قبل ارتفاع منسوب البحر
اهلًا و سهلا بك في البحرين الحقيقية. عدم التحدث عن هذه الأمور او عدم ذكرها لا يزيلها. الظاهرة بسبب عدم معالجتها مسبقا. هذه الأمور معروفة و واضحة في تخطيط المدن. كان يمكن تفاديها لو كان هناك قليل من بعد النظر.
كلام في المشكله
????والله معاناتنا رهيبه نحن من نعمل هناك ياريت يتصلح الحال دكتوره شي من سيئ الى اسوأ كل يوم بانازل والله كريم على گولتج
واحنا طالعين نوصل بيوتنه عقب ساعه من الزحممه!!!
فيه اختراع اسمه جسور
واختراع اسمه انفاق
وسعو علينه ياعالم
تعبنه من الازدحامات الي في كل مكان
هذا بسبب غياب الرقابه و غض الطرف عن بعض اﻻفراد.
هذا هو التخطيط السليم للبحرين، لا ويقولون ما في تخطيط. الا في تخطيط بس تخطيط من نوع آخر