تجتاح طيور "الببغاء الارجنتيني" الصغيرة الاتية من اميركا اللاتينية، مدريد ومدنا اخرى في اسبانيا واوروبا، ما يشكل ازعاجاً لانواع اخرى من الطيور ويهدد بحسب البعض النظام البيئي.
وفي البداية، كانت هذه الطيور موضوعة في اقفاص داخل المنازل بعد استيرادها من اميركا الجنوبية. لكنها أفلتت من الأسر ربما بفعل الهرب او بعدما تركها اصحابها الطائشون.
هذه الطيور المسماة "ببغاء الراهب" والمعروفة بريشها الاخضر وحلقها الرمادي، ذاقت طعم الحرية واختارت العيش في ربوع العاصمة الاسبانية المعروفة بوفرة اشجارها.
وقد كانت هذه الحال قبل سنوات في حي كارمينيس الشعبي في جنوب مدريد، وفق ماريا مورينو المقيمة في المنطقة.
وتقول مورينو إن "زوجين" من هذه الطيور اختارا العيش في الحي "قبل ثلاث او اربع سنوات" وباتت المنطقة تضم العشرات من هذه الطيور التي تتنافس في ما بينها كما تتنازع مع طيور اخرى من الحمام وعصافير الدوري.
وتشكو هذه المرأة من الاصوات "المريعة" الصادرة عن هذه الطيور.
وفي بعض حدائق مدريد، وايضا في برشلونة (شمال شرق اسبانيا) وملقة (جنوب)، نشأت مستوطنات حقيقية لهذه الطيور الغريبة.
اعشاش بوزن 50 كلغ
وبنت الببغاوات لها اعشاشا يصل وزنها الى خمسين كيلوغراما بما في ذلك على الامدادات الكهربائية بالاستعانة بآلاف الاغصان التي تنتزعها من الاشجار تاركة اياها جرداء في بعض الاحيان.
وبحسب احصاء اجرته اخيرا الشركة الاسبانية لعلم الطيور (اس اي او/بيردلايف)، ثمة حوالى 20 الفا من هذه الببغاوات في اسبانيا.
ويوضح خوسيه لويس بوستيغو الباحث في جامعة ملقة والاختصاصي في هذه الفصيلة التي يحضر اطروحة دكتوراه عنها، أن ببغاوات كثيرة من هذا النوع نقلت بفعل عمليات التبادل التجاري العابرة للقارات "الى مناطق اخرى من العالم لاعادة بيعها كحيوانات منزلية" قبل منع الاتجار بها سنة 2011.
كذلك تطرح المشكلة عينها في اوروبا مع ببغاوات فصيلة البراكيت الاخضر الاتية من اسيا وافريقيا والتي اختارت الاقامة خصوصا في المنطقة الباريسية وفي روما ولندن. وتعرف هذه الطيور بعدائيتها تجاه الانواع الاخرى.
ويشير خوسيه لويس بوستيغو الى ان "ببغاء الراهب" يملك قدرة اكبر على التكيف اذ انه قادر على العيش في البلدان الحارة مثل اسبانيا وايضا في مدن كبروكسل او شيكاغو في شمال الولايات المتحدة.
ولهذه الطيور نظام غذائي منوع اذ انها تقتات على النباتات الصغيرة والاعشاب والفاكهة الجافة والتمور والازهار والفواكه كما انها تكيف اعشاشها مع الاوضاع المناخية السيئة وتبني حواجز اكثر سماكة اذا ما كان المناخ باردا.
ولسوء حظها، ليست هذه الببغاوات موضع ترحيب في كل الاحيان، فقد اثبتت دراسات انها قد تلحق اضرارا كبيرة بالمزروعات وتعطل الانظمة البيئية في المواقع التي تختار الاستقرار فيها.
هذا الامر حصل في ملقة حيث يؤكد المسؤول عن شبكة مراقبة نوعية البيئة سلفادور فلوريدو أن التنوع في اجناس الطيور التي ترتاد هذه المدينة الساحلية يتقلص بسبب "المنافسة على الغذاء" مع الببغاء.
كذلك يؤدي هذا الوضع الى "المساس بصحة الاشجار التي يصاب بعضها بالجفاف" وفق بلاس مولينا من منظمة "اس اي او/بيردلايف".
فصيلة "شديدة الذكاء"
ولمواجهة هذا الغزو، قطعت بلديات المناطق المعنية في اسبانيا الاغصان ودمرت الاعشاش "غير ان ذلك لم يؤد الا الى نقل الطيور مواطنها الى مواقع اخرى" بحسب مولينا.
ويشير الباحث خوسيه لويس بوستيغو الى ان مكافحة غزو هذه الطيور ليس بهذه السهولة لأنها من فصيلة شديدة "الذكاء".
ويقول "اذا ما نصبتم فخا في عش، سيلفت ذلك انتباه الطيور الاخرى وبالتالي هي لن تعود على مدى شهر".
وفي مدريد حيث تم احصاء حوالى خمسة الاف ببغاء، تحضر البلدية خطة هجومية لتحديد مستوطنات هذه الطيور "والتحرك بالطريقة الأسلم" وفق بلاس مولينا الذي يتجنب الخوض في موضوع القضاء على هذه الطيور الذي ينظر اليه على انه من المحرمات.
فمع أن القانون يسمح بالقضاء على الاجناس الغازية، ترفض منظمة "اس اي او/بيردلايف" اصدار توصية في هذه الاتجاه على الملأ، والسبب بلا شك يعود الى خشيتها من رد فعل الناشطين البيئيين او المدافعين عن قضايا الحيوانات.
وهي تترك القرار للبلدية التي ترفض الافصاح عن ماهية التدابير التي ستتخذها.
وفي سرقسطة (شمال غرب)، بدأت الهيئات التابعة للبلدية بثقب بيض هذه الطيور بإبرة رفيعة للحد من تكاثر الفصيلة مع ترك هذه البيوض المثقوبة في الاعشاش بهدف غش الطيور، وفق لويس مانسو من وحدة حماية البيئة في البلدية. غير ان هذه الطريقة لم تظهر فعالية كبيرة وتم في نهاية المطاف القضاء على هذه الطيور بالبنادق.