نظم المجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة بالتعاون مع معهد الدراسات القضائية ندوتين بعنوان: "خصوصية المرأة في العدالة الجنائية"، و"تعزيز حق المرأة في النفاذ المتكافئ للحق في التقاضي"، وذلك في ختام سلسلة البرامج والفعاليات التي أقامها معهد الدراسات القضائية والقانونية بمناسبة الاحتفاء بيوم المرأة البحرينية، وبمشاركة خمس جهات عدلية وقضائية، هي المجلس الأعلى للقضاء، والمحكمة الدستورية، ووزارة العدل والنيابة العامة وبدعم متميز وكبير من المجلس الأعلى للمرأة.
وقدمت الندوة الأولى رئيسة نيابة الأسرة والطفل أمينة عيسى، بعنوان: "خصوصية المرأة في العدالة الجنائية " حيث تطرقت في البداية الى ما تشهده المرأة البحرينية من دعم وتمكين وفق برنامج جلالة الملك الإصلاحي، والذي عُينت فيه أول قاضية على مستوى البحرين ودول الخليج العربية، وهي منى الكواري في العام 2016 ثم تطرقت الى التطور التاريخي للمرأة في المنظومة القضائية في مملكة البحرين.
وأشارت في هذا الصدد الى الفوج الأول الذي دخل في تشكيل النيابة العامة من النساء، وبينهن المحامي العام السابق الشيخة نورة بنت عبدالله آل خليفة، ومنى الكواري، وأمل أبل، ومقدمة الندوة أمينة عيسى.
وقد تناولت أمينة عيسى في ندوتها ما يخص خصوصية المرأة في إجراءات الدعوى الجنائية أيضاً والتي تضم ثلاث مراحل، أولها مرحلة جمع الاستدلالات حيث أشادت بتوجيهات وزير الداخلية والتي تنص على أن يكون التعامل مع المرأة من قبل الشرطة النسائية احتراماً لخصوصية المرأة، بعد ذلك تأتي مرحلة التحقيق الجنائي والتي تتجسد في إنشاء نيابة الأسرة والطفل، وذلك بعد صدور قانون خاص بالحماية من العنف الأسري في (أغسطس/ آب من العام 2015) والذي أصدره النائب العام لكي تختص بالقضايا التي تكون أطرافها الأسرية المذكورة في قانون الحماية من العنف الاسري اذا وقع على أَي طرف في الأسرة ايذاءٌ جسديٌّ أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي في ظل سرّيَّة وبشئ من الخصوصية، لذلك تم تزويد نيابة الاسرة والطفل بكوادر من أعضاء النيابة الذين لديهم خبرات في التعامل مع هذه القضايا ودعمها بالتدخل الاجتماعي قبل احالة القضية إلى المحكمة.
كذلك تطرقت أمينة عيسى الى ضحايا الاتجار بالبشر، وأن التعامل مع هؤلاء الضحايا يكون بشكل خاص، حيث يتم إفهام الضحية باللغة التي يفهمها، ويتم تمكين الضحية من بيان وضعها وإحاطتها بوضعها القانوني، وكذلك يتم عرضها على الطبيب الشرعي، مشيرة الى أنه تم تعيين أول طبيبة شرعية بحرينية وهي فاطمة الفاضل لتقديم الخدمات الصحية والنفسية اذا استدعت الحالة ويتم ايداع الضحية في أحد مراكز الإيواء المختصة أو التأهيل أو لدى أية جهة معتمدة تتعهد بتوفير السكن اذا تبين الحاجة لذلك.
وأخيرا تطرقت امينة عيسى إلى مرحلة تنفيذ العقوبات وخصوصية المرأة في هذه المرحلة حيث يتم تخصيص أماكن مستقلة للنزيلات المحكومات بعقوبات سالبة للحرية، وإبقاء الطفل مع والدته النزيلة لرعاية أمه، وأيضاً جواز تأجيل تنفيذ العقوبة بعد مضي أربعين يوماً من وضع المحكوم عليها الحبلى وكذلك معاملتها معاملة خاصة مشددة على أن مملكة البحرين تحظى بتشريعات تبنت من خلالها الاتجاهات الحديثة في مجال التجريم واجراءات الدعوى الجنائية فراعت بذلك أحكام الشريعة الاسلامية والعادات والتقاليد وما استقر عليه وجدان المجتمع من آداب عامة أصبحت جزءاً من هوية المرأة وخصوصيتها.
بعد ذلك قدمت قاضية محكمة الاستئناف العليا المدنية أمل أبل ندوتها بعنوان: "تعزيز حق المرأة في النفاذ المتكافئ للحق في التقاضي"، وأوضحت في ندوتها أنه نظراً إلى أن الموضوع هو تعزيز الحق المتكافئ في حق التقاضي فقد قسمت ورقة الندوة الى ثلاثة مطالب، الأول هو التطرق إلى مفهوم الحق في التقاضي، مكانته، أهميته في الدستور والتشريعات الوطنية والعربية، وقد خصص المطلب الثاني لبحث طبيعة الحق في التقاضي والتمييز بين حق التقاضي وما يشابهه في الحقوق.
أما المطلب الثالث فهو البحث فيه عن التسهيلات التي تقدمها الجهات من أجل كفالة حق التقاضي ومدى تكافؤ حق التقاضي بين الجنسين وبعض الاحصائيات المتعلقة بالنفاذ المتكافئ في حق التقاضي.
ثم تطرقت الى دور المجلس الأعلى للمرأة من منطلق سعي المجلس إلى تقديم المساعدة القانونية للمرأة المتقاضية وتعزيز النفاذ المتكافئ للحق في التقاضي، فقد دشن المجلس مجموعة من الخدمات المجانية التي تقدم للمرأة وهي خط مجاني للاتصال به، تقديم الاستشارة القانونية المجانية، توفير المساعدة القضائية المجانية للمرأة المعوزة بالإضافة إلى تقديم الدعم الجزئي للمرأة ذات الدخل المحدود في القضايا الشرعية، و توفير المساعدة القضائية المجانية للمرأة المعوزة للترافع عنها في القضايا المدنية التي تنشأ من العلاقة الزوجية، والتحقق من شكاوى التمييـز الوظيفي القائم على النوع في العمل وتلقي الخدمات، وكذلك المساعدة القضائية المجانية (بعد استيفاء الأمور المطلوبة لتقديم هذه المساعدة والمساعدة القضائية بالدعم الجزئي (بعد استيفاء الأمور المطلوبة لتقديم هذه المساعدة).
وفِي نهاية الندوة نوهت أبل الى أن المحكمة الدستورية في مملكة البحرين خلصت، في عدد من أحكامها، الى أهمية هذا الحق للفرد وللمجتمع على حد السواء، فحق التقاضي يعد الضمانة الرئيسية لباقي الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور، فلا قيمة لهذه الحقوق والحريات ما لم تكن هناك وسيلة قانونية يستطيع الأفراد اللجوء اليها اذا ما انتهكت حقوقهم، وهذه الوسيلة هي القضاء، فحق التقاضي يمكِّن الافراد من سهولة الوصول للقضاء دون عوائق اجرائية أو موضوعية او مالية.
كذلك اشارت المحكمة الدستورية في عدد من أحكامها الى ابرز خصائص هذا الحق ومنها انه حق دستوري أصيل، وانه حق يتمتع به الجميع على قدم المساواة، المواطن والاجنبي وامام جميع المحاكم باختلاف انواعها ودرجاتها، وانه حق مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسلطة القضائية.
وأشارت الى ضرورة زيادة الوعي القانوني وتثقيف المرأة وخصوصا بما لها من حقوق وما عليها من التزامات، ما يؤكد المساواة الدستورية للحق في التقاضي ومكنة الانتصاف القانوني للافراد في المجتمع. وأنه لا تعني الاحصائية بالضرورة ان يكسب الانسان الدعوى التي يقوم برفعها ولكنها مؤشر على تحقق ولوجه للقضاء، وتنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد نتيجة اللجوء للقضاء دون أن تكون هناك انتهاكات لحقوق بعضهم بعضاً في ظل وطن المؤسسات والقانون.