العدد 5191 - الثلثاء 22 نوفمبر 2016م الموافق 22 صفر 1438هـ

5 سنوات على تقرير بسيوني: إنصاف الضحايا بين شدٍّ رسمي وجذب حقوقي

الخور يدعو لاستنباط أدوات جديدة... والمعرفي: لا للإملاءات

منذر الخور - محمد المعرفي
منذر الخور - محمد المعرفي

لم تلتئم بعد جراحات 14 فبراير/ شباط 2011 المرة. جراحات تعود للواجهة، فيما «تقرير بسيوني» يطفئ، اليوم الأربعاء (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)، شمعته الخامسة.

جراحات بتداعيات حقوقية، تنتظر إنصافاً بدا مؤجلاً، وحسماً لجدل لايزال دائراً، بين رواية رسمية تقول إن: «التوصيات نفذت بالتمام والكمال»، وبين رواية أهلية تتبنى خلاف ذلك، فيما ظلت «الرواية البسيونية» تتأرجح بين البينين.

وسط كل ذلك، يقبع آلاف الضحايا من الجانبين الأهلي والرسمي (رجال الأمن)، بانتظار التسوية الحلم.

الحقوقيون واستنباط الأدوات الجديدة

اليوم، يعيش الوسط الحقوقي وضعاً لا يحسد عليه. أبرز نشطائه خلف القضبان (نبيل رجب)، والبقية مقيدة من السفر، حذرةً من الإدلاء بتصريحات صحافية.

ذلك ما عاينته «الوسط» وهي تفتح ملف تقرير بسيوني مجدداً، حيث الممانعة الحقوقية من الحديث، قبل أن يتجرأ الحقوقي منذر الخور ليدعو رفاق دربه لاستنباط أدوات جديدة، ومراجعة جماعية بحثاً عن أفكار مختلفة.

وقال الناشط الحقوقي منذر الخور: «بإمكان الحقوقيين القيام بمراجعة لعملهم في ظل الظروف الراهنة، وقد سبق أن كان هناك تقييم للوضع الحقوقي بشكل كامل، أما حالياً فبالإمكان طرح سؤال: «ما العمل في ظل الظروف الحالية وفي ظل المعطيات الحقوقية القائمة»، وأن يبحثوا وفق جهد جماعي يُنتج اتفاقاً على أفكار موحدة»، مؤكداً في الوقت ذاته قدرة الحقوقيين البحرينيين على استنباط أفكار جديدة للتعاطي مع الوضع الحقوقي، وعقب «بين فترة وفترة يتم النقاش بشأن ذلك غير أن الوضع حالياً يحد من النشاط الحقوقي».

على رغم ذلك، يذهب الخور إلى أن لا تراجع في نشاط الحقوقيين، ويضيف أن «الحماس لممارسة العمل الحقوقي في الداخل والخارج لايزال موجوداً، على رغم الاستدعاءات في الفترة الأخيرة والمنع عن السفر، والتي تستهدف الحد من النشاط الحقوقي والتضييق عليه، فلكل عمل حقوقي في البلدان التي تضع حدوداً أو قيوداً على النشاط الحقوقي، هناك حيز وهذا الحيز يضيق بفعل الإجراءات الرسمية، وليس بفعل تراجعات ذاتية لدى النشطاء أنفسهم».

ورداً على سؤال بشأن مستوى فاعلية هذا النشاط الحقوقي، قال الخور: «تقارير المنظمات الحقوقية المرموقة عن البحرين، تشهد أن البحرين تضم أفضل النشطاء على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وجميعهم يتفقون على أن البحرين في النشاط الحقوقي تتفوق من ناحية إعداد التقارير والتدريب وكل وجوه العمل الحقوقي، إنما تقاريرهم عن الوضع الحقوقي في البحرين تشير أيضاً إلى أنه يتردى من سيئ إلى أسوأ».

وأضاف «أما تقرير بسيوني، فلا وجود لشواهد حقيقية تشير إلى أن توصياته الـ 26 نفذت كما يجب أن تنفذ».

وتابع أن «مهمة الحقوقي رصد وتوثيق الانتهاكات، لتبقى المعالجة التي تتطلب التنسيق بين الحقوقيين والجهات المسئولة عن الانتهاكات وصولاً رفعها»، لافتاً إلى وجود هذا التنسيق في السابق والذي شكل حلقة وصل قبل أن يصبح مفقوداً في العمل الحقوقي.

وفي الحديث عن وصول العمل الحقوقي لطريق مسدود، قال الخور: «كحقوقيين اجتهدنا اجتهاداً كبيراً في إيصال الحقائق إلى أوسع قطاع للرأي العام في الداخل والخارج، سواء منظمات أو دولاً، كما حاولنا أن نجتذب كثيراً من المؤيدين لدعمنا والمشاركة في الدورات على مستوى حقوق الإنسان لكي تكون الحقيقة واضحة».

أما الحديث عن التهدئة مع الجانب الرسمي بوصفها إحدى تلك الأدوات، فكان الخور يرد «علينا التأكيد أن الحقوقيين لم يكونوا في يوم من الأيام مسئولين عن تسخين الوضع، بل هم مسئولون عن تخفيف حدة الانتهاكات ومعالجتها وفي الحد الأدنى رصدها والإبلاغ عنها وإيصال المعلومة إلى الجهات المعنية».

وفيما إذا كان مطلوباً من الحقوقيين اللجوء لإعادة تموضع بما يمهد لاستعادة الثقة مع الجانب الرسمي، قال: «إعادة التموضع تعبير سياسي ينطبق على السياسيين ولا ينطبق على الحقوقيين، لأن الحقوقيين لا يتموضعون إلا موضعاً واحداً وهو حقوق الإنسان ومبادئها وذلك بسبب عدم وجود تحالفات في العمل الحقوقي»، مؤكداً في الوقت ذاته «الوقوف على مسافة واحدة من الجانبين الرسمي والأهلي، أما السؤال عن استعادة الثقة مع الجانب الرسمي فإننا نشير إلى أن الجانب الرسمي ما إن يستشعر بوجود طرف يتهمه بممارسة انتهاك حقوقي، حتى يظهر تحفظه إزاء هذا الطرف معتقداً بالانحياز ضده».

وأضاف «حين نوجه انتقاداً للسلطات بوجود انتهاك لحق معين، يأتي الرد (أنتم منحازون وأصحاب موقف عدائي)، في الوقت الذي نتحدث فيه عن شواهد مطلوب إيقافها، ولا يعني ذلك انحيازاً لطرف دون آخر، بل هو تنبيه من باب التوجيه والإرشاد لا من باب الموقف العدائي على طريقة القول المأثور (رحم الله من أهدى إليّ عيوبي)».

«النواب»: متميزون حقوقياً

على النقيض من قول الحقوقيين، يذهب رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب محمد المعرفي إلى القول بتميز مملكة البحرين على الصعيد الحقوقي.

وأضاف «كلجنة لحقوق الإنسان، فإننا نقف إلى ما فيه مصلحة الوطن والمواطن في تحقيق الأمن والاستقرار وتعزيز قيم وممارسة حقوق الإنسان، ونرفض الإملاءات الخارجية ونحترم الالتزامات الدولية التي صادقت عليها مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان».

وتقييماً للوضع الحقوقي المحلي، قال: «نحن في البحرين نشهد زخماً كبيراً في الحديث حول حقوق الإنسان وتوصيات حقوق الإنسان وننسى أن نشير إلى الإنجازات التي تحققت في هذا المجال ونبني عليها التطلعات، فما تحقق في مجال حقوق الإنسان من التزامات دولية وتعزيز ونشر لثقافة حقوق الإنسان يمثل تميزاً لمملكة البحرين ليس فقط على الصعيد الإقليمي وإنما الدولي وخاصة منذ بدأ المشروع الإصلاحي لجلالة الملك والذي نجني الكثير من ثماره على رغم الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي يشهدها العالم ومنطقة الشرق الأوسط خاصة».

وتابع «حريصون في اللجنة على الوقوف على الإنجازات وما حققته الأجهزة العاملة في مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان وستكون لنا لقاءات مع هذه الأجهزة للوقوف على ما حققته وما يقف عائقاً أمام إنجاز أعمالهم».

دولياً: هل من مزيد؟

5 سنوات أتمها تقرير بسيوني، فيما الاختلاف سيد الموقف إزائه. تقرير أثمر 26 توصية حظيت بترحيب دولي في وقتها، هي اليوم ترسم ملامح تسوية حقوقية مؤجلة، فيما اختارت منظمة العفو الدولية، وعبر أحدث تقاريرها، التأكيد على استمرار تبعات فبراير 2011 حتى اليوم.

ودعت المنظمة إﻟﻰ «إﺟﺮاء اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت ﻓﻲ الانتهاكات اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﺘﻬﺎ أﺟﻬﺰة اﻷﻣﻦ أﺛﻨﺎء حراك 2011، وﻣﺤﺎﺳﺒﺔ اﻟﻤﺸﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﻣﺴئوﻟﻴﺘﻬﻢ ﻋﻨﻬﺎ، وإﺟﺮاء إصلاﺣﺎت ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ وﻣﺆﺳﺴﻴﺔ ﺗﺤﻮل دون ﺗﻜﺮار وﻗﻮع اﻧﺘﻬﺎﻛﺎت ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ مستقبلاً».

تقارير تترى... وآمال معلقة

خلال سنواته الست الماضية، شهدت الساحة البحرينية، ولادة عشرات التقارير الحقوقية، من بينها تقارير صادرة عن مؤسسات حقوقية رسمية، شملت 4 تقارير للأمانة العامة للتظلمات (3 سنوية، وواحد عن الزيارة للسجون)، بالإضافة إلى تقريرين سنويين للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان.

تقارير يعلق عليها الداخل الحقوقي البحريني، فيما ترى منظمة العفو الدولية أن إنشاء المؤسسات المصدرة لتلك التقارير (الأمانة العام اﻠﺘﻈﻠﻤﺎت، ووحدة التحقيق اﻟﺨﺎﺻﺔ)، «لم يفلح ﻓﻲ ردع وﻗﻮع اﻧﺘﻬﺎﻛﺎت ﺣﻘﻮق الإﻧﺴﺎن ﺣﺘﻰ اﻵن».

واستخدمت المنظمة، وصفاً للواقع الحقوقي في البحرين اليوم، بينت فيه بعض ملامحه بالإشارة إلى «ﺘﻮﺛﻴﻖ وﻗﻮع اﻧﺘﻬﺎﻛﺎت ﺧﻄﻴﺮة ﻟﺤﻘﻮق الإﻧﺴﺎن، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ حالات اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ وﻏﻴﺮه ﻣﻦ ﺿﺮوب اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺴﻴﺌﺔ، ﻟﺠﻮء ﻗﻮات اﻷﻣﻦ إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻘﻮة اﻟﻤﻔﺮﻃﺔ، من دون ﻣﺴﺎءﻟﺔ ﺗذكر، ﻓﺮض الحكومة ﻗﻴﻮداً ﻣﻔﺮﻃﺔ اﻟﺼﺮاﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺤﺮﻳﺎت اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ وﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت واﻟﺘﺠﻤﻊ اﻟﺴﻠﻤﻲ، اﻟﺰج ﺑﻤﻨﺘﻘﺪي الحكومة وﺧﺼﻮﻣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﻋﺪاد ﺳﺠﻨﺎء اﻟﺮأي، إﺻﺪار الحكومة أواﻣﺮ ﻣﻨﻊ اﻟﺴﻔﺮ ﺑﺤﻖ ﻣﻨﺘﻘﺪﻳﻬﺎ، وﺗﺠﺮﻳﺪﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻴﺔ، استمرار انتشار ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﻓﻼت ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎب، ﻋﻠﻰ ﺮﻏﻢ إﻧﺸﺎء ﻣﺆﺳﺴﺎت ﺟﺪﻳﺪة».

العدد 5191 - الثلثاء 22 نوفمبر 2016م الموافق 22 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 9:48 ص

      اين تقرير بسيوني واين تلك الملايين التي اعطيت له؟؟؟ واليس بسيوني من طرف الحكومه والذي بدوره ادان الحكومه وانصف الشعب. حتى هذه اللحظه لم ترجع الامور ل نصابها ولم يعوض المواطن عما فقده، هناك مساجين فقط لانهم يريدون دوله دمقراطيه وهناك مفصولون فقط يريدون انصافهم في عملهم وهناك مهجرون ومسحوبه جنسياتهم كل ذلك وملف بسيوني لم يُحل منه شي.

    • زائر 8 | 1:28 ص

      الله وحده من بينصف الضحايا

    • زائر 6 | 1:26 ص

      تقرير بسيوني على الرف

    • زائر 5 | 1:25 ص

      تقرير بسيوني وجد للاعلام الخارجي فقط واما داخليا زاد الوضع سوء على كافة الاصعدة

    • زائر 3 | 12:43 ص

      لاتعليق
      نأخذ فره بالقدوا ههههههه التقرير مثل بيض الصعوا نسمع عنه بس مانشوفه

    • زائر 2 | 12:28 ص

      في الأوّل خلهم يعترفون ان لهؤلاء الضحايا حقّ خرجوا للمطالبة به بعد ذلك فكروا في انصافهم

اقرأ ايضاً