العدد 25 - الإثنين 30 سبتمبر 2002م الموافق 23 رجب 1423هـ

ابن المقرب العيوني فترة ذهبية في تاريخ البحرين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تبدأ اليوم الدورة الثامنة لجائزة البابطين التي اختارت البحرين واختارت أيضا الشاعر علي بن المقرب العيوني عنوانا للدورة. وابن المقرب هو شاعر الدولة العيونية التي حكمت البحرين الكبرى الممتدة من ساحل عُمان حتى البصرة، وكانت تشمل هذه المنطقة القطيف والاحساء والبحرين الحالية. وفترة حكم العيونيين (1074م - 1239م) تعتبر من أكثر الفترات التي شهدت خلالها البحرين تطورات مهمة على مختلف الأصعدة، وخصوصا أنها جاءت بعد فترة حكم القرامطة الذين حكموا قرابة 180 سنة ابتداء من العام 899م.

وعلى رغم أن الدورة الثامنة لجائزة البابطين ليست في التاريخ السياسي، فإن ابن المقرب هو الصوت الناطق لتلك الفترة والذي مازال معنا.

ودراسة شعر ابن المقرب بإمكانها أن توفر لنا معلومات كثيرة عن تلك الفترة التي يمكن ربطها بالاكتشافات الأثرية في البحرين، ويمكن من خلالها تقديم دراسة علمية موضوعية لتاريخ البحرين.

وموضوع تاريخ البحرين مازال حساسا ولم يتم تناوله بصورة موضوعية متكاملة، إذ مازالت الدراسات القليلة المتوافرة تعتمد على تسييس الحوادث، وبالتالي فإن كثيرا منها يعمد إلى «صقل» حوادث تاريخية بأسلوب يخدم الهدف السياسي للكاتب. وفي الوقت نفسه هناك طمس، ربما أنه غير متعمد، لكثير من الفترات الذهبية في تاريخ البحرين.

وهناك حاليا برامج كثيرة لإعادة كتابة تاريخ البحرين، كما أن هناك حديثا عن مشروع حكومي ضخم لكتابة موسوعة عن تاريخ البحرين. وهذا الموضوع أمانة وطنية وتاريخية يجب أن نتعامل معها انطلاقا من حبّنا للبحرين ماضيا وحاضرا ومستقبلا. فقد حاول كثيرون فصل بلادهم عن تاريخها ولكنهم لم يجنوا من ذلك شيئا.

والاتحاد السوفياتي مثال على ذلك، إذ إن الموسوعات التاريخية كانت تُكتب ثم تُعاد كتابتها مع وفاة زعيم وتسلُّم زعيم آخر الحكم. وعلى رغم أن السوفيات كانوا الأقدر من أي بلد آخر على كتابة وإعادة كتابة وثم إعادة كتابة الموسوعة نفسها، فإن كل ذلك لم تستفد منه القيادة السوفياتية قبيل نهايتها، وسرعان ما عاد الروس وغيرهم من الشعوب الأخرى إلى فتح كتب تاريخهم الأخرى وإعادة قراءتها.

في ديسمبر/ كانون الأول الماضي أطلق عظمة الملك مبادرة نوعية عندما أعلن عزمه على إجراء نوع من المصالحة مع كثير من القضايا التاريخية، وأصبحنا في البحرين الآن نتحدث عن الخمسينات وكيف شهدت انتفاضة وطنية كبرى، وكيف أن التسعينات كانت انتفاضة وطنية أخرى ضمن مسلسل النضالات البحرينية من أجل مجتمع أفضل مكتمل الحقوق والواجبات.

ودعوة عاهل البلاد بانتظار المبادرات والبرامج المنفتحة على تاريخ البحرين والتي تهدف إلى تعزيز وحدة الوطن وخلق المواطنة الحقة.

وتاريخ البحرين ليس أكثر تعقيدا من تواريخ بلدان كثيرة في العالم، ومع ذلك استطاعت تلك البلدان أن تتصالح نفسيا مع تواريخها وأن تُقدم إلى أبنائها المادة التاريخية الأمينة من دون حذف أو إضافات.

الدورة الثامنة لجائزة البابطين اختارت ابن المقرب العيوني لشعره، ونحن فخورون بذلك لأنه جزء من تراثنا الوطني المهم. ونأمل أن تتواصل مثل هذه الأعمال النوعية خدمة للثقافة والأدب والتاريخ

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 25 - الإثنين 30 سبتمبر 2002م الموافق 23 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً