حققت قوات النظام السوري وحلفاؤها تقدما في عمق الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة في مدينة حلب، في وقت يثير التصعيد العسكري مخاوف دولية حول مصير المدنيين المحاصرين.
وأعلن منسق المساعدات الإنسانية لدى الأمم المتحدة ستيفن اوبراين الإثنين (21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) أن "قرابة مليون سوري يعيشون حاليا تحت حصار" أطراف النزاع في سوريا.
وأشار اوبراين أمام مجلس الأمن الدولي الى "زيادة كبيرة" منذ عام في استخدام هذا "التكتيك العنيف"، خصوصا من جانب الحكومة السورية.
منذ العام 2012، تاريخ انقسامها بين أحياء شرقية تحت سيطرة الفصائل وغربية تحت سيطرة قوات النظام، شكلت مدينة حلب ساحة معارك محورية في النزاع السوري، ومن شأن استعادة قوات النظام السيطرة على قسمها الشرقي أن يشكل ضربة قوية للفصائل المعارضة.
ووصف السفير البريطاني لدى الامم المتحدة ماثيو رايكروفت الإثنين القصف على شرق حلب بأنه "همجي"، فيما ندد نظيره الفرنسي بـ"استراتيجية حرب شاملة لاستعادة حلب باي ثمن".
من جهتها، اتهمت السفيرة الأميركية سامنتا باور 12 عميدا وعقيدا سوريا بالاسم بأنهم أمروا بشن هجمات على أهداف مدنية او بتعذيب معارضين.
وقالت باور "لن تدع الولايات المتحدة من تولوا قيادة وحدات ضالعة في هذه الاعمال يختبئون خلف واجهة نظام (الرئيس بشار) الاسد (...) يجب أن يعلموا أن انتهاكاتهم موثقة".
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "حققت قوات النظام وحلفاؤها من روس وايرانيين ومقاتلين من حزب الله اللبناني تقدما استراتيجيا ليل الأحد بسيطرتهم على القسم الشرقي من حي مساكن هنانو"، مشيرا الى استمرار "الاشتباكات العنيفة" بين الطرفين الاثنين.
وافاد مراسل لفرانس برس في شرق المدينة بقصف "هستيري" متواصل على احياء عدة بوتيرة كثيفة. واحصى المرصد مقتل 15 مدنيا على الاقل الاثنين جراء القصف.
وقال ميلاد شهاب عضو المجلس المحلي لحي مساكن هنانو لفرانس برس إن "المدنيين بدأوا بالفرار من الحي هربا من الاشتباكات العنيفة" باتجاه الأحياء الجنوبية.
أضاف "نبحث لهم عن بيوت خالية ليبقوا فيها"، مشيرا إلى انهم يتوقعون فرار آخرين في الصباح.
واستأنفت قوات النظام الثلاثاء قصفا جويا ومدفعيا غير مسبوق على الاحياء الشرقية، مستهدفة أبنية سكنية ومرافق طبية عدة، ما تسبب بمقتل اكثر من مئة مدني وفق المرصد.
وبدأت قوات النظام هجوما بريا على احياء حلب الشرقية في 22 ايلول/سبتمبر الماضي، توقف إثر اعلان روسية هدنتين متتاليتين من جانب واحد.
واوضح عبد الرحمن ان التقدم في مساكن هنانو "هو الاول من نوعه داخل الاحياء الشرقية منذ سيطرة الفصائل المعارضة عليها".
أهمية "رمزية"
واضاف "لهذا الحي رمزية كبيرة باعتباره اول حي تمكنت الفصائل من السيطرة عليه في مدينة حلب قبل التوسع الى بقية الاحياء".
وذكرت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من دمشق الاثنين ان الجيش تمكن من "اقتحام مساكن هنانو، أهم وأكبر معقل للمسلحين في الأحياء الشرقية" ومن "كسر خطوط دفاعهم الأولى في الحي".
ونقلت عن خبراء عسكريين أنه إذا تمكن الجيش من السيطرة بالكامل على مساكن هنانو، فإنه "يسقط نارياً أحياء الإنذارات والحيدرية وأرض الحمرا"، وهو ما اكده المرصد السوري.
وتحدث عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين زنكي، ابرز الفصائل المقاتلة في حلب، ياسر اليوسف لفرانس برس عن "معارك محتدمة" في الحي.
واوضح ان قوات النظام "حاولت فجرا التقدم برا في حي الشيخ نجار في شرق المدينة وحي الشيخ سعيد جنوبا" من دون ان تنجح.
ويجمع محللون على ان معركة حلب اشبه بـ"معركة تحديد مصير"، ومن شأن نتائجها ان تحسم مسار الحرب السورية المتواصلة منذ أكثر من خمس سنوات والتي اوقعت اكثر من 300 الف قتيل.
ويثير التصعيد العسكري الحالي مخاوف المجتمع الدولي حيال مصير المدنيين المحاصرين.
وأعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما الاحد عن تشاؤمه ازاء الوضع في سوريا. وقال "بعدما اتخذت روسيا وإيران قرارا بدعم الأسد في حملته الجوية الوحشية (...) من الصعب أن نرى طريقة لكي تحافظ المعارضة المعتدلة والمدربة على موقعها لوقت طويل" في حلب.