للمرة الخامسة يرن هاتفها الأبيض الأنيق فجراً؛ لكنها "هي" ترفض قطعاً الرد على أي اتصال وكأنها ملّت فعلاً مواساة شفوية تتردّد على مسامعها بالكلمات نفسها؛ وإن بدا بعضها أكثر إحساساً وتضامناً مع حالتها.
اتكأت برأسها المثقل أفكاراً على حائط سريرها؛ بعينين غائرتين سهراً مطولاً؛ ثم تسمّرت تتأمل تلك اللعبة المتحركة في دوران بطيء لترسم ظلالاً جدارية لمجسّمات صغيرة تفلح كل مرة في تنويم الطفل الصغير؛ هذا الأخير كان مستلقياً على جانبه الأيمن، فاتحاً جزءاً من ثغره الباسم، ملبياً نداء عملية الشهيق والزفير؛ أما الرأس فقد استسلمت خصلاته ليد أمه الحبلى بالحنين وهي تمسح عليها ببطء.
لم يفلح النوم بكل ما أوتي من تعاويذ أن يأخذها في أحضانه هذه الليلة؛ وكيف ذلك وتلك الرقاقة الزافرة تنبض بتأوّه في الجانب الأيسر من صدرها؛ ونوستالجيا الحب تلطم وجهها شوقا له "هو"؛ ذلك البعيد جسداً الحاضر روحاً ببرزخ الذاكرة ينسف بها كل شيء سواه في تفرّد خاص. ولا شيء يطفوا على واقعها "هي" الآن سوى تلك اللحظة التي اعتقلوه فيها فقط لمجرد أنه خارج في "تظاهرة ضد الفساد والاستبداد" معبّراً عن رفضه لكل الهالات السوداء التي تطوّق مجتمعه وبلاده التي يكنّ لها كل الحب والاحترام.
اعتقال دام لليلته الثانية. لليلة ثالثة. لليلة رابعة. لليلة خامسة كذلك الاتصال المتواصل الذي به رَنَّ هاتفها الأبيض الأنيق فجراً لكنها "هي" ترفض قطعاً الرد على أي اتصال وكأنها ملّت فعلاً مواساة شفوية تتردّد على مسامعها بالكلمات نفسها؛ وإن بدا بعضها أكثر إحساساً وتضامناً مع حالتها... فهي ليست بحاجة إلى مواساة معنوية شبيهة بصمت الأفواه في مجتمع اللاعدالة.
الحمد الله على كل حال ، عندها كنز وتبكي !!!! عمله نادره يرفع الرأس بها ، ماذا تقول عن غدر الليالي والعقول المقفلة ، هي العين دمعة وللقلب حسره
قصة رائعة و حزينة جداً ،، أقول رغم هذا الحزن هناك الفرج و لابد يأتي تحقق فيه العدالة إليهة
قصتك فيها شيء من الشاعرية والأحاسيس النابضة بالحب يتخللها حزن عميق يكاد يبعثر الروح خارج الجسد ..
لكن ثمة شيء ناقص لربما نهاية معقولة أكثر من تكرار /لماذا هي لا ترد على هاتفها../