خيم ظل دونالد ترامب على الساعات الأخيرة من مؤتمر الأطراف الثاني والعشرين بشأن المناخ في مراكش، إذ دعا المفاوضون المصممون على مكافحة الاحترار المناخي الرئيس الأميركي المنتخب إلى التحلي بسياسة «براغماتية».
وقال رئيس المؤتمر وزير خارجية المغرب صلاح الدين مزوار إن «رسالة مؤتمر الأطراف للرئيس الأميركي الجديد هي ببساطة أن نقول: نعول على نزعتكم البراغماتية وروح الالتزام لديكم». وأضاف مزوار «المجتمع الدولي منخرط في معركة كبيرة من أجل مستقبل كوكبنا... وكرامة ملايين الناس»، و «نواصل رسم وجهتنا».
وستتولى فيجي تنظيم الدورة المقبلة من المؤتمر الذي سيعقد في نهاية 2017 في مدينة بون الألمانية، على أن تستضيف بولندا النسخة التالية لسنة 2018.
وقال رئيس الوزراء الفيجي فرانك باينامارانا خلال الجلسة العامة للمؤتمر «تطلعنا إلى أميركا في الأيام القاتمة خلال الحرب العالمية الثانية»، قبل التوجه إلى ترامب قائلاً: «لقد أتيتم يومها لإنقاذنا، حان الوقت لكي تساهموا في إنقاذنا اليوم».
وطلب باينامارانا من ترامب مراجعة «موقفه الحالي القائل إن التغير المناخي... خدعة». وخلال العام الماضي في باريس بعد سنوات من المفاوضات، حددت البلدان هدفاً لها باحتواء ارتفاع درجات الحرارة في العالم «إلى ما دون درجتين مئويتين» وزيادة الالتزامات بتقليص انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، وهي التزامات غير كافية حالياً لبلوغ هذا الهدف.
وشكل انتخاب الرئيس الأميركي الجديد المشكك بمخاطر التغير المناخي صدمة للمفاوضين في مؤتمر مراكش الذين جاؤوا إلى هذا الملتقى بهدف الاحتفاء بدخول اتفاق باريس حيز التنفيذ منذ الرابع من نوفمبر الجاري. وبعد الغضب والقلق، حل الترقب والرغبة في المضي قدماً في مواجهة أي عرقلة لمسار مكافحة التغير المناخي.
وتعاقبت الدول الواحدة تلو الأخرى بما فيها الصين (أكبر البلدان الملوثة في العالم، إذ تستحوذ على 25 في المئة من الانبعاثات العالمية) والسعودية، على تأكيد احترام اتفاق باريس.
وقال المفاوض الصيني شي جينهوا يوم الخميس الماضي إن «السياسة الصينية لا تتغير»، و «إرادة الصين في العمل مع البلدان الاخرى لاتزال قائمة وأعتقد أن أي زعيم واعٍ سيسلك المسار العالمي والتاريخي» لمكافحة الاحترار. وجاء في «إعلان مراكش» الصادر مساء الخميس بموافقة كل الدول المشاركة، «نحن، رؤساء الدول والحكومات والوفود، المجتمعين في مراكش على الأرض الإفريقية... ندعو إلى التزام سياسي أقصى لمكافحة التغير المناخي كأولوية ملحة».
وقدمت الولايات المتحدة (ثاني أكبر البلدان المسئولة عن انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، إذ تستحوذ على 15 في المئة من هذه الانبعاثات)، بقيادة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، مساهمة كبيرة في التوصل إلى هذا الاتفاق بين البلدان الـ195.
مساعدات غير كافية
وأمس الأول (الجمعة)، تعهد 48 بلداً عضواً في منتدى «كلايمت فالنرابل فوروم» يعيش فيها أكثر من مليار شخص هم من الأكثر عرضة لمخاطر التغير المناخي، على زيادة أهدافهم في تقليص انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة «قبل 2020»، وهو ما يوصي به العلماء لزيادة فرص البقاء دون مستوى الدرجتين مئويتين.
وتهدف هذه الدول إلى الاعتماد بنسبة 100 في المئة على مصادر الطاقة المتجددة «في أسرع وقت ممكن».
وللبقاء دون مستوى الدرجتين مئويتين، يتعين تقليص انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة كبيرة بحلول سنة 2050، ما يستدعي تخلياً تدريجياً عن مصادر الطاقة الأحفورية.
وعلق وزير البيئة والطاقة في كوستاريكا ادغار غوتيريس قائلاً: «كل الاطراف (البلدان) عليها البدء بالعملية الانتقالية (نحو مصادر الطاقة المتجددة) والا سنعاني جميعنا». وانتهى المؤتمر المناخي الدولي الثاني والعشرون في مراكش مساء الجمعة بإقرار خطة عمل تستمر حتى 2018 لتطبيق اتفاق باريس الذي توصل اليه المجتمع الدولي العام الماضي ويرمي لتثبيت الاحترار العالمي دون درجتين مئويتين، بالمقارنة مع ما كانت عليه حرارة الكوكب ما قبل الثورة الصناعية.
وكانت المحادثات في شأن المساعدات المالية الموعودة للدول الاكثر عرضة لتبعات التغير المناخي، صعبة هذه السنة أيضاً في مراكش. وتتركز المحادثات على تمويل مشاريع التكيف (أنظمة الإنذار للأحوال الجوية والري وتوفير مياه الشفة والسدود) التي لا تمثل سوى 16 في المئة من المساعدات الحالية، بحسب منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي، وهي نسبة تعتبرها الدول النامية غير كافية البتة.
العدد 5188 - السبت 19 نوفمبر 2016م الموافق 19 صفر 1438هـ