إن فن الاختلاف مع الآخرين والوصول إلى قواسم مشتركة نتفق معهم فيها لهو فن يجب أن يتقنه جميع المتعاملين مع الشأن العام لا سيما في هذه الفترة الانعطافية التي تمر بها الساحة الوطنية المليئة بالجدل والنقاش والأسئلة والقلق على مصير التجربة الإصلاحية في البلاد. أن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وأسبغ عليه نعمة العقل وجعل لخلقته ووجوده غاية ألا وهو أن يكون خليفته على الأرض يعمرها ويسخر ثرواتها لخدمته ويسمو إلى التكامل والتقدم المستمر، فعليه أن يؤدي شكر هذه النعمة بأن يحسن استخدامها وتوظيفها. وعليه يجب أن نراعي المفاهيم الآتية:
1- إن الاختلاف موجود إذ لا يمكننا كأفراد من بيئات مختلفة وذوو مستقيات وتوجهات متعددة أن نتفق في جميع الأمور.
2- إن الاختلاف الفكري إذا ما وظف بهدف إثراء الفكر والإبداع فإنه يدفع بالمسيرة التكاملية للإنسان إلى الأمام.
3- يجب أن لا يستحوذ علينا القلق من الاختلاف مع بعضنا ولا أن يدفع بنا ذلك إلى التنافر والتناحر، بل أن نسعى إلى إيجاد مناخ متزن راق لتبادل الآراء من دون ترقب من التعرض لخطاب غير مسئول وغير لبق.
4- علينا أن نحاول أن تكون غايتنا من الدخول في المناظرات مع من نختلف معهم هو الوصول إلى قواسم مشتركة نتفق عليها لننطلق من هذه القواسم المشتركة إلى المزيد من التقارب في وجهات النظر. فلا شك أن لدى الجميع الكثير مما يمكن أن يتفقوا عليه على النقيض من قلة ما يختلفوا حوله. فعلينا أن نوظف جهودنا في خدمة قضايانا المشتركة من منطلق ما يربط بعضنا بعضا ألا وهي تلك القواسم المشتركة ووحدة المصير.
5- إن الاعتزاز بآرائنا وتمسكنا بها مرهون بقدرتنا على الدفاع عنها بأدلة وشواهد مع الأخذ بعين الاعتبار أننا بشر ولسنا كاملين وقد نحتاج إلى وقفات صادقة مع أنفسنا لمراجعة بعض آرائنا وتقييمها بين الحين والآخر.
أسأل الله تعالى أن يلهمنا الرشد ونكون ممن يستمع القول فيتبع أحسنه
العدد 24 - الأحد 29 سبتمبر 2002م الموافق 22 رجب 1423هـ