أنتم تعرفون محمد العبار، إنه رئيس مجلس إدارة «إعمار» العملاقة ورجل الأعمال اللامع في مجال التطوير العقاري وقائد مشاريع كبرى ليس أقلها أعلى برج في العالم، برج خليفة.
لكن الرجل الذكي، والمتحمس لاكتشاف ودخول كل ما هو جديد ومثمر في قطاع الأعمال، فاجأنا مؤخراً ليس بالإعلان عن برج أعلى، أو مبنى تحفة، أو «أرقى واحد كيلومتر مربع في العالم»، وإنما بـ «دومين» إلكتروني هو «Noon.com».
هذا الـ «دومين» البسيط يقودنا إلى منصة نون للتجارة الإلكترونية في مشروع استثماري قيمته الأولية مليار دولار ويوفر 20 مليون منتج، وعلى غرار «أمازون»، سيكون لمنصة «نون» مخازنها الخاصة، بما في ذلك مركز خاص في دبي مساحته 3.5 ملايين قدم مربع، أي ما يعادل مساحة 16 ملعب كرة قدم.
وكما هي الإنترنت التي لا يحدها حد، نجد أن مشروع نون الطموح يضع العالم كله كسوق افتراضي له، خاصة حيث تنطلق خدمات المنصة في الإمارات والسعودية أولاً، على أن تتوسع باتجاه مصر والكويت في 2018، ومن المتوقع أن يكون لشركة «أرامكس» لخدمات النقل دور كبير في عملية التسليم.
استوقفني كثيراً ما قاله العبار في مؤتمر عقده في أوبرا دبي لإطلاق المنصة مؤخراً: «في شهر رمضان الماضي، سألت طفلاً عمره 9 سنوات عن أهم ما يحتاجه فقال: الهواء والماء و «الواي فاي»، مؤكداً أن «المرء يقضي 4 ساعات يومياً على الهاتف».
العبار تحدث عن 350 مليون عربي، وعن أن الشرائح التي تهتم بالتكنولوجيا الرقمية أكبر بكثير من سواها حول العالم، وأضاف أن التجارة عبر المنصات الإلكترونية مازالت محدودة للغاية، معرباً عن طموحه في التحول إلى لاعبين كبار في المنطقة بفضل رؤوس أموال كبيرة واستثمارات طويلة الأمد والخبرات التقنية.
وعندما يطلق العبار وشركاؤه مشروعاً بهذا الحجم فلابد أنهم اعتمدوا دراسة جدوى اقتصادية أظهرت لهم أن حجم التجارة عبر المنصات الإلكترونية في الشرق الأوسط لا يزيد على ثلاثة مليارات دولار تعادل 2 في المئة فقط من إجمالي مبيعات التجزئة، ولكن رجل الأعمال الإماراتي توقع أن يقفز الرقم إلى 70 مليار دولار بحلول 2025، كما أن هناك تقديرات تشير إلى ارتفاع في طلب الأطعمة على الإنترنت بنسبة 10 في المئة شهرياً وأن الشرق الأوسط يشهد نمواً في شريحة الشباب.
نحن نتوقع أن تسهم هذه المنصة في إحداث ثورة في التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط، وأن تشتد المنافسة بين «نون» ومواقع عربية مشابهة موجودة حالياً على رأسها «سوق» الذي يوفر 400 ألف منتج عبر الإنترنت، كما نتوقع أن يفتح هذا المشروع باب تذيل التحديات أمام التجارة الإلكترونية في المنطقة، ومن بينها التشريعات وعمليات الدفع والتوصيل الجوي مثلاً وغيرها.
كما نتوقع أيضاً أن يحفزنا الإعلان عن هذا المشروع إلى الانتباه إلى أهمية التجارة الإلكترونية، والتسويق الرقمي، وكيف تغير الإنترنت أنماط الاقتصاد والاستهلاك والعرض والبيع والشرائح، وإذا لم تكن أعيننا مفتوحة على كل ذلك سنجد أنفسنا نخرج رويداً رويداً من مضمار السباق وربما جالسين على المدرجات مكتفين بالمشاهدة عن بعد.
إقرأ أيضا لـ "علي سبكار"العدد 5187 - الجمعة 18 نوفمبر 2016م الموافق 18 صفر 1438هـ