العدد 5187 - الجمعة 18 نوفمبر 2016م الموافق 18 صفر 1438هـ

أرسطو ولايبنتس وضعا الفلسفة في صميم الحياة العامة

إيرينا بوكوفا comments [at] alwasatnews.com

المديرة العامة لليونسكو

نحتفل باليوم العالمي للفلسفة (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) لهذا العام غداة الاحتفال باليوم الدولي للتسامح. وإنها لصدفةٌ ذات مغزى مهم للغاية نظراً لمدى ترابط التسامح والفلسفة، إذ تقوم الفلسفة على احترام ومراعاة وتفهم تنوع الآراء والأفكار والثقافات التي تثري كينونة الإنسان في هذا العالم. وتندرج الفلسفة في عداد سبل العيش معاً في ظل احترام الحقوق والقيم المشتركة، شأنها في ذلك شأن التسامح.

والفلسفة وسيلة تتيح للمرء رؤية العالم بعين ناقدة تراعي آراء الآخرين وتستنير وتزداد قوة بفضل حرية الفكر والرأي والوجدان والعقيدة. وتبّين كل هذه الأسباب أن الفلسفة ليست مجرد تخصص أكاديمي أو جامعي بل هي أكثر من ذلك بكثير، إذ تُعد الفلسفة نشاطاً يومياً يساعد المرء على أن يحيا حياة أفضل بطريقة تتسم بقدر أكبر من الإنسانية. ويتعلم الإنسان التساؤل الفلسفي منذ نعومة أظفاره، ويعمل على إتقانه رويداً رويداً باعتباره وسيلة أساسية لإنعاش النقاش العام وإدارته والدفاع عن الإنسانية التي تعانى معاناة شديدة من جراء ما يشهده العالم من العنف والتوترات.

فلا تقدم الفلسفة حلولاً جاهزة للإنسان، بل تتيح له التفّكر الأبدي في قضايا العالم وخفاياه والسعي المتواصل إلى سبر أغواره والتأقلم مع تغيراته. ويُعد التسامح، في هذا السبيل، فضيلة أخلاقية ووسيلة عملية للحوار في آن معاً. ولا يعنى التسامح بأي حال من الأحوال النسبية الساذجة التي يدعي أصحابها أن كل الأشياء متساوية، بل يعني التزام كل فرد باحترام رأي الآخر وتمكينه من التعبير عنه التزاماً راسخاً يقوم على تعهد ثابت بالدفاع عن المبادئ العالمية للكرامة والحرية.

وتحيى اليونسكو في هذه السنة ذكرى فيلسوفين بارزين ساهما مساهمة جليلة في الارتقاء بالميتافيزيقيا، والعلوم، وكذلك بعلم المنطق وعلم الأخلاق، وهما أرسطو ولايبنتس اللذين كان كلاهما يضع الفلسفة في صميم الحياة العامة باعتبارها ركناً أساسياً لحياة كريمة ملؤها الحرية على رغم القرون العديدة الفاصلة بينهما، وعلى رغم اختلاف ظروفهما الثقافية اختلافاً كبيراً.

وينبغي لنا الآن إحياء هذه الروح، والإقدام على إتاحة الفرص للحوار القائم على حرية الفكر والانفتاح والتسامح. وسيتيح لنا هذا الحوار تعزيز التعاون بين المواطنين والدول بوصفه أساساً راسخاً لا يتزعزع للسلام الدائم.

إقرأ أيضا لـ "إيرينا بوكوفا"

العدد 5187 - الجمعة 18 نوفمبر 2016م الموافق 18 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً