الكمال صفة مخصوصة لله عز وجل، وما نحن إلا ساعين من اجل الوصول إلى أقل مراتبها. والنقص صفة من صفات البشر جميعا إلا أن الفارق يكمن في الاعتراف بتلك العيوب، وقبل ذلك الإدراك المسبق لتلك العادات والنواقص، إذ أن الأمر يحتاج إلى قدر كبير من الشفافية مع النفس وصدقية أكبر، ويمكننا أن نقول أن القضية هي القدرة الحقيقية والشجاعة الكافية لاتهام الذات بعيوبها أمام المرآة، والسعي الحقيقي لتغييرها وتعديلها. ونرى قطاعا كبيرا من الناس ينتقدون عادات الآخرين ولا يرتضون مجرد التلميح لعيوبهم ونواقصهم وعاداتهم السيئة، وتلك إشكالية نفسية كبيرة الغرض الرئيسي منها مداراة النقص الموجود بإلقاء الضوء على عيوب الآخرين.
سؤال مهم يطرح نفسه الآن بقوة: كيف يمكنك أن تتخلص من عاداتك السلبية؟
عليك أولا أن تقنع نفسك بقوله «ص»: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطّائين التوابون». وما دمت تتنفس وعلى قيد الحياة فالوقت لم يفت بعد لتصليح النفس وتقويمها، وبأن عملية التقويم هذه مستمرة مع المرء طوال حياته.
اجلس مع نفسك وافرد أمامك ورقة اكتب فيها كل عيوبك التي تراها أنت واضحة، وابدأ بمحاسبة نفسك قبل أن تحاسب فلا يعرف الإنسان أكثر من نفسه، ويمكنك أن تستشف عيوبك من خلال اعترافات من هم حولك من أصدقاء وأساتذة ومسئولين وغيرهم ممن تتلمس فيهم صدقا وإخلاصا، واعلم أن هؤلاء لن يقدموا لك الصورة كاملة، ولكنهم سيرشدونك إلى أول الطريق.
خذ على نفسك عهدا بأن تشطب من الورقة غالبية ما فيها بل كلها، وابدأ بالأسهل ثم الأصعب، واملأ نفسك إرادة ورغبة حقيقية في التغيير، التي ستكون بداية حقيقية فبدون الرغبة الأكيدة لن يتحقق شيء يذكر.
كن قواما على نفسك ولا تترك لأحد سلطة عليها بل تأكد من أن تكون أنت صاحب القرار الأول والأخير، واعلم أنك متى ما استطعت أن تتملك نفسك مرة واحدة ملكتها على الدوام.
استعن دوما بالله عز وجل في قضاء حاجاتك واطلب منه العون والمساعدة، فلا تطلب الأمر إلا من صاحب الأمر، واعلم أن لصحبة الخير دورا فاعلا في تحقيق ما تصبو إليه من تقويم للنفس
العدد 24 - الأحد 29 سبتمبر 2002م الموافق 22 رجب 1423هـ