غضب ودموع وأسئلة كثيرة رافقت الشهادات التي أدلى بها على مدى أربع ساعات عدد من ضحايا الاستبداد في تونس، في أول جلسة استماع علنية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي حصلت في البلاد بين 1955 و2013 في خطوة تاريخية نحو «المصالحة الوطنية».
تنظم جلسات الاستماع «هيئة الحقيقة والكرامة» المكلفة تفعيل «قانون العدالة الانتقالية» الذي صادق عليه البرلمان في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2013 وأحدثت بموجبه الهيئة. داخل قاعة بيضاء، وأمام أعضاء الهيئة، بدأت أمهات ثلاثة من «شهداء» الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي، بالإدلاء بشهاداتهن وقد حملت كُلٌّ منهن صورة ابنها. ونقلت إذاعات وتلفزيونات محلية وأجنبية مباشرةً جلسات الاستماع العلنية التي تواصلت مساء أمس (الجمعة).
تونس - أ ف ب
غضب ودموع واسئلة كثيرة رافقت الشهادات التي أدلى بها على مدى 4 ساعات عدد من ضحايا الاستبداد في تونس، في أول جلسة استماع علنية لضحايا انتهاكات حقوق الانسان التي حصلت في البلاد بين 1955 و2013 في خطوة تاريخية نحو «المصالحة الوطنية».
تنظم جلسات الاستماع «هيئة الحقيقة والكرامة» المكلفة تفعيل «قانون العدالة الانتقالية» الذي صادق عليه البرلمان في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2013 وأحدثت بموجبه الهيئة. وحضر جلسة مساء أمس الأول (الخميس) ممثلون لمنظمات غير حكومية تونسية ودولية، ودبلوماسيون أجانب ومسئولون سياسيون بينهم رئيس حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي الشريكة في الائتلاف الحكومي الحالي.
داخل قاعة بيضاء، وأمام أعضاء الهيئة، بدأت أمهات 3 من «شهداء» الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الديكتاتور زين العابدين بن علي، بالإدلاء بشهاداتهن وقد حملت كل منهن صورة ابنها. ونقلت اذاعات وتلفزيونات محلية واجنبية مباشرة جلسات الاستماع العلنية التي ستتواصل مساء الجمعة.
قالت ريدة الكدوسي التي قتل ابنها رؤوف (27 عاما) برصاص الشرطة يوم 8 يناير/ كانون الثاني 2011 وترك ابنا رضيعا، مخاطبة السلطات «لن نسكت ولن نسلّم في حق أولادنا»، مطالبة بسحب ملفات «شهداء الثورة» من القضاء العسكري وتكليف القضاء المدني بها.
وقتل أكثر من 300 تونسي بالرصاص خلال الثورة التي قمعها النظام. وأصدر القضاء العسكري أحكاماً مخففة في قضايا قتل متظاهرين خلال الثورة.
«لماذا لا تلتفتون إلينا؟»
اضافت وريدة مخاطبة على الارجح إسلاميي حركة النهضة الاسلامية التي قادت حكومة «الترويكا» من نهاية 2011 حتى 2014 «من أخرجهم من السجون، من أعادهم من المنفى؟... نحن قدمنا ابناءنا جرحى وشهداء... أنتم تمسكون الكراسي وتتنعمون وتنسوننا... لماذا لا تلتفتون الينا؟».
وتابعت باستياء ان السلطات سحبت من حفيدها دفتر علاج مجانيا كانت وضعته على ذمته على إثر مقتل والده رؤوف.
ووريدة تتحدر من منطقة «الرقاب» من ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب) التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية.
ودعت السلطات إلى «الالتفات إلى المناطق (الداخلية) التي قدمت شهداء» خلال الثورة ومازالت تعاني من غياب التنمية بعد 5 سنوات من الاطاحة ببن علي.
وخلال الجلسة، أعطت امراتان اسماء عناصر الامن الذين أطلقوا النار على ابنيهما، منتقدتين الاحكام المخففة التي اصدرها القضاء العسكري على «قتلة الشهداء».
فاطمة التي قتل ابنها انيس برصاص الشرطة في العاصمة تونس قبل الاطاحة بنظام بن علي، قالت غاضبة: «القضاء العسكري لم ينصفنا». وتساءلت «من جلب لكم الديمقراطية؟ ابني مات من أجل تونس ومن أجل العَلم التونسي. أريد تحقيق العدالة»، قبل ان يقاطعها الحضور بالتصفيق.
بعد ذلك، جاء دور كل من أرملة ووالدة كمال المطمامي، الاسلامي الذي اختفى قسرا في 7 أكتوبر 1991 في قابس (جنوب).
أرملة المطماطي قالت ان شرطة قابس اعتقلت زوجها وقتلته تحت التعذيب في التاريخ المذكور، لكنها أخفت الأمر عن عائلته التي ظلت تبحث عنه من سجن إلى آخر إلى أن علمت في 2009 انه قُتل، مضيفة انها لم تحصل على حجة وفاته الرسمية إلا في 2015.
وروت أن الشرطة نفت في البداية علمها بمكان وجود زوجها، قبل ان تطلب منها احضار ملابس نظيفة وطعام له، ما احيا آمالها في رؤيته. وطالبت الارملة باستعادة جثمان زوجها لدفنه و»محاسبة» قاتليه.
ثم روى المثقف والاسلامي سامي براهم كيف تعرض للتعذيب بشكل منهجي خلال فترة سجنه زمن بن علي.
وقال انه «لم يتردد» في تقديم شهادته «على رغم بعض الحرج»، مضيفاً أن «من حق المجتمع معرفة هذه الاشياء» التي «يجب ان توثَّق في الذاكرة».
«مستعد لأن أسامح»
روى كيف كان «الجلادون» يجردون السجناء من ملابسهم ويضربونهم بالعصي ويضعونهم فوق بعضهم في «عنف جنسي لم أفهمه».
وتساءل «لماذا فعلوا هذا الشي؟... نريد أن نفهم لماذا فعلوا هذا؟... انا مستعد لان اسامح شرط ان يفسروا لنا».
وفي قاعة الجلسة، ذرف اعضاء من هيئة الحقيقة والكرامة وحاضرون الدموع. واختتمت الجلسة بالاستماع لشهادة الكاتب جيلبرت النقاش، المعارض اليساري الشهير للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، قال: «البوليس السياسي أو غيره لا يعرفون إلا أسلوبا واحدا هو التعذيب. دخلت السجن 3 مرات وفي المرات الثلاث تعرضت للتعذيب».
وأكد النقاش اهمية جلسات الاستماع العلنية معتبرا ان الجلسة الاولى «عوضت كثيرا إحباط السنوات الخمس الاخيرة»، وأظهرت ان الثورة لاتزال «حية».
وتقضي مهمة هيئة الحقيقة والكرامة وفق قانون العدالة الانتقالية بـ «كشف حقيقة انتهاكات حقوق الانسان» الحاصلة في تونس منذ الاول من تموز/يوليو 1955ـ أي بعد نحو شهر من حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي، وحتى 31 ديسمبر/ كانون الاول 2013 و»مساءلة ومحاسبة المسئولين عن الانتهاكات وتعويض الضحايا ورد الاعتبار لهم».
وأمام هيئة الحقيقة والكرامة مدة اقصاها 5 سنوات لإنجاز مهامها.
العدد 5187 - الجمعة 18 نوفمبر 2016م الموافق 18 صفر 1438هـ
عدالة وإنصاف يا أصحاب قانون 54 ...... فهمتوا؟
أنصاف وعدالة.....فهمتوا يا أصحاب مشاريع الإصلاح الوهمية؟ ؟ ؟