لم تكن رحلة اللبناني المقعد توفيق ضاهر هلة إلى مرافئ موسوعة غينيس. ولكنه، على نحو ما، كان يشعر بأنه سيصل بسلام.
توفيق ضاهر حصل من الموسوعة على شهادتها لقاء إنجازه «أكبر سفينة من عيدان الكبريت»، مع رسالة تخبره أنه سيكون بين المميزين المذكورين في كتاب الموسوعة المقبل.
يقول توفيق لـ «الوسط»، عبر الهاتف، إن بلدته «الفريكة» أنجبت قبله المفكر أمين الريحاني، فكأنه يريد القول إنه أيضا داخل التاريخ من باب واسع كما دخله الريحاني من باب واسع، مع اختلاف الأدوات والاهتمامات.
نزوره في بلدته الجبلية «الفريكة»، التي يندر من يجهل اسمها. فهي تُذكر كلما ذُكر الريحاني، في الكتب المدرسية وغيرها... البلدة رفعت لافتتين تهنئ بهما ابنها البار الذي دخل موسوعة غينيس على رغم أنه مقعد مشلول لإصابته برصاصة.
نتعارف من دون عناء، فالرجل المقعد ليس معزولا، وروحه المرحة - كما يبدو - تعينه على آلام الشلل والعزلة، غير إحساسه بأنه حقق إنجازا يؤهله إلى مواجهة الصحافة والحديث بثقة عن ان الإنسان قادر على «صنع شيء من لا شيء»، كما قال لنا.
وأنت تحتار بين أن تبدأ بشهادة غينيس وبين أن تبدأ بالإنجاز نفسه... فالشهادة بكل نبلها وصيتها تتوازى مع السفينة التي تحتل غرفة صغيرة في بيت توفيق ضاهر... سفينة لا تخطئ العين انها نموذج تلك التي نشاهدها في الأفلام التي استعادت المأساة.
يقول توفيق ضاهر: إن هذه التيتانيك «ثمرة جهد دام سنة ونصف السنة، وتحديدا هي ثمرة عمل ستة آلاف وستمئة ساعة، مضت في عمل اتصل معه الليل بالنهار. وقد أنفقت فيها أربعمئة صندوق كبريت، أي ثمانية عشر مليون وأربعمئة ألف عود كبريت. وهي بطول ثلاثة أمتار وعرض ستين سنتيمترا وارتفاع متر وثمانين سنتيمترا. وهي ست طبقات كالسفينة الأصل، وفيها كل تفاصيل التيتانيك من غرف وأسرّة ونوافذ وأدراج وزوارق إنقاذ وأحواض سباحة وحمامات، إلخ...»
فكم تطابق سفينتك السفينة الأصل؟ نسأله..
- يجيب توفيق بثقة: تطابقها بنسبة ثمانين في المئة على الأقل.
علام اعتمدت في توثيق عملك؟
- على فيلم فيديو وصور من الانترنت.
لنتحدث عن شهادة غينيس... كيف اتصلتَ، وأية مرحلة قطعت الشهادة لتصل إليك؟
- راسلتهم عدة أشهر، وكانوا يردون البيانات والصور التي أرسلها، ويطلبون شهادات رسمية تؤكد ما أطلعهم عليه، وبعثوا إليّ بجدول طلبوا التقيد به: شهادة خبير مكلف من محكمة، وشهادة كاتب عدل، وفواتير بصناديق الكبريت، وغير ذلك. وبالفعل كلفت المحكمة خبيرا أجرى الكشف وأعد تقريرا... وخلاصة القول إن الموسوعة أرسلت إليّ الشهادة من باريس منذ بضعة أيام... قبل ذلك وصلتني رسالة تقول: برافو... أنت صنعت أكبر سفينة بعيدان الكبريت.
نراك حاليا تتابع عملا آخر.
- منذ سنتين شرعت في بناء نموذج لبرج إيفل، وأتوقع أن أنجزه آخر السنة الجارية... سيكون بطول خمسة أمتار، وقاعدته أربعة أمتار مربعة، وفيه خمسة آلاف لمبة.
هل فكرت في بيع التيتانيك؟
- عرض عليّ
مواطن خليجي مئة وخمسة وثلاثين ألف دولار... لم أوافق على البيع حتى لا أخسر إنجازا يحقق لي الشهرة
العدد 24 - الأحد 29 سبتمبر 2002م الموافق 22 رجب 1423هـ