العدد 24 - الأحد 29 سبتمبر 2002م الموافق 22 رجب 1423هـ

النقد وأشياء أخرى

الوسط - محرر الشئون الجامعية 

29 سبتمبر 2002

ما يعتري المحاولات الساعية لتأكيد الحضور وتمثل البقاء والتزام المسئولية ومواصلة البناء ورفد العطاء المتميز، تمتد لتساير وهج النقاء والأصالة للحفاظ على الصورة المثالية المرسومة في العقل عن المحيط أيا كان عن الأفراد أو المجتمع أو المؤسسات أو الدولة. وهي حين تأتي... «لا تعرف طريقا غير القلب...».

ومساحات التعبير الصادقة هي اضاءات ونجوم ساطعة ومتنفس حي قادر على احتواء كل الاتجاهات والتيارات وألوان الاختلاف المعرفي والثقافي الذي يتدفق من الداخل ويعلن تمرده في سكون وخشوع. والتعبير والنقد هنا مشروط بالموضوعية والاتزان والاحترام المتبادل بعيدا عن الضجيج والتحليق. وهي منطقة تتداخل وتتشوش بين الحصيلة النظرية وما نؤمن به، والواقع العملي الصلب الذي ربما يختلف مئة وثمانين درجة عند التطبيق والممارسة... وأوجهها كثيرة. وجدير التوقف هنا عند رافد ومنبع الحياة الجامعية التي تعد وسطا ملائما لنضوج وبناء الأفكار واختبار مدى فاعلية النظريات وصحتها وقدرتنا على التحمل وعدم الانفعال إذا قوبلت آراؤنا وأفكارنا بما يضادّها ويعاكسها.. ويتم التعاطي مع الحوادث والمستجدات بعقلانية لا تشوبها عاطفة أو ميل لاتجاه أو رأي ما يحقق مصلحة ذاتية أو آنية.

والجامعة هي بيت العلم والأخلاق والبيئة الأولية لمرحلة التغيرات في شتى نواحي الحياة المختلفة منها العلمية والفكرية والاجتماعية والسلوكية التي تحدث في المجتمع. وإفرازات هذه البيئة ذات دلالات يصعب تجاوزها أو تمريرها إلى منطقة النسيان... لا سيما ما يتعلق بسقف الحريات والمدى المسموح به في النقد. والإشكالية هنا ان هذه الاعتبارات ذات منحى نسبي والتقدير يتفاوت بين أفراد البيئة أنفسهم «الطلبة والأكاديميون والموظفون والعمال» حول ما يُعتبر مطلوبا ومعقولا للبناء ومواصلة المسيرة العلمية... أو تماديا وخروجا عن النقد الموضوعي وهدفه التشويه والإيقاع والهدم. وهي فجوة تحاول الكثير من الدراسات الأكاديمية ملاحظتها ورصدها والتخفيف من حدتها... والمشاهدات اليومية تثبت مدى حاجتنا إلى عدم الاستغراق في النظريات وأن يكون السلوك موازيا لما هو مختزل في العقل الباطن.

وتغلب حمية الدفاع عن المعتقدات والأفكار في الاتجاه الذي يصب في الدفاع المستميت أو الهجوم المستميت... دون وجود منطقة وسطى وتسامح تمثل نفسا حواريا الذي عادة ما يُغلّف بصيغ مفروضة مسبقا... وهي مطلوبة وبقوة في وسطنا الجامعي... ومؤشراتها بالانفتاح أو الانغلاق تعكس مدى حاجتنا للتوقف عندها. وبعض الاندفاعات - مع حدتها وغلاظتها - تأخذ طابعا منقذا أو اصلاحيا بهدف خلق التوازن واعادة المياه إلى مجاريها... وهذه الاعتصارات كما قلت... «لا تعرف طريقا غير القلب...»

العدد 24 - الأحد 29 سبتمبر 2002م الموافق 22 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً