الحزن هو ألم نفسي يوصف بالشعور بالبؤس والعجز، وهو عكس السعادة، شبيه بالهم، الأسى، الكآبة واليأس، وتلك كلها مشاعر سلبية، وحينما يشعر بها الإنسان يصبح هادئاً، قليل النشاط، منفعلاً، عاطفياً، انطوائياً، ويكون مصحوباً بالبكاء «بحسب تعريف الموسوعة الحرة ويكيبيديا».
للحزن مراحل 5 بحسب ما ذكرته إليزابيث كوبلر روس وهي: الإنكار والعزلة، الغضب، المساومة، الاكتئاب وأخيراً التقبل، وليس بالضرورة أن يمر الإنسان بجميع تلك المراحل الخمس، أو أن تحدث بنفس الترتيب المذكور، فكل فرد يعبر عن حزنه بإسلوب مختلف عن الآخر.
بغض النظر عن سبب الحزن ومداه وشدته فإن المرحلة الأولى منه تكون على شكل إنكار، وهذا يؤدي إلى العزلة عن الناس والمجتمع، ويتم إنكار ما حدث فعلاً بطريق عدم تصديق الحدث، وتلك تعتبر عملية دفاعية من الدماغ لتحمل المصيبة أثناء حدوثها وعواقبها والفترة التي تليها. وبعدها تأتي مرحلة الغضب وهذا يدلل على انتهاء مرحلة الإنكار والعيش في تأثيرات المصيبة التي حدثت حيث يبدأ الشعور بالألم النفسي ومحاولة التنفيس عنه بالغضب، سواء كان ضد الأفراد الغرباء أو الأصدقاء أو حتى أفراد العائلة المقربين.
بعدها تأتي مرحلة المساومة، وذلك بالمرور بمرحلة الشعور بعدم الأمان والحساسية المفرطة والتساؤلات والتفكير بشكل رجعي في جميع القرارات والتصرفات التي تم اتخاذها قبل حدوث المصيبة والمشكلة، وفي هذه المرحلة عادة يتم اللجوء إلى رحمة الإله من أجل تأجيل حدوث القضاء والقدر الذي لا يمنعه إلا اللّة، وهذا يعتبر دفاعا ضعيفا للحماية الذاتية من ألم الواقع المرير الذي حدث بفعل المصيبة.
وتأتي المرحلة الرابعة وهي الدخول في الاكتئاب، وهناك نوعان منه قد يحدثان، قد يكون على شكل صمت ورفض لمقابلة الناس والبكاء المستمر، وتتم فيه العزلة عن الناس والمجتمع والأنشطة الاعتيادية. وأخيراً يمر الفرد بمرحلة التقبل وهو معايشة الواقع المر الذي حل به، وعادة لا تكون مرحلة سعيدة ولكنها تختلف عن مرحلة الاكتئاب، وذلك بتقبل الوقع والواقع والقبول بقضاء اللّة وقدره والذي كتبه له اللّة.
قد تمتد تلك مراحل الحزن فترات تختلف من فرد لآخر وبحسب طبيعة الحزن وتأثيرات مسببات الحزن، ولكن وجب استعراض بعض الخطوات المهمة جداً لمحاولة تطبيقها وخاصة في حالات الحزن العميق وذلك بهدف تقليل الضرر على نفسية الإنسان نذكر منها ما يلي: ضرورة أن يعيش الإنسان التعبير الكامل عن حالة الحزن بالطريقة التي يراها مناسبة له وبحسب طبيعته وما يشعر به في وقتها إلى أن تنتهي، ولا يجب أن نحكم على تلك المشاعر بأنها سلبية بقدر ما يجب أن نتفهم بضرورة أن يعيشها الإنسان إلى أن يتجاوزها.
وجب التفكير في تقديم الشكر لجميع الأصدقاء والأهل المقربين والذين يحاولون تقديم الدعم والمساندة في فترات مراحل الحزن العميق، وضرورة محاولة الاهتمام بالنفس فيما يتعلق بالنوم والصحة والغذاء الجيد، وضرورة الشعور بالبهجة لما يحدث حولنا أثناء تلك الظروف أياً كان مصدرها؛ لأنها تخفف وقع الصدمة في جميع مراحل الحزن.
محاولة المشاركة مع عامة الناس سواء من الأصدقاء أو الأهل أو في محيط العمل في النشاطات العامة أو بعض الأعمال الخيرية أو التطوعية، ويلعب حتماً كل من الدعم والمساندة دوراً حيوياً، لذا فإن المشاركة مع مجموعات الدعم والمساندة حتى لو كانت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر الإنترنت في رفع المعنويات وتبادل الخبرات.
إن مرحلة الحزن لأي سبب كان لهو حتماً فترة عصيبة تمر على الإنسان، لذا فمن الضروري أن يتعامل الفرد مع نفسه بكل حب وبكل طيبة، وقد يكون الحزن في وقت ما شديداً عصيباً يقلب الدنيا عاليها سافلها ويقلب الذهن، وقد يكون سهلاً في وقت آخر، كل هذا يعتمد على شخصية الإنسان وطباعه وتجاربه واطلاعه ووعيه بكيفية التعامل والتحمل والصبر مع الأوقات العصيبة.
إقرأ أيضا لـ "نبيل حسن تمام"العدد 5186 - الخميس 17 نوفمبر 2016م الموافق 17 صفر 1438هـ
شكرا دكتور ما ذكرته هو بالفعل ما نمر فيه بعد وفاه شخص عزيز علبنا ....الفقد صعب ومؤلم
شكراً دكتور
بارك الله فيكم يا دكتور وجزاكم الف خير علي هذا الموضوع الرائع