صادف يوم أمس «اليوم العالمي للتسامح»، وهو يوم أطلقته الأمم المتحدة في العام 1996 بدعوة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، طالبت خلالها الدول الأعضاء بالاحتفال باليوم من خلال القيام بأنشطة ملائمة توجه نحو المؤسسات التعليمية وعامة الجمهور. وجاء هذا الإجراء في أعقاب إعلان الجمعية العامة في العام 1993 بأن يكون العام 1995 سنة الأمم المتحدة للتسامح، حيث اعتمدت الدول الأعضاء إعلان المبادئ المتعلقة بالتسامح، وخطة عمل متابعة سنة الأمم المتحدة للتسامح.
وتوجز وثيقة نتائج مؤتمر القمة العالمي لعام 2005 التزام الدول الأعضاء والحكومات بالعمل على النهوض برفاه الإنسان، وحريته وتقدمه في كل مكان، وتشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون فيما بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب. كان هذا هو موجز التاريخ الذي ذكره موقع الأمم المتحدة بخصوص المناسبة، وما يهمنا منه هو قيمة أن يكون هنالك يوم مخصص للتسامح، على رغم أن خلقاً وقيمة كالتسامح لابد أن يكون ملازماً للفرد في كل تحركاته ومواقفه وأيامه.
في هذا الجو العالمي المشحون بالغل والحقد والطائفية والتعصب، صار التسامح هو المفقود في التعامل الإنساني. صار لزاماً على البشرية أن تتحمل كل أنواع التعصب العرقي والمذهبي والديني والسياسي و...إلخ، والذي أنتج سلسلةً من الحروب والكوارث البشعة، ومازالت الأرواح تزهق كل يوم في كل أنحاء العالم، بعد أن سيطر هذا التعصب على البشر، وتذاع في نشرات الأخبار باعتبارها أرقاماً وكأن الأمر بات عادياً؛ إذ لا يكاد أحدنا يكفكف دمعه على روح أزهقت، حتى يسمع خبراً آخر في مختلف الدول.
الأرواح تحصد، والحروب تندلع، وسلسلة التفجيرات تتواصل، والمد العرقي والإيدلوجي ينشر سواده في كل الأرجاء، والسبب هو غياب التسامح ومحاولة العيش تحت مظلة لون واحد وفكر واحد واعتقاد واحد. وكأن الاختلاف بات جريمة لا تغتفر.
هذا التعصب لا ينتشر على مستوى العلاقات الدولية أو علاقات الجماعات ببعضها؛ بل نجده منتشراً على مستوى الأفراد في شتى المجالات والأصعدة أيضاً. على رغم كثرة المنادين بضرورة التسامح والقبض على المحبة التي كادت تفر منا في ظل كل هذا الشحن الداعي إلى الكراهية.
ولو عدنا إلى التاريخ قليلاً، وإلى الأخبار المنشورة في الصحافة في مختلف الدول، لوجدنا الكثير من قصص التسامح التي تبدو كضرب من الخيال، ابتداءً من سير الأنبياء عليهم السلام، مروراً بسيرة أهل بيت الرسول وصولاً إلى الوقت المعاصر. وكل قصة في التسامح تجعلنا نقف لأبطالها احتراماً على رغم اختلاف دياناتهم وأعراقهم. ففي العام 2007 عفت الإيرانية سميرة علي نجاد عن قاتل ابنها في يوم تنفيذ حكم الإعدام عليه. وفي العام 2014 عفاريكي جاكسون عمّن اتهمه زوراً بجريمة قتل قضى على إثرها حياته في السجن لمدة 39 عاماً. وعفا البابا يوحنا بولس الثاني عمّن حاول اغتياله بعد أربعة أيام من الحادثة وهو على سرير المرض في العام 1981.
هذه أمثلة ثلاثة فقط بشأن التسامح والصفح، اختلفت فيها القضايا واختلفت فيها أعراق المتسامحين، وهي أمثلة في أمور حياتية وبشأن قضايا شخصية، لكن الأمثلة التي تندرج ضمن التسامح الديني والمذهبي والعرقي كثيرة جداً، فكم من أزواج ارتبطوا ببعضهم على رغم اختلاف مذاهبهم ودياناتهم وأعراقهم، وكم من آباء الدول التي يسمح بها القانون بالتبنّي، لم يفكّروا في عرق أو دين أو مذهب هذا الطفل أو ذاك، واتخذوا منه ولداً طاروا به فرحاً. وكم من صداقات نشأت واستمرت على رغم اختلاف الأصول والايدلوجيات؛ بل والدول والقارات ومازالت مضرباً للمثل؟
ليتنا نستطيع أن نعيش متسامحين متحابين، لعل كل هذه الكوارث التي يحدثها البشر تتوقف وتنتهي هذه الفترة المليئة بالدم والدمار.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5185 - الأربعاء 16 نوفمبر 2016م الموافق 16 صفر 1438هـ
تسميات ومسميّات باهتة ولا تعني للناس شيئا على أرض الواقع بتاتا.
هذه الشعارات التي لا تهمّ احدا لأنها لم تلامس شيئا يذكر من حياتهم وكما هو يقال في البحرين اذا اردت ان تقضي على موضوع فشكّل له لجنة او لجانا ثم يتمّ تناسيه ودفنه
قدح من اللبن يجب تناوله مع هذا المقال
ايران
محت التسامح والآن تريد ان تبتلعنا انها. ايران وسياساتها التوسعية والاموال التي تدفعها وكذلك لا تنسي الاحدى عشر مليون دولار النقد التي ضبطت في المطار وأعيدت الى الأميركان عام ٢٠١١ انها امريكا التي تريد منح هذا البلد ل ايران هل نتسامح هنا ؟
شكرًا ام قيس مقال مثالي، نحتاج للجهات المعنية تبنيه