دعا اقتصاديون وسياسيون إلى «قيام البرلمان ومؤسسات المجتمع المدني في البحرين بدور اكبر في متابعة المخالفات الواردة في تقارير ديوان الرقابة المالية والادارية».
ومن جانبها، جددت الجمعية البحرينية للشفافية دعوتها إلى انشاء هيئة عليا مستقلة لمكافحة الفساد.
جاء ذلك في حلقة حوارية، عقدت في مقر الجمعية البحرينية للشفافية في العدلية، مساء الثلثاء (15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)، لمناقشة التقرير الـ 13 لديوان الرقابة المالية والادارية التي أعلن عنه قبل أيام.
وفي مداخلته، قال رئيس الجمعية البحرينية للشفافية شرف الموسوي: «كنا ومازلنا نطالب بإنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد، لتأسيس استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، وهذه الآلية سوف تساعد الدولة في الحد من التجاوزات التي نقرأها كل عام في تقرير الرقابة المالية والادارية».
أما ممثل الاتحاد العام لعمال البحرين كريم رضي، فقال: «السؤال الذي يطرح نفسه علينا كممثلين للعمال، ماذا يعنينا تقرير الرقابة المالية والادارية، وخاصة اذا عرفنا ان التقرير يسلم الى 3 جهات وفق قانون إنشاء ديوان الرقابة، هم جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، وسلم التقرير ايضا الى سمو ولي العهد، وأضاف رضي «التقرير الماضي كانت فيه 7 توصيات أخذها مجلس النواب من ضمنها استجواب وزيري المواصلات والمالية، غير أن هذا لم يتم بحسب ما صرح به النائب احمد قراطة».
وأفاد «المادة 11 من قانون ديوان الرقابة المالية، تقول إنه «يتولى الديوان إبلاغ الجهات الخاضعة لرقابته بالمخالفات التي تكشفت له ومطالبتها باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصيل المبالغ المستحقة لها، أو التي صرفت منها بغير حق خلال فترة زمنية معينة، وله إحالة الأمر إلى الجهة المختصة بتحريك الدعوى الجنائية إذا ما توافرت لديه أدلة جدية على وجود جريمة جنائية»، ولكنني اعتقد أنه من الصعب العثور ما يحقق هذا الشرط؛ لأن التقرير يتحدث عن جرائم وليس عن مجرمين، كما أن المادة 12 من القانون المذكور، تضيف أن الموظفين هم من يتحملون الأخطاء وليس الوزراء المعنيين».
وختم رضي «المساحة المطلوب منا ان نعمل بها كمجتمع مدني هي ان نلقي الضوء على هذه المخالفات، ونعمل على وضع تقرير مواز لهذا التقرير السنوي، يمكن ان تصدره جمعية الشفافية، وتدريب المواطنين والمهتمين على مهارات رصد الفساد».
فيما قال الاقتصادي حسن العالي: «تقرير ديوان الرقابة المالية يتضمن حالات عدة يمكن تصنيفها بهدر المال العام وضعف الانتاجية، اعتقد أن هناك 4 جهات يقع على عاتقها متابعة هذا التقرير، وهي: السلطة التشريعية والتنفيذية والجهات الرسمية المعنية بمكافحة الفساد، واخيرا مؤسسات المجتمع المدني».
وأضاف العالي «منظمة اجهزة الرقابة المالية الحكومية، وضعت منذ العام 1997، وضعت 7 مبادئ لفرض الرقابة على الاجهزة الحكومية، واولها وجود اطار قانوني مرجعي فعال لديوان الرقابة المالية، وهناك حالات يتبع فيها الديوان رأس الدولة او ان يتبع السلطة التشريعية، وفي حالات قليلة تلحق تبعية الديوان بالحكومة، ولكن هذا الامر تشوبه حالة عدم شفافية؛ لأن الديوان عمله ان يقوم بالرقابة على اداء الحكومة، واعتقد ان الافضل هو تبعيته الى السلطة لتشريعية، وخاصة ان السلطة التشريعية عندما توافق على برامج الحكومة، فقد اعطت صلاحيات للحكومة للقيام بدورها في العمل، وعليها ان توجد جهازا معنيا بالرقابة على الحكومة، في التجربة الكويتية فإن ديوان الرقابة هو احدى ادوات السلطة التشريعية، التي تمارس دورين هامين هما التشريع والرقابة على اداء الحكومة؛ لأن ذلك يعطي حصانة اكبر لرئيس الديوان لمتابعة ملفات الفساد ويضمن استقلالية كاملة له؛ لأن السلطة التشريعية هي من تقوم بالتعيين، ويسمح له بإعطاء تقارير عن اي جهة يكلفه بها مجلس النواب، وحتى يتمكن البرلمان ان يحدد محتويات التقرير وذكر اسماء المخالفين بالأدلة، ليكون اداة فعالة بيد البرلمان، وبالتالي يستطيع تشكيل لجان تحقيق دائمة تتابع التوصيات الصادرة في تقرير ديوان الرقابة المالية والادارية».
وواصل العالي «المخالفات التي وردت في تقرير الرقابة ليس معنيا بها الموظفين الصغار بل الوزراء المكلفين، والمطلوب منا ان نشخص، هل تقع هذه المخالفات تحت طائلة الجرائم الجنائية، وهنا يجب ان يكون هناك قانون للفساد حتى يتم تحديد مسئوليات كل وزير او مسئول عن الفساد في وزارته».
وأردف «اعتقد ان من الصلاحيات التي يجب تمنح لديوان الرقابة المالية هو ان يُمكّن من التفتيش على كافة الجهات والشركات الحكومية بدون استثناء، وتمكينه من الوصول غير المقيد للمعلومات، وحق اعداد التقارير في كل الاوقات وبالصورة التي يراها مناسبة، مع وجود آليات متابعة فعالة للتوصيات الصادرة من تقارير ديوان الرقابة المالية والادارية».
وذكر العالي أن «عدم وجود بنية مؤسساتية للإشراف على مكافحة الفساد يرجع في جذوره الى وجود الدولة الريعية لكي لا يكون هناك اشراف واضح على ايرادات الدولة»، خاتما «اعتقد ان دور مؤسسات المجتمع يجب ان يكون اكبر في الرقابة على المال العام، وأدعو جمعية الشفافية للأخذ بزمام المبادرة بإقامة العديد من الورش لمتابعة الهدر في المال العام في هذه المرحلة الاقتصادية الحساسة».
ومن جهته، قال النائب السابق عبدالجليل خليل: «البعض يتكلم عن ان تكرار الحديث عن المخالفات التي يحويها تقرير ديوان الرقابة المالية لا يغير من الواقع شيئا، ولكنني اعتقد أن ذلك غير صحيح، هذا جهد مهني يجب ان يثمن ويحتاج ان يستكمل، ولكن بدون التقرير لا يمكن ان يتحدث المجتمع المدني بدون دليل، هذا التقرير يعطيك قاعدة معلومات كبيرة لمختلف الجهات ذات الاختصاص».
وأردف خليل «هذا التقرير بعد أن أضيف اليه الرقابة الادارية اصبح ضخما، وهنا يجب ان تكون هناك اولويات بحسب توجه الجهة المعنية سواء مؤسسة برلمانية او مؤسسات مجتمع مدني».
وتابع «المهم برأيي في هذا التقرير هو شركة ممتلكات التي راجعها ديوان الرقابة 3 مرات، الاولى في العام 2009 والثانية في العام 2012، والمرة الثالثة في العام 2015، وشاهدنا اليوم شيئا مرعبا، لأنه لم يحدث اي تحسن في هذه الشركة التي تأسست في العام 2006 لتكون الذراع الاستثماري للحكومة، ووضعت 37 شركات كبرى تحت مظلة هذه الشركة».
وأكمل خليل «اول ملاحظة نراها ان الوزير المساهم لم يتم تحديده، وهذه الملاحظة موجودة منذ العام 2009، مع انه هو الوزير المسئول عن الرقابة على هذه الشركة، وبالتالي فإن الاستثمارات تعود الآن قراراتها الى مجلس الادارة، وهذا هو ما ادى الى وجود هذا الخلل بحدوث استثمارات كبيرة مررت بدون اجتماعات، ودون وجود دراسات متعددة وواضحة».
وذكر أن «طيران الخليج هي تحت مظلة ممتلكات، ولكن الدولة دفعت منذ العام 2009 وحتى 2015 ما يقارب مليار دينار من الموازنة العامة للدولة، بالإضافة الى قروض أخذتها شركات ممتلكات لضخها في شركة طيران الخليج، دون ان يتم تحديد الى اين ستتوجه هذه الاموال التي تأتي من موازنة الدولة».
وواصل «اليوم إدامة اعطيت مجموعة عقارات ثم سحبت منها، العقارات التي تدر اموالا كبيرة ظلت لدى وزارة المالية، واعطيت العقارات التي اجرت بمبالغ زهيدة».
وأضاف «أعتقد ان المسئولية هي مسئولية سياسية في تحميل الوزراء المسئولية في القصور في اي جهة رسمية، واذا كان هناك قصور في المعلومات، فيجب على المؤسسة التشريعية تشكيل لجان تحقيق حتى لو لم تفضِ الى استجوابات».
وأوضح أن «هناك تعمدا في وضع اعتمادات اكبر مما تحتاجه الوزارات لمشاريعها، كما حدث في منح وزارة الاشغال 20 مليون دينار لتطوير جسرة سترة، على الرغم من ان الوزارة طلبت 10 ملايين فقط، وهذا الامر ينطبق على مشاريع حكومية اخرى».
وختم خليل «الخلاصة هي ان التقرير مهم جدا، وهو يعطي قاعدة للمحاسبة، وبدون هذه المحاسبة سيتم تدوير المخالفات عاما بعد عام».
أما النائب السابق الاقتصادي جاسم حسين، فشدد على أن «اصدار التقرير بشكل سنوي مهم لنعرف اين تكمن الاخطاء وهذا يخدم مؤسسات المجتمع المدني، اعتقد ان مجلس النواب ليس لديه القدرة في التعامل مع كل هذه الاخطاء، ولكن هناك دور مهم يجب ان يعطى الى مؤسسات المجتمع المدني والمختصين والاعلام، ونتمنى ان يأتي الوقت المناسب لمتابعة ما جاء في تقارير ديوان الرقابة المالية والادارية».
وأضاف حسين «اليوم ايرادات الدولة بالكاد تغطي مصروفاتها، واليوم الصرف الحقيقي يأتينا من 3 دول خليجية هي: دولة الامارات والكويت والمملكة العربية السعودية».
وفي مداخلته، قال الاقتصادي جعفر الصائغ: «عندما نناقش تقرير ديوان الرقابة المالية يجب ان نشير الى الوضع الاقتصادي الذي نعيشه، نحن في حالة طوارئ اقتصادية؛ نظرا لانخفاض اسعار النفط، وقد اخذت قرارات جادة على مستوى دول مجلس التعاون على رأسها مراجعة قرارات الدعم وسياسة التوظيف».
وأضاف «نحن في وضع اقتصادي لا نحسد عليه، ونحن مهددون بأن نفتقد الرفاهية التي اكتسبناها على مدى 3 عقود، وهذا يجب أن يجعلنا نكون اكثر حرصا على ما تبقى من مكتسبات معيشية».
العدد 5185 - الأربعاء 16 نوفمبر 2016م الموافق 16 صفر 1438هـ