دعا قادة وخبراء من منظمات بحثية دولية وإقليمية ووطنية، ومنظمات التنمية والجهات المانحة إلى بذل مزيد من الجهود المتعلقة بإدارة الجفاف والتخفيف من تأثيراته في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للوقوف في وجه التغير المناخي.
فالتغير المناخي يؤثر على نحو مطرد في الهطولات المطرية ودرجات الحرارة، حيث تواجه المناطق الأشد جفافاً من قبيل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مشكلة متفاقمة تكمن في إطعام أعداد متزايدة من السكان ضمن أقل الظروف ملاءمة للإنتاج الزراعي.
وستتعرض موارد المياه، القابعة أصلاً تحت ضغوط كبيرة في تلك المناطق، إلى مزيد من الإجهاد لاسيما ضمن ظروف الجفاف، ما من شأنه تقويض جهود ضمان الأمن الغذائي والمائي، وتحقيق الاستدامة الزراعية.
وكان تحديد السبل والفعاليات اللازمة للتأقلم مع هذه المشكلة محور تركيز اجتماع جانبي مشترك عالي المستوى بعنوان «تكييف المناخ لصالح الزراعة: إدارة الجفاف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، وكذلك موضوع الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP22) لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCC) في مراكش في المغرب.
وقال وزير التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة ثاني أحمد الزيودي، خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع: «لا شك أن معالجة تأثيرات التغير المناخي في القطاع الزراعي يشكل مسألة ملحة، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المعرضة للجفاف بشكل خاص، وعلينا العمل بشكل جماعي لتعزيز الجهود في مجالات العلوم والابتكار، ما بدوره سيحسن من تكييف المناخ لصالح الزراعة، فضلاً عن مساعدنا على إدارة أفضل للطلب المتزايد على الغذاء وضمان أمن غذائي طويل الأجل».
وعلى اعتبار أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد المستوى الأدنى من حصة الفرد في موارد المياه المتجددة، بالترافق مع أعلى نسبة من سحب المياه مقارنة مع مناطق رئيسية أخرى في العالم، فإنها ستفيد على نحو ملموس من برامج الإدارة الأفضل للجفاف ورصده والتي بوسعها إغناء السياسات الوطنية بالمعلومات اللازمة المتعلقة بتخصيص المياه وإدارتها.
وفي كلمة لها خلال الاجتماع، قالت مدير عام إكبا أسمهان الوافي: «إن التغير المناخي حقيقة واقعة، وقد اعتبر عام 2016 العام الأشد جفافاً منذ بدأ الإنسان بتدوين البيانات. وثمة حاجة إلى إجراء تحول نموذجي في إدارة الجفاف بدءاً من الاستجابة إلى الأزمة وحتى إقرار نهج جديد لإدارة الأخطار يشدد على نظم الانذار المبكر والتنمية واعتماد سياسات خاصة بالجفاف توفر للمزارعين نموذج أعمال عملي، حتى خلال السنوات الجافة».
واستجابة إلى تفاقم أخطار الجفاف، يقود إكبا منذ عام 2009 برنامجاً لإدارة الجفاف تموله الوكالة الأميركية للتنمية الدولية يعرف باسم «مورد» يهدف إلى تطوير وتحسين نماذج المناخ والمياه والمحاصيل، بحيث تتسم بمستوى تكيف أفضل مع ظروف المنطقة وتوفر بيانات أكثر دقة دعماً لصناعة القرار على شتى المستويات، بدءاً من مستوى المزرعة، فالمستوى الوطني والإقليمي. وفي عام 2015، تضافرت جهود كل من إكبا والوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومنظمة الأغذية والزراعة وجامعة نبراسكا- لينكولن لإعداد نظم لإدارة الجفاف على مستوى المنطقة والمستوى القطري.
وهدفت هذه الجهود إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة، الأول المساعدة على تأسيس نظم إقليمية ووطنية للإنذار المبكر بالجفاف ورصده؛ والثاني، تقديم تقييمات لمكامن الضعف تجاه الجفاف وتأثيراته؛ والثالث، دعم عملية رسم الخطط المتعلقة بالاستعداد لمواجهة تأثيرات الجفاف والتخفيف منها.
ويجمع هذا المشروع ما بين الشركاء من الخبراء الدوليين والإقليميين لتقديم ما هو جديد من رؤى وخطط واستراتيجيات لإدارة الجفاف والتكيف معه على المستويين الوطني والمحلي، ما من شأنه التخفيف من التأثيرات التي يحدثها الجفاف في الامداد بالأغذية وكميتها، فضلاً عن سلامة الامداد بالمياه في المجتمعات المعرضة للجفاف.
وقد صمم العمل بشكل يسهم في تحقيق هدف التنمية المستدامة الثالث عشر للأمم المتحدة والذي يدعو إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة التغير المناخي وتأثيراته.
ومع الزيادة المتوقعة في الجفاف التي قد تشهدها بعض المناطق الرئيسية لإنتاج المحاصيل في العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من الأهمية بمكان استكشاف التحديات والامكانيات لدعم مبادرات الأمن المائي والغذائي.
وقد قام بتنظيم هذه الفعالية المركز الدولي للزراعة الملحية (ICBA) والبنك الإسلامي للتنمية (IsDB) ووزارة التغير المناخي والبيئة (MoCCaE) في دولة الإمارات العربية المتحدة، فضلاً عن رابطة المراكز الدولية للبحوث والتنمية (AIRCA)، حيث استقطبت شخصيات قيادية وعلماء وخبراء من الوزارة المذكورة والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، والبنك الإسلامي للتنمية، والإدارة الوطنية للأرصاد الجوية في المغرب، وإكبا، ووزارة الفلاحة والصيد البحري في المغرب.
وقد بحث المشاركون كيف يمكن لبرامج إدارة الجفاف على المستويين الوطني والإقليمي مساعدة الحكومات على الاستعداد بصورة أفضل لمواجهة تأثيرات الجفاف وتصميم تدابير التخفيف منها. وتمحورت مناقشاتهم على وجه الخصوص حول الوضع الراهن لإدارة الجفاف ورصده على امتداد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ فضلاً عن نقل التقانات، وعلى رأسها نظم رصد الجفاف؛ وتقديم التوصيات حول إجراء مبادرات لإدارة الجفاف في المنطقة.
وقد استقطبت الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف، والتي انطلقت فعالياتها في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني، ما يربو على 190 لمناقشة القضايا المتعلقة بالتغير المناخي واتخاذ الاستعدادات لتنفيذ اتفاق باريس. وستختتم هذه الدورة بتاريخ 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.