28 عاماً على إعلان استقلال وقيام دولة فلسطين في العام 1988. تأريخ يفتح الباب للاحتفال والنقاش والسؤال.
وفي الاحتفالية المنعقدة بتنظيم من السفارة الفلسطينية، مساء الإثنين (14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)، التقت «الوسط» بعدد من كبار المسئولين ممن كان حديثهم عن حال فلسطين، بعد نحو 6 سنوات مما سمي بـ «الربيع العربي»، والاضطرابات المستمرة في عدد من الدول العربية.
تحدث وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، لـ «الوسط»، فقال بلغة عروبية صرفة: «فلسطين دولة مستقلة حرة وعربية وعاصمتها القدس، شاء من شاء وأبى من أبى، وحديثنا عن فلسطين كل فلسطين».
أما أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، فعقب على سؤال لـ «الوسط»، بشأن ما إذا كانت فلسطين لاتزال تشعر بأنها القضية المركزية للعرب، فقال: «أنا على علم بدوافع هذا السؤال، فعلى ضوء حالة التردي والمآسي التي شهدتها الدول العربية، بات لكل دولة قضاياها، ولم نشهد عصرا انحدرت فيه الأمور بهذا الشكل من المآسي الحاصلة في سورية وفي العراق وفي اليمن وفي ليبيا، لكن وعلى الرغم من ذلك إلا أن القضية الأولى في قلب وعقل العربي هي فلسطين وهذه الحقيقة».
وفيما إذا كانت فلسطين تعيش قلقاً إزاء هذا الانحدار وتبعاته، قال: «على الإطلاق، فعلى الرغم من كل ما حصل خلال السنوات الفائتة، إلا ان فلسطين بقيت على رأس جدول أعمال الجامعة العربية».
وخلال الاحتفالية التي شهدت حضوراً رسمياً وأهلياً ودبلوماسياً متنوعاً، نوه عريقات بمكانة فلسطين لدى البحرينيين، حيث قال: «فلسطين هي في قلب البحرين، ما كانت فلسطين وما كانت البحرين، وفلسطين بخير وهي تبلغ تحياتها لجلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، ولوزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد، وجه الدبلوماسية البحرينية الكفوءة، والذي يواصل الليل بالنهار خدمة للقضية الفلسطينية»، مضيفاً «التعاون بيننا بشكل يومي، ونحن كأبناء للشعب الفلسطيني تحت قيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، نتوجه بعظيم الشكر والامتنان لما تقدمه مملكة البحرين الشقيقة من جهد في جميع المجالات خدمة لإعادة فلسطين لخارطة الجغرافيا، وهذا عهدنا بهم».
وتقييما للعلاقات المشتركة، قال عريقات: «تشرفت بلقاء جلالة الملك، وسمو رئيس الوزراء، ووزير الخارجية، وفي الحقيقة فإني لا أستطيع ايفاء مملكة البحرين حقها، فالبحرين بما لها من علاقات دولية وإقليمية، تبذل كل جهد ممكن لإعادة فلسطين للخارطة خدمة للقضية الفلسطينية في جميع المحافل الاقليمية والدولية».
وأضاف «عبر اللقاء استرشدت بحكمة وبعد نظر وواقعية جلالة الملك، حيث نقلت لجلالته تحيات الرئيس محمود عباس، والذي يؤكد على أن جلالته وفي كل خطاب أيا كان موقعه، يبدأ وينتهي بالقضية الفلسطينية، واليوم تشرفت بمجموعة من الارشادات والنصائح والتعليمات من جلالته، تشمل كيفية التعامل مع الادارة الأميركية الجديدة وكيفية التعامل على مستوى الإقليم، ومع قضية السلام».
من جانب آخر، تطرق عريقات لجملة ملفات فلسطينية، بدأها بالإشارة لما تحدث عنه مؤخراً بشأن الموقف الأميركي من القضية الفلسطينية، موضحاً ذلك بالقول «ما ذكرته أن الرئيس جورج بوش الابن كان أول رئيس تحدث عن دولة فلسطين، وكان أول رئيس يقول إن تحقيق مبدأ الدولتين هو مصلحة وطنية أميركية عليا، وكذلك فعل الرئيس أوباما، وعطفاً على ذلك نحن نرى أن الولايات المتحدة دولة لا تحركها شخصيات، أو حب وكراهية لهذا الشخص أو ذاك، بل إن ما يحركها هو مصالحها، والآن أستطيع القول إن تحقيق مبدأ الدولتين، دولة إسرائيل ودولة فلسطين، على حدود 67 لتعيش بأمان وسلام هو مصلحة أميركية عليا كما قيل لنا من الجمهوريين والديمقراطيين».
وبشأن مستجدات ملف قتل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، وما تحدث عنه الرئيس محمود عباس مؤخراً بشأن معرفته القاتل، قال: «لا معلومات لدي، لكن كل ما أقوله هنا إن هناك لجنة تحقيق وطنية عليا تتابع المسائل على الصعيد المحلي وعلى الصعيد الدولي، والتي ستصدر نتائجها فور انتهاء عملها».
وفي موضوع المصالحة الفلسطينية، ذكر عريقات «نحن نبذل كل جهد ممكن لتحقيق المصالحة وتجاوز أسباب الانقسام، وهذا يتم عبر مسارين، المسار الأول هو تشكيل حكومة وحدة وطنية من كل فصائل العمل الفلسطيني بشكل فوري ومن ثم الاحتكام الى إرادة الشعب والعودة لصناديق الاقتراع بانتخابات عامة».
وجديد هذه المصالحة، أوضحه عريقات بالقول «هناك جهود تبذل، وقبل 3 أسابيع كنا بمعية الرئيس عباس، في قطر، برعاية وزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبدالرحمن آل ثاني، وحضور رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ونائبه اسماعيل هنية، حيث اجتمعنا تحت الرعاية القطرية الكريمة وتم التأكيد على وجوب تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقلنا للإخوان في حماس عندما نختلف نعود الى صناديق الاقتراع وليس لصناديق الرصاص».
وأضاف «نحن مجتمع ديمقراطي، ولدينا فصائل فلسطينية عدة، لا يستطيع أحد إلغاء الآخر، وبالتالي عندما نختلف نريد أن نثبت مبدأ العودة إلى صناديق الاقتراع، ونأمل أن تتجاوب حماس بشأن ذلك».
ورداً على سؤال بشأن ملف التنسيق مع إسرائيل وفيما إذا كان متوقفاً، أجاب عريقات «نحن شعب تحت الاحتلال، وبالتالي لا نستطيع القول ان العلاقات مع إسرائيل منقطعة، فأنا على سبيل المثال لا أستطيع الخروج من فلسطين إلا بإذن إسرائيلي، أما المفاوضات السياسية فمتوقفة تماما؛ وذلك بسبب الجانب الاسرائيلي الذي يريد استبدال المفاوضات بالإملاءات والمستوطنات وفرض الحقائق على الأرض، ويريد تدمير خيار الدولتين بمبدأ الدولة بنظامين، ونحن لدينا قراراتنا الصادرة عن المجلس المركزي بوجوب تحديد العلاقة مع إسرائيل ما لم تلتزم بتنفيذ ما عليها، ونأمل حين يعقد المؤتمر السابع لحركة فتح نهاية نوفمبر الجاري، والمجلس الوطني الفلسطيني ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ان يتم تحديد العلاقات سياسيا واقتصادياً مع سلطة الاحتلال الاسرائيلي».
بجانب ذلك، علق عريقات على قرار اليونسكو، باعتبار مسجد الأقصى املاكا فلسطينية عربية، فقال: «هذا مبدأ أقرته عصبة الامم عام 1930، حين أرسلت وفدا للقدس تحت رئاسة سويسرا، وانتهت اللجنة المشكلة إلى ان حائط البراق للمسلمين، ولذا نحن نثمن موقف اليونسكو التي أعادت التأكيد على هذا القرار».
وبشأن السبيل لاستثمار هذا القرار، قال: «فلسطين لها مكانة شخصية دولية قانونية، فنحن دولة عضو مراقب في الامم المتحدة، وبالتالي نحن نعزز ونجسد بشكل يومي الشخصية الدولية لفلسطين ومكانتها، ونأمل ان نحصل على العضوية الكاملة في أسرع وقت ممكن من خلال مجلس الأمن، فكل ما نقوم به الآن لدينا دولة فلسطينية محتلة تماماً كما كانت عليه بلجيكا وهولندا وفرنسا وكوريا أثناء الحرب العالمية الثانية ونريد تجسيد استقلال دولتنا».
أما السفير الفلسطيني في البحرين طه محمد عبدالقادر، فتحدث عن العلاقات الفلسطينية البحرينية، حيث قال: «العلاقات مميزة حيث يغمرنا شعب البحرين وقيادة البحرين، بالحب والمودة، وأقسم أننا نشعر بأننا في بلدنا، حيث المحبة والرعاية للجالية الفلسطينية، ونأمل أن نصل لحقوقنا بالحرية والاستقلال قريباً، لنستقبل أهل البحرين في القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين».
وعن موقع فلسطين في قلوب البحرينيين، ذكر «نحن نقدر الظرف الذي يمر فيه العالم العربي الآن بشكل عام، ونتمنى أمس قبل اليوم أن يعود الاستقرار لكل الدول العربية، لأن عودة ذلك والامن والامان والوحدة والقوة في كل الدول العربية هي قوة لكل فلسطين، فقوة العرب هي قوة لفلسطين، وعندما حصل ما حصل وأتوا لنا بما سمي الخريف العربي تراجع الدعم للقضية الفلسطينية كثيراً».
وفيما إذا إذا كان الربيع العربي قد أضر بالقضية الفلسطينية، أوضح «بالتأكيد، وهذا لا علاقة له بالربيع، بل إن هذه مؤامرة على الوطن العربي لتقسيمه وتفتيته، وهو (سايس بيكو) جديدة».
وتبياناً لشواهد من تلك الأضرار، قال: «أولاً تراجع الاهتمام بالموضوع الفلسطيني، حيث بات لكل دولة عربية مشاكلها، وأصبحت مضطرة أن تتابع مشاكلها»، وأضاف «لو كان هناك استقرار كامل في كل الدول العربية لكانت هناك لفتة مميزة، ولكنا قد وصلنا لمرحلة للضغط على العالم وعلى اسرائيل وعلى كل من يقف بجانبها، بأن ينصفوا ويتبنوا المبادرة العربية التي أعلنها المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بينما نحن الآن وضمن هذه الظروف لا يستطيع أحد ان يضغط، بسبب المشاكل المتراكمة».
وفيما إذا كان حديثه هذا يعني أن فلسطين لم تعد أولوية بسبب «الربيع العربي»، بين أن «القضية الفلسطينية لا يمكن نسيانها مهما حصل، فكما يقول جلالة الملك فإن القضية الفلسطينية تبقى القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية، ومهما حصل فمازال جلالة الملك في كل المناسبات يؤكد على ذلك، وكذلك الحال في المملكة العربية السعودية ومصر»، وأضاف «الكل يعلم أنه لا استقرار ولا سلام في المنطقة ولا حتى اجتثاث للإرهاب، من دون حل الموضوع الفلسطيني».
ورأى السفير الفلسطيني، أملاً في استعادة العرب وحدتها بالاتكاء على موقفهم الموحد من القضية الفلسطينية، وقال: «هناك الكثير من القضايا التي يمكن الاختلاف بشأنها بين الدول العربية، أما القضية الفلسطينية فلا اختلاف عليها سواء من الدول أو الشعوب والأحزاب العربية، فهي قاسم مشترك وهي محل اجماع عربي، والاحتفال يأتي في هذا السياق، متجاوزاً دور الفلوكلور ليوجه رسالة نؤكد عبرها على وفائنا للشهيد الرمز ياسر عرفات الذي استشهد من أجل فلسطين ومن أجل عروبة القدس، ومن أجل الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية ونحن في هذا اليوم نقول له: نم قرير العين، لن نتنازل عن الثوابت التي استشهدت من أجلها، وهاهو الرئيس أبو مازن متمسك بهذه الثوابت، ونحن على العهد باقون».
العدد 5184 - الثلثاء 15 نوفمبر 2016م الموافق 15 صفر 1438هـ