بدأ جنود عراقيون مهمة شاقة اليوم الإثنين (14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) لتأمين ما تبقى من مدينة النمرود التي يرجع تاريخها إلى 3000 عام مضت وذلك بعد يوم واحد من طرد مسلحي تنظيم "داعش" الذين اجتاحوا العاصمة الآشورية القديمة ونهبوها.
وهدم المتشددون المتعصبون الذين اجتاحوا شمال العراق في 2014 قصر ومعابد مدينة النمرود التي كانت ذات يوم قلب إمبراطورية تمتد بأنحاء الشرق الأوسط ودمروا مواقع تاريخية اعتبروها ترمز للوثنية.
ويصعب معرفة إذا كان بالإمكان إنقاذ أي من كنوز النمرود قبل وصول خبراء الآثار إلى هناك. وسيستغرق هذا وقتا بسبب مخاوف من أن يكون المسلحون زرعوا قنابل أو ربما يختبئ مقاتلون في الأنفاق وسط الحطام.
وقال ضابط في الفرقة التاسعة المدرعة لرويترز "نكثف المراقبة الآن بطائرات بدون طيار فوق النمرود للتأكد من عدم وجود خطر وشيك."
وقال إن القوات تسيطر على المنطقة لكن لديها تعليمات مشددة "باليقظة التامة" والبقاء خارج النمرود بينما يتم تأمين باقي القرى القريبة. والطائرات بدون طيار التي تحلق فوق المنطقة غير مسلحة.
وقال "نريد التأكد أننا لا نلحق أدنى ضرر بالمباني في النمرود التي تضررت بالفعل على يد داعش."
وتقع النمرود على الضفة الشرقية لنهر دجلة على مسافة 30 كيلومترا جنوبي الموصل حيث يخوض الجنود العراقيون قتالا لسحق تنظيم "داعش".
والموصل هي أكبر مدينة يسيطر عليها تنظيم "داعش" في العراق ودولة سوريا المجاورة.
ولا يزال التنظيم المتشدد يسيطر على بقايا المدينة القديمة في نينوي بوسط الموصل. وهناك موقع آشوري آخر بشمال شرق الموصل هو دور شروكين يقع بالقرب من الصراع الدائر حاليا.
وإلى الجنوب هناك مدينة الحضر الصحراوية التي يرجع تاريخها إلى ألفي عام مضت وتشتهر بمعبد الأعمدة الذي يمزج بين الطراز اليوناني-الروماني والطراز الشرقي وقد استولى عليها المسلحون أيضا في 2014 ودمروها.
ونددت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بتدمير النمرود واعتبرتها جريمة حرب وهجوما على التراث العالمي منوهة بدور بلاد ما وراء النهرين القديمة في الحضارة حيث ازدهرت المراكز الحضرية الأولى وظهرت الكتابة المسمارية على الألواح الفخارية.
وقال قيس حسين رشيد وكيل وزير الثقافة العراقي لرويترز بعد إعلان الجيش استعادة مدينة النمرود إن تحرير المواقع الأثرية العراقية من سيطرة قوى الظلام والشر هو انتصار ليس للعراقيين وحدهم بل للإنسانية كلها.
*تدمير النمرود
وفي سوريا المجاورة تم إخراج تنظيم "داعش" من مدينة تدمر قبل ثمانية أشهر بعد أن فجرت بالديناميت آثارا تشمل معبدين وقوس النصر.
وقال مدير عام الآثار والمتاحف السورية إنه يمكن ترميم معظم آثار تدمر إلا أن تسجيلا مصورا للتدمير الذي ألحقه المسلحون بمدينة النمرود وتقريرا حكوميا صدر في العام الماضي يشيران إلى أن الدمار في العراق واسع.
وجاء في التقرير الذي أصدرته وزارة الثقافة العراقية أن لوحة جدارية منحوتة سرقت من القصر الشمالي في النمرود شهر يوليو تموز 2014. ووقعت أضرار أكبر بعد ذلك بثمانية أشهر.
ودمر المسلحون عشرة تماثيل ضخمة لثيران مجنحة بالقرب من بوابات القصر عند معبد عشتار إله الحب والحرب والجنس والقوة ونابو إله الكتابة والحكمة.
وقال التقرير إن بعد مرور شهر وفي أبريل نيسان 2015 "فجرت العصابات المدينة تماما ومبانيها القديمة."
وتضمن تسجيل مصور نشره مؤيدو تنظيم "داعش" للإيحاء بأنهم يعملون في النمرود لقطات للمتشددين وهم يستخدمون الجرافات والمثاقب الكهربية في تحطيم الجداريات والتماثيل. كما كانوا يعدون البراميل المملوءة بالمتفجرات التي فجروا بها الموقع على ما يبدو.
وفي الأشهر الثلاثة الماضية تظهر الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية أن تنظيم "داعش" هدم بالجرافات على الأرجح الزقورة أو الأبراج المدرجة التي بناها آشور ناصربال الثاني وشلمنصر الثالث في القرن التاسع قبل الميلاد.
وأظهرت الصور التي نشرتها المدارس الأمريكية للدراسات الشرقية في إطار مبادرة التراث الثقافي أن بقايا الزقورة الشاهقة سويت بالأرض في الفترة بين نهاية أغسطس آب ومطلع نوفمبر تشرين الثاني.